أبو عاصم قال: حدّثنا الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم:
«بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطح لهم نور، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الربّ عزّ وجل قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة. فذلك قوله عز وجل سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ماداموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم» [٧٨] «١».
وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ قال ابن عباس: تفرقوا. أبو العالية: تميزوا. السدي:
كونوا على حدة. قتادة: اعدلوا عن كل خير. الضحاك: إنّ لكل كافر في النار بيتا، يدخل ذلك البيت ويردم به بالنار فيكون فيه أبد الآبدين فلا يرى ولا يرى.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٦٠ الى ٨٣]
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨) وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩)
لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤)
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ أي لا تطيعوه في معصية الله. إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ أي أغوى بالدعاء إلى المعصية جِبِلًّا كَثِيراً
قرأ علي رضي الله عنه (جِبِلًا) بالباء مخففا
، وقرأ أهل المدينة وعاصم وأيوب
وأبو عبيد وأبو حاتم بكسر الجيم والباء، وتشديد اللام، وقرأ يعقوب بضم الجيم والباء، وتشديد اللام، وبه قرأ الحسن وعبيد بن عمير وعيسى بن عمر والأشهب، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو بضم الجيم وجزم الباء مخففا، وقرأ الباقون: بضم الجيم والباء وتخفيف اللام، وكلها لغات.
معناه: الخلق والأمة، وإنما اختار أبو عبيد وأبو حاتم ضم الجيم والباء والتشديد لقوله تعالى وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ «١».
أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ. هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ تحذرون، اصْلَوْهَا: ادخلوها الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ فلا يتكلمون. قال قتادة: جرى بينهم خصومات وكلام فكان هذا آخرها.
أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا أبو عامر حامد بن سعدان قال: حدّثنا أحمد بن صالح قال: حدّثنا عبد الله بن وهب قال:
حدّثني عمرو بن الحرث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله، فجحد وخاصم، فيقال له: هؤلاء جيرانك يشهدون. فيقول: كذبوا. فيقال: أهلك وعشيرتك. فيقول: كذبوا. فيقال: احلفوا، فيحلفون.
ثم يصمتهم الله عز وجل ويشهد عليهم ألسنتهم ثم يدخلهم النار» [٧٩] «٢».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا الفربابي قال: حدّثنا هشام بن عمار قال: حدّثنا إسماعيل بن عياش قال: حدّثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلم يقول: «أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال» [٨٠] «٣».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا القطيعي قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حدّثنا أبي قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا الحريري أبو مسعود عن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «يجيئون يوم القيامة على أفواههم الفدام وإنّ أول ما يتكلم من الآدميين فخذه وكفه» [٨١] «٤».
وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ
(٢) مجمع الزوائد: ١٠/ ٣٥١.
(٣) مسند أحمد: ٤/ ١٥١.
(٤) مسند أحمد: ٥/ ٣ بتفاوت.
: فتبادروا إلى الطريق، فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وقد طمسنا أعينهم؟ قال ابن عباس ومقاتل وعطاء وقتادة: يعني ولو نشاء لتركناهم عميا يترددون، فكيف يبصرون الطريق حينئذ؟
وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ، أي أقعدناهم في منازلهم قردة وخنازير، والمسخ تحويل الصورة، فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ إلى ما كانوا عليه، وقيل: لا يستطيعون الذهاب ولا الرجوع.
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ، قرأ الأعمش وعاصم وحمزة بالتشديد. غيرهم بفتح النون وضم الكاف مخففا. أي يرده إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ شبه حال الصبي الذي هو أول الخلق، وقيل: يصيّره بعد القوة إلى الضعف، وبعد الزيادة إلى النقصان، وبعد الحدة والطراوة إلى البلى والخلوقة، فكأنه نكس حاله.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبيش المقرئ قال: حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال: حدّثنا محمد بن حميد قال: حدّثنا مهران بن أبي عمر عن سفيان: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ قال: إذا بلغ ثمانين سنة تغيّر جسمه. أَفَلا يَعْقِلُونَ. وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ لأنه يورث الشبهة.
أخبرني ابن فنجوية قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن إسحاق قال: حدّثنا حامد بن شعيب عن شريح بن يونس قال: حدّثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي عيينة عن أبيه عن الحكم قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتمثل بقول العباس بن مرداس:
«أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة».
