
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى﴾ أَي: فِي الْآخِرَة، وَيُقَال: يحيي الْقُلُوب الْميتَة بِنور الْإِيمَان، وَقَوله: ﴿ونكتب مَا قدمُوا﴾ أَي: مَا عجلوا.
وَقَوله: ﴿وآثارهم﴾ أَي: ونكتب آثَارهم، وَفِي آثَارهم قَولَانِ:

﴿نحيي الْمَوْتَى ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم وكل شَيْء أحصيناه فِي إِمَام مُبين (١٢) وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة إِذْ جاءها المُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ﴾ أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهَا مَا سنوا من سنة حَسَنَة أَو سَيِّئَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿وآثارهم﴾ أَي: الخطا إِلَى الْمَسَاجِد، وروى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: " أَن بني سَلمَة كَانَت مَنَازِلهمْ فِي نَاحيَة من الْمَسْجِد أَي: بعيدَة؛ فأرادوا أَن يَنْتَقِلُوا إِلَى قرب الْمَسْجِد، وَقَالَ لَهُم النَّبِي: مَنَازِلكُمْ، مَنَازِلكُمْ، تكْتب آثَاركُم، فتركوا الِانْتِقَال ".
وَقد ورد فِي الْخَبَر عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، لَا ينقص من أُجُورهم شَيْء، وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَلهُ وزرها ووزر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، لَا ينقص من أوزارهم شَيْء ".
وَقَوله: ﴿وكل شَيْء أحصيناه فِي إِمَام مُبين﴾ أَي: جمعناه فِي كتاب مُبين، وَالْإِمَام الْمُبين هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ.