آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾ قَالَ: هم أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ورثهم الله كل كتاب أنزل فظالمهم مغْفُور لَهُ ومقتصدهم يُحَاسب حسابا يَسِيرا وسابقهم يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

صفحة رقم 23

وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: فِي هَذِه الْآيَة ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ كلهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة وَكلهمْ فِي الْجنَّة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قَالَ الله تَعَالَى ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات بِإِذن الله﴾ فَأَما الَّذين سبقوا فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
وَأما الَّذين اقتصدوا فَأُولَئِك الَّذين يحاسبون حسابا يَسِيرا وَأما الَّذين ظلمُوا أنفسهم فَأُولَئِك يحبسون فِي طول الْمَحْشَر ثمَّ هم الَّذين تلقاهم الله برحمة فهم الَّذين يَقُولُونَ ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن إِن رَبنَا لغَفُور شكور الَّذِي أحلنا دَار المقامة من فَضله لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب﴾ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِن أَكثر الرِّوَايَات فِي حَدِيث ظهر أَن للْحَدِيث أصلا
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن صهْبَان قلت لعَائِشَة: أَرَأَيْت قَول الله ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب﴾
قَالَت: أما السَّابِق فقد مضى فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشهد لَهُ بِالْجنَّةِ
وَأما المقتصد فَمن اتبع أَمرهم فَعمل بِمثل أَعْمَالهم حَتَّى يلْحق بهم
وَأما الظَّالِم لنَفسِهِ فمثلي وَمثلك وَمن اتَّبعنَا
وكل فِي الْجنَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن اسامة بن زيد رَضِي الله عَنهُ ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كلهم من هَذِه الْأمة وَكلهمْ فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمتِي ثَلَاثَة أَثلَاث
فثلث يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
وَثلث يحاسبون حسابا يَسِيرا ثمَّ يدْخلُونَ الْجنَّة
وَثلث يمحصون ويكسفون ثمَّ تَأتي الْمَلَائِكَة فَيَقُولُونَ: وجدناهم يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده فَيَقُول الله: أدخلوهم الْجنَّة بقَوْلهمْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده واحملوا خطاياهم على أهل التَّكْذِيب وَهِي الَّتِي قَالَ الله وليحملن أثقالهم وأثقالاً

صفحة رقم 24

مَعَ أثقالهم وَتَصْدِيقًا فِي الَّتِي ذكر الْمَلَائِكَة قَالَ الله تَعَالَى ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾ فجعلهم ثَلَاثَة أَنْوَاع ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ فَهَذَا الَّذِي يكسف ويمحص ﴿وَمِنْهُم مقتصد﴾ وَهُوَ الَّذِي يُحَاسب حسابا يَسِيرا ﴿وَمِنْهُم سَابق بالخيرات﴾ فَهُوَ الَّذِي يلج الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب باذن الله
يدْخلُونَهَا جَمِيعًا لم يفرق بَينهم ﴿يحلونَ فِيهَا من أساور من ذهب﴾ إِلَى قَوْله ﴿لغوب﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: هَذِه الْآيَة ثَلَاثَة أَثلَاث يَوْم الْقِيَامَة
ثلث يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَثلث يحاسبون حسابا يَسِيرا وَثلث يحبسون بذنوب عِظَام إِلَّا أَنهم لم يشركوا
فَيَقُول الرب (أدخلُوا هَؤُلَاءِ فِي سَعَة رَحْمَتي) ثمَّ قَرَأَ ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ إِذا نزع بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ: أَلا إِن سَابِقنَا سَابق ومقتصنا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ
وَأخرج الْعقيلِيّ وَابْن لال وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عمر بن الْخطاب
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سَابِقنَا سَابق ومتقصدنا نَاجٍ وَظَالِمنَا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ وَقَرَأَ عمر ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾
وَأخرج ابْن النجار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَابِقنَا سَابق وَمُقْتَصِدنَا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السَّابِق بالخيرات يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
والمقتصد برحمة الله والظالم لنَفسِهِ وَأَصْحَاب الْأَعْرَاف يدْخلُونَ الْجنَّة بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن عَفَّان: أَنه نزع بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ: إِن سَابِقنَا أهل جِهَاد
أَلا وَأَن مقتصدنا نَاجٍ أهل حَضَرنَا أَلا وَأَن ظالمنا أهل بدونا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَوْله ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ قَالَ: أشهد على الله أَنه يدخلهم الْجنَّة جَمِيعًا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة

