
نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً
اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ يعني إنزال العذاب على الذين كذبوا برسلهم من الأمم قبلهم فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا وفي معنى الآية قوله تعالى: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها [الأنعام: ١٥٦- ١٥٧]. وقوله تعالى: وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الصافات: ١٦٧- ١٧٠].
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً (٤٤) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً (٤٥)
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا أي بما اقترفوا من معاصيهم ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ أي من نسمة تدب، لشؤم معاصيهم، والضمير للأرض لسبق ذكرها. وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي يؤخر عقابهم ومؤاخذتهم بما كسبوا إلى أجل معلوم عنده فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً أي فإذا جاء أجل عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرا بمن يستحق أن يعاقب، وبمن يستوجب الكرامة.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة يسهي مكية. واستثنى منها بعضهم قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ [يس: ١٢] الآية، لما أخرجه الترمذيّ «١» والحاكم عن أبي سعيد قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة. فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد فنزلت هذه الآية. ولا حاجة لدعوى الاستثناء فيها وفي نظائرها. لأن ذلك مبنيّ على أن المراد بالنزول أن الواقعة كانت سببا لنزولها، مع أن النزول في الآثار يشمل ذلك، وكل ما تصدق عليه الآية، كما بيناه مرارا. لا سيما في المقدمة. يؤيده أنه جاء في هذه الرواية أنه صلّى الله عليه وسلّم قرأ لهم هذه الآية. كما في رواية الصحيحين «٢». وهكذا يقال فيما روي أن آية وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [يس: ٣٧]. من هذه السورة نزلت في المنافقين. فإن المراد ما ذكرناه. ولم يهتد لهذا التحقيق أرباب الحواشي هنا، فاحفظه. وآيها ثلاث وثمانون آية. ومما روي في فضلها ما أخرجه «٣» الترمذيّ عن أنس رفعه: إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس، وفي إسناده ضعف.
(٢) أخرجه البخاري في: الأذان، ٣٣- باب احتساب الآثار، حديث ٤١٥، عن أنس، وليس في مسلم.
(٣) أخرجه في: ثواب القرآن، ٧- باب ما جاء في فضل يس.