آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

سورة فاطر
مكية
وآياتها خمس وأربعون آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣)
شرح الكلمات:
الحمد لله: أي قولوا الحمد لله فإنه واجب الحمد ومقتضى الحمد ما ذكر بعد.
فاطر السموات والأرض: أي خالقهما على غير مثال سابق.
جاعل الملائكة رسلا: أي جعل منهم رسلا إلى الأنبياء كجبريل عليه السلام.
أولي أجنحة: أي ذوي أجنحة جمع جناح كجناح الطير.
يزيد في الخلق ما يشاء: أي يزيد على الثلاثة ما يشاء فإن لجبريل ستمائة جناح.
وما يمسك: أي الله من الرحمة فلا أحد يرسلها غيره سبحانه وتعالى.
وهو العزيز الحكيم: أي الغالب على أمره الحكيم في تدبيره وصنعه.
اذكروا نعمة الله عليكم: أي اذكروا نعمه تعالى عليكم في خلقكم ورزقكم وتأمينكم في حرمكم.
هل من خالق غير الله: أي لا خالق لكم غير الله ولا رازق لكم يرزقكم.
من السماء والأرض: أي بإنزال المطر من السماء وإنبات الزروع في الأرض.

صفحة رقم 335

لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق إلا هو إذاً فاعبدوه ووحدوه.
فأنى تؤفكون: أي كيف تصرفون عن توحيده مع اعترافكم بأنه وحده الخالق الرازق.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ (١) السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي الشكر الكامل والحمد التام لله استحقاقاً، والكلام خرج مخرج الخبر ومعناه الإنشاء أي قولوا الحمد لله. واشكروه كما هو أيضاً إخبار منه تعالى بأن الحمد له ولا مستحقه غيره ومقتضى حمده فطره السموات والأرض أي خلقه لهما على غير مثال سابق ولا نموذج حاكاه في خلقهما. وجعله الملائكة (٢) رسلاً إلى الأنبياء وإلى من يشاء من عباده بالإلهام والرؤيا الصالحة. وقوله ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾ صفة للملائكة أي أصحاب أجنحة مثنى أي اثنين اثنين، وثلاث أي ثلاثة ثلاثة، ورباع أي أربعة أربعة. وقوله ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ﴾ أي خلق الأجنحة ما يشاء فقد خلق لجبريل عليه السلام ستمائة جناح كما أخبر بذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحاح ويزيد في خلق (٣) ما يشاء من مخلوقاته وهو على كل شيء قدير.
وقوله تعالى ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ (٤) فَلا مُمْسِكَ لَهَا﴾ يخبر تعالى أن مفاتيح كل شيء بيده فما يفتح للناس من أرزاق وخيرات وبركات لا يمكن لأحد من خلقه أن يمسكها دونه وما يمسك من ذلك فلا يستطيع أحد من خلقه أن يرسله، وهو وحده العزيز الغالب على أمره ومراده فلا مانع لما أعطى ولا راد لما قضى الحكيم في صنعه وتدبير خلقه. وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ هذا نداؤه تعالى لأهل مكة من قريش يأمرهم (٥) بعده بأن يذكروا نعمه تعالى عليهم حيث خلقهم ووسع أرزاقهم وجعل لهم حرماً آمنا والناس يتخطفون من

١ - يصح في فاطر الجر على النعت والرفع على القطع أي هو فاطر والنصب على المدح أي أمدح فاطر، والفطر: الشق يقال فطرته فانفطر وتفطر، وفطر ناب البعير إذا شق اللحم وطلع، والفاطر: الخالق، قال ابن عباس كنت لا أدري ما "فاطر السموات والأرض" حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أي أنا ابتدأتها والمراد بالسموات والأرض العالم كله.
٢ - المراد بالملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزائيل "وملك الموت" وما شاء الله.
٣ - جائز أن يكون في ملاحة العين والحسن في الأنف والحلاوة في الفم، وفي الصوت الحسن والشعر الحسن والحظ الحسن كل هذا مذكور وداخل في العبارة فإنها عامة.
٤ - لفظ الرحمة نكرة دال على الكثرة والشيوع فهو يتناول كل ما هو رحمة من النبوة والعلم إلى المطر والرزق إلى النصر والفوز.
٥ - أي بعد أن ناداهم أمرهم بأن يذكروا نعمه عليهم إذ نداء المأمور يلفت نظره ويحضر حواسه لاستقبال ما يلقى إليه ويؤمر به أو يحذر منه.

صفحة رقم 336

حولهم خائفون يأمرهم بذكر نعمه لأنهم إذا ذكروها شكروها بالإيمان به وتوحيده. وقوله ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ والجواب لا أحد إذ لا خالق إلا هو ولا رازق سواه فهو الذي خلقهم ومن السماء والأرض رزقهم. السماء تمطر والأرض تنبت بأمره. إذاً فلا إله إلا هو أي لا معبود بحق إلا هو فكيف تصرفون عن الحق بعد معرفته إن حالكم لعجب.
هذا ما دل عليه قوله تعالى ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ (١) اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب حمد الله تعالى وشكره على إنعامه.
٢- تقرير الرسالة والنبوة لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإخباره أنه جاعل الملائكة رسلاً.
٣- وجوب اللجوء إلى الله تعالى في طلب الخير ودفع الضر فإنه بيده خزائن كل شيء.
٤- وجوب ذكر النعم ليكون ذلك حافزاً على شكرها بطاعة الله ورسوله.
٥- تقرير التوحيد بالأدلة العقلية التي لا ترد.
٦- العجب من حال المشركين يقرون بانفراد الله تعالى بخلقهم ورزقهم ويعبدون معه غيره.
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)

١ - قرئ غير الله بالجر وقرأ الجمهور بالرفع على محل خالق المرفوع محلاً في الآية دليل على أن الخير والشر كلاهما من خلق الله تعالى.

صفحة رقم 337
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية