
﴿إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم﴾ قوله عز وجل: ﴿إن أصحاب الجنة اليوم في شُغُل فاكهون﴾ فيه أربعة أقاويل: أحدها: في افتضاض الأبكار، قاله الحسن وسعيد بن جبير وابن مسعود وقتادة. الثاني: في ضرب الأوتار، قاله ابن عباس ومسافع بن أبي شريح. الثالث: في نعمة، قاله مجاهد. الرابع: في شغل مما يَلقى أهل النار، قاله إسماعيل بن أبي خالد وأبان بن تغلب. وروي بضم الغين وقرىء بتسكينها وفيها وجهان:
صفحة رقم 24
أحدهما: أن الشغل بالضم المحبوب. الثاني: الشغل بالإسكان يعني المروة، فعلى هذا لا يجوز أن يقرأ بالإسكان في أهل الجنة ولا يقرأ بالضم في أهل النار. ﴿فاكهون﴾ ويقرأ: فكهون، بغير ألف. وفي اختلاف القراءتين وجهان: أحدهما: أنها سواء ومعناهما واحد يقال فاكه وفكه كا يقال حاذر وحذر قاله الفراء. الثاني: أن معناهما في اللغة مختلف فالفكه الذي يتفكه بأعراض الناس. والفاكه ذو الفاكهة، قاله أبو عبيد وأنشد:
(فكه إلى جنب الخوان إذا عدت | نكْباء تقلع ثابت الأطنابِ) |
٨٩ (وغررتني وزعمت أنَّك لابنٌ بالصيف تامر} ٩
أي ذو لبن وتمر. قوله عز وجل: ﴿هم وأزواجُهم في ظلال﴾ فيه وجهان: أحدهما: وأزواجهم في الدنيا من وافقهم على إيمانهم. الثاني: أزواجهم اللاتي زوّجهم الله تعالى بهن في الجنة من الحور العين. ﴿في ظِلال﴾ يحتمل وجهين: صفحة رقم 25

أحدهما: في ظلال النعيم. الثاني: في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم. قوله عز وجل: ﴿لهم فيها فاكهةٌ ولهُم ما يَدَّعون﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: ما يشتهون، قاله يحيى بن سلام. الثاني: ما يسألون، قاله ابن زياد. الثالث: ما يتمنون، قاله أبو عبيدة. الرابع: ما يدعونه فيأتيهم، قاله الكلبي قال الزجاج: وهو مأخوذ من الدعاء. ويحتمل خامساً: ما يدّعون أنه لهم فهو لهم لا يدفعون عنه، وهم مصروفون عن دعوى ما لا يستحقون. قوله عز وجل: ﴿سلامٌ قولاً مِن رَبِّ رحيم﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه سلام الله تعالى عليهم إكراماً لهم، قاله محمد بن كعب. الثاني: أنه تبشير الله تعالى لهم بسلامتهم.
صفحة رقم 26