قالوا: يا رسول الله إنما قال:
... بين عيينة والأقرع
. فأعادها وقال:
... «بين الأقرع وعيينة»
. فقام إليه أبو بكر رضي الله عنه فقبل رأسه وقال: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [٨٢] «١».
وأخبرنا الحسين بن محمد الحديثي قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا يوسف بن عبد الله بن هامان قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت:
«كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا»
«٢».
فقال أبو بكر: يا نبي الله، إنما قال الشاعر:
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فقال أبو بكر أو عمر: أشهد أنك رسول الله، يقول الله عز وجل: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ.
(٢) تفسير ابن كثير: ٣/ ٥٨٥.
أخبرني الحسين قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن إسحاق المسيبي قال: حدّثنا حامد بن شعيب قال: حدّثنا شريح بن يونس قال: حدّثنا أبو سفيان عن معمر عن قتادة: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ قال: بلغني أنّ عائشة سئلت هل كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت:
كان الشعر أبغض الحديث إليه، قالت: ولم يتمثل بشيء من الشعر إلّا ببيت أخي بني قيس طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا | ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد «١» |
إِنْ هُوَ يعني القرآن إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ. لِتُنْذِرَ بالتاء [وهي قراءة] «٣» أهل المدينة والشام والبصرة إلّا أبا عمرو، والباقون بالياء قال: التاء للنبي صلّى الله عليه وسلم والياء للقرآن. مَنْ كانَ حَيًّا أي عاقلا مؤمنا في علم الله لأن الكافر والجاهل ميّت الفؤاد، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ. أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا يعني عملناه من غير واسطة ولا وكالة ولا شركة، أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ: ضابطون وقاهرون.
وَذَلَّلْناها لَهُمْ: سخرناها فَمِنْها رَكُوبُهُمْ قرأ العامة بفتح الراء أي مركوبهم، كما يقال: ناقة حلوب، أي محلوب، وقرأ الأعمش والحسن: بضم الراء على المصدر.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حمدان قال: حدّثنا ابن هامان قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة قال: في مصحف عائشة:
(ركوبتهم)، والركوب والركوبة واحد مثل: الحمول والحمولة. وَمِنْها يَأْكُلُونَ لحمانها.
وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ من أصوافها ولحومها وغير ذلك من المنافع. وَمَشارِبُ يعني ألبانها أَفَلا يَشْكُرُونَ. وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ أي لتمنعهم من عذاب الله، ولا يكون ذلك قط.
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ في النار لأنهم مع أوثانهم في النار فلا يدفع بعضهم عن بعض النار.
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ يعني تكذيبهم وأذاهم وجفاهم. تم الكلام هاهنا ثم استأنف فقال
(٢) كشف الخفاء: ١/ ٤٤٨.
(٣) في المخطوط: وفي الأحقاف، والظاهر ما أثبتناه.
إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ. أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ جدل بالباطل مُبِينٌ.
واختلفوا في هذا الإنسان من هو؟ فقال ابن عباس: هو عبد الله بن أبيّ، وقال سعيد بن جبير: هو العاص بن وائل السهمي، وقال الحسن: هو أميّة بن خلف،
وقال قتادة: أبي بن خلف الجمحي وذلك أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلم بعظم حائل قد بلي فقال: يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: «نعم، ويبعثك ويدخلك النار» [٨٤] «١»
فأنزل الله هذه الآية: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ بدء أمره، قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ بالية، وإنما لم يقل رميمة لأنه معدول من فاعله وكل ما كان معدولا عن وجهه ووزنه كان مصروفا عن إعرابه كقوله: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا «٢» أسقط الهاء لأنها مصروفة عن باغية.
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها: خلقها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً، وإنما لم يقل الخضر، والشجر- جمع الشجرة- لأنه ردّه إلى اللفظ.
قال ابن عباس: هما شجرتان يقال لإحداهما مرخ، والأخرى العفار. فمن أراد منهم النار قطع منها غصنين مثل السواكين، وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار أنثى فتخرج منهما النار بإذن الله عز وجل.
يقول العرب: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار «٣»، وقال الحكماء: كل شجر فيه نار إلّا العناب. فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ النار فذلك زادهم.
أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ قرأ العامة بالألف، وقرأ يعقوب (بقدر) - على الفعل- عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ، ثم قال: بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ. إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أي وجود شيء، أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
(٢) سورة مريم: ٢٨.
(٣) راجع لسان العرب: ٣/ ٥٣، واستمجد: استفضل أي استكثر من النار. [.....]