صفحة رقم 25

﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾ قَالَ: كلهم نَاجٍ وَهِي هَذِه الْأمة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب﴾
قَالَ: هِيَ مثل الَّذِي فِي الْوَاقِعَة (فأصحاب الميمنة) (وَأَصْحَاب المشئمة) (وَالسَّابِقُونَ) صنفان ناجيان وصنف هَالك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾
قَالَ ﴿ظَالِم لنَفسِهِ﴾ هُوَ الْكَافِر والمقتصد أَصْحَاب الْيَمين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب الْأَحْبَار أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾ إِلَى قَوْله ﴿لغوب﴾ قَالَ: دخلوها وَرب الْكَعْبَة وَفِي لفظ قَالَ: كلهم فِي الْجنَّة
أَلا ترى على أَثَره (وَالَّذين كفرُوا لَهُم نَار جَهَنَّم) فَهَؤُلَاءِ أهل النَّار فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: أَبَت ذَلِك عَلَيْهِم الْوَاقِعَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْجنَّة فَقَالَ مسوّرون بِالذَّهَب وَالْفِضَّة مكللة بالدر وَعَلَيْهِم أكاليل من در وَيَاقُوت متواصلة وَعَلَيْهِم تَاج كتاج الْمُلُوك جرد مرد مكحلون
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن حُذَيْفَة
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يبْعَث الله النَّاس على ثَلَاثَة أَصْنَاف وَذَلِكَ فِي قَول الله ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات﴾ فَالسَّابِق بالخيرات يدْخل الْجنَّة بِلَا حِسَاب والمقتصد يُحَاسب حسابا يَسِيرا والظالم لنَفسِهِ يدْخل الْجنَّة برحمة الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب﴾ قَالَ: جعل الله أهل الإِيمان على ثَلَاثَة منَازِل كَقَوْلِه (أَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال) (وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (أُولَئِكَ المقربون) (الْوَاقِعَة ٨ - ١١) فهم على هَذَا الْمِثَال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ قَالَ: الْكَافِر

صفحة رقم 26

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ قَالَ: هَذَا الْمُنَافِق ﴿وَمِنْهُم مقتصد﴾ قَالَ: هَذَا صَاحب الْيَمين ﴿وَمِنْهُم سَابق بالخيرات﴾ قَالَ: هَذَا المقرب قَالَ قَتَادَة: كَانَ النَّاس ثَلَاث منَازِل عِنْد الْمَوْت وَثَلَاث منَازِل فِي الدُّنْيَا وَثَلَاث منَازِل فِي الْآخِرَة
فَأَما الدُّنْيَا فَكَانُوا مُؤمن ومنافق ومشرك
وَأما عِنْد الْمَوْت فَإِن الله قَالَ: (فَأَما إِن كَانَ من المقربين
) (الْوَاقِعَة ٨٨) (وَأما إِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين
) (الْوَاقِعَة ٩٠) (وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين) (الْوَاقِعَة ٩٢)
وَأما الْآخِرَة فَكَانُوا أَزْوَاجًا ثَلَاثَة (فأصحاب الميمنة) (وَأَصْحَاب المشئمة) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون)
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ قَالَ: هُوَ الْمُنَافِق سقط والمقتصد وَالسَّابِق بالخيرات فِي الْجنَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد بن عُمَيْر فِي الْآيَة قَالَ: كلهم صَالح
وَأخرج عبد بن حميد عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: قَالَ كَعْب يلومني أَحْبَار بني إِسْرَائِيل: إِنِّي دخلت فِي أمة فرقهم الله ثمَّ جمعهم ثمَّ أدخلهم الْجنَّة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾ حَتَّى بلغ ﴿جنَّات عدن يدْخلُونَهَا﴾ قَالَ: قَالَ فادخلهم الله الْجنَّة جَمِيعًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: الْعلمَاء ثَلَاثَة
مِنْهُم عَالم لنَفسِهِ وَلغيره فَذَلِك أفضلهم وَخَيرهمْ
وَمِنْهُم عَالم لنَفسِهِ محسن
وَمِنْهُم عَالم لَا لنَفسِهِ وَلَا لغيره فَذَلِك شرهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ قَالَ: قَرَأت فِي كتاب الله أَن هَذِه الْأمة تصنف يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة أَصْنَاف
صنف مِنْهُم يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب
وصنف يحاسبهم الله حسابا يَسِيرا ويدخلون الْجنَّة
وصنف يوقفون وَيُؤْخَذ مِنْهُم مَا شَاءَ الله ثمَّ يدركهم عَفْو الله وتجاوزه
وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب فِي قَوْله ﴿جنَّات عدن يدْخلُونَهَا﴾ قَالَ: دخلوها وَرب الْكَعْبَة فَأخْبر الْحسن بذلك فَقَالَ: أَبَت وَالله ذَلِك عَلَيْهِم الْوَاقِعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن

صفحة رقم 27

الْحَارِث أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن قَوْله ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا﴾
نَجوا كلهم ثمَّ قَالَ: تحاكت مَنَاكِبهمْ وَرب الْكَعْبَة ثمَّ أعْطوا الْفضل بأعمالهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ: أَعْطَيْت هَذِه الْأمة ثَلَاثًا لم تعطها أمة كَانَت قبلهَا ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ مغْفُور لَهُ ﴿وَمِنْهُم مقتصد﴾ فِي الْجنان ﴿وَمِنْهُم سَابق﴾ بِالْمَكَانِ الْأَعْلَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ قَالَ: هم أَصْحَاب المشئمة ﴿وَمِنْهُم مقتصد﴾ قَالَ: هم أَصْحَاب الميمنة ﴿وَمِنْهُم سَابق بالخيرات بِإِذن الله﴾ قَالَ: هم السَّابِقُونَ من النَّاس كلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ذَلِك هُوَ الْفضل الْكَبِير﴾ قَالَ: ذَاك من نعْمَة الله
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله ﴿جنَّات عدن يدْخلُونَهَا يحلونَ فِيهَا من أساور من ذهب ولؤلؤا﴾ فَقَالَ: إِن عَلَيْهِم التيجان
إِن أدنى لؤلؤة مِنْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله أهل الْجنَّة حِين دخلُوا الْجنَّة ﴿وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: هم قوم كَانُوا فِي الدُّنْيَا يخَافُونَ الله ويجتهدون لَهُ فِي الْعِبَادَة سرا وَعَلَانِيَة وَفِي قُلُوبهم حزن من ذنُوب قد سلفت مِنْهُم فهم خائفون أَن لَا يتَقَبَّل مِنْهُم هَذَا الِاجْتِهَاد من الذُّنُوب الَّتِي سلفت
فَعندهَا ﴿وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن إِن رَبنَا لغَفُور شكور﴾ غفر لنا الْعَظِيم وشكر لنا الْقَلِيل من أَعمالنَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: حزن النَّار
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: مَا كَانُوا يعْملُونَ

صفحة رقم 28

وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمُهَاجِرُونَ هم السَّابِقُونَ الْمُدِلُّون على رَبهم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ انهم لَيَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة على عواتقهم السِّلَاح فيقرعون بَاب الْجنَّة فَتَقول لَهُم الخزنة من أَنْتُم فَيَقُولُونَ: نَحن الْمُهَاجِرُونَ فَتَقول لَهُم الخزنة: هَل حوسبتم فيجثون على ركبهمْ ويرفعون أَيْديهم إِلَى السَّمَاء فَيَقُولُونَ: أَي رب أبهذه نحاسب قد خرجنَا وَتَركنَا الْأَهْل وَالْمَال وَالْولد فيمثل الله لَهُم أَجْنِحَة من ذهب مخوّصة بالزبرجد والياقوت فيطيرون حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة فَذَلِك قَوْله ﴿وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب﴾ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلهم بمنازلهم فِي الْجنَّة أعرف مِنْهُم بمنازلهم فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ دخلُوا الْجنَّة ﴿وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: حزنهمْ هُوَ الْحزن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: الْجُوع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: طلب الْخبز فِي الدُّنْيَا فَلَا نهتم لَهُ كاهتمامنا لَهُ فِي الدُّنْيَا طلب الْغَدَاء وَالْعشَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَنْبَغِي لمن يحزن أَن يخَاف أَن لَا يكون من أهل الْجنَّة لأَنهم قَالُوا ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ وَيَنْبَغِي لمن يشفق أَن يخَاف أَن لَا يكون من أهل الْجنَّة لأَنهم (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قبل فِي أهلنا مشفقين) (الطّور الْآيَة ٢٦)
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن﴾ قَالَ: حزن الطَّعَام ﴿إِن رَبنَا لغَفُور شكور﴾ قَالَ: غفر لَهُم الذُّنُوب الَّتِي عملوها وشكر لَهُم الْخَيْر الَّذِي دلهم عَلَيْهِ فعملوا بِهِ فأثابهم عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة العَبْد

صفحة رقم 29

بدواوين ثَلَاث
بديوان فِيهِ النعم
وديوان فِيهِ ذنُوبه
وديوان فِيهِ حَسَنَاته
فَيُقَال لأصغر نعْمَة عَلَيْهِ: قومِي فاستوفي ثمنك من حَسَنَاته فتقوم فتستوهب تِلْكَ النِّعْمَة حَسَنَاته كلهَا وتبقي بَقِيَّة النعم عَلَيْهِ وذنوبه كَامِلَة
فَمن ثمَّ يَقُول العَبْد إِذا أدخلهُ الله الْجنَّة ﴿إِن رَبنَا لغَفُور شكور﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن رَبنَا لغَفُور شكور﴾ يَقُول ﴿غَفُور﴾ لذنوبهم ﴿شكور﴾ لحسناتهم ﴿الَّذِي أحلنا دَار المقامة من فَضله﴾ قَالَ: أَقَامُوا فَلَا يتحوّلون وَلَا يحوّلون ﴿لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب﴾ قَالَ: قد كَانَ الْقَوْم ينصبون فِي الدُّنْيَا فِي طَاعَة الله وهم قوم جهدهمْ الله قَلِيلا ثمَّ أراحهم كثيرا فهنيئاً لَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله إِن النّوم مِمَّا يُقِرُّ الله بِهِ أَعيننَا فِي الدُّنْيَا فَهَل فِي الْجنَّة من نوم قَالَ: لَا إِن النّوم شريك الْمَوْت وَلَيْسَ فِي الْجنَّة موت قَالَ: يَا رَسُول الله فَمَا راحتهم فأعظم ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا لغوب كل أَمرهم رَاحَة فَنزلت ﴿لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿لَا يمسنا فِيهَا نصب﴾ أَي وجع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿لغوب﴾ قَالَ: إعياء
الْآيَات ٣٧ - ٣٨

صفحة رقم 30
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية