آيات من القرآن الكريم

لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

- قَوْله تَعَالَى: لقد كَانَ لسبإ فِي مساكنهم آيَة جنتان عَن يَمِين وشمال كلوا من رزق ربكُم واشكروا لَهُ بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور فأعرضوا فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط واثل وَشَيْء من سدر قَلِيل ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة وقدرنا فِيهَا السّير سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أَحَادِيث ومزقناهم كل ممزق إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور
أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن فَرْوَة بن مسيك الْمرَادِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا أقَاتل من أدبر من قومِي بِمن أقبل مِنْهُم فَأذن لي فِي قِتَالهمْ وَأَمرَنِي فَلَمَّا خرجت من عِنْده أرسل فِي أثري فردني فَقَالَ ادْع الْقَوْم فَمن أسلم مِنْهُم فاقبل مِنْهُ وَمن لم يسلم فَلَا تعجل حَتَّى أحدث إِلَيْك وَأنزل فِي سبأ مَا أنزل فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا سبأ أَرض أم امْرَأَة قَالَ: لَيْسَ بِأَرْض وَلَا امْرَأَة وَلكنه رجل ولد عشرَة من الْعَرَب فَتَيَامَنَ مِنْهُم

صفحة رقم 686

سِتَّة وتشاءَمَ مِنْهُم أَرْبَعَة فاما الَّذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة
وَأما الَّذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وَكِنْدَة ومذحج وأنمار
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا أَنْمَار قَالَ: الَّذين مِنْهُم خثعم وبجيلة
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سبأ أرجل هُوَ أَو امْرَأَة أم أَرض فَقَالَ: بل هُوَ رجل ولد عشرَة فسكن الْيمن مِنْهُم سِتَّة وبالشام مِنْهُم أَرْبَعَة فَأَما اليمانيون فمذحج وَكِنْدَة والأزد والأشعريون وأنمار وحِمْيَر
وَأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (لقد كَانَ لسبإ) بالخفض منوّنة مَهْمُوزَة (فِي مساكنهم) على الْجِمَاع بِالْألف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن يحيى بن وثاب أَنه يَقْرَأها ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لسأ جنتان بَين جبلين فَكَانَت الْمَرْأَة تمر ومكتلها على رَأسهَا فتمشي بَين جبلين فتمتلىء فَاكِهَة وَمَا مسته بِيَدِهَا فَلَمَّا طغوا بعث الله عَلَيْهِم دَابَّة يُقَال لَهَا: الجرذ فَنقبَ عَلَيْهِم فغرقهم فَمَا بَقِي مِنْهُم الا أثل وَشَيْء من سدر قَلِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
قَالَ لم يكن يرى فِي قريتهم بعوضة قطّ وَلَا ذُبَاب وَلَا برغوث وَلَا عقرب وَلَا حَيَّة وان الركب لَيَأْتُونَ فِي ثِيَابهمْ الْقمل وَالدَّوَاب فَمَا هُوَ إِلَّا أَن ينْظرُوا إِلَى بيوتها فتموت تِلْكَ الدَّوَابّ وَإِن كَانَ الإِنسان ليدْخل الجنتين فَيمسك القفة على رأسة وَيخرج حِين يخرج وَقد امْتَلَأت تِلْكَ القفة من أَنْوَاع الْفَاكِهَة وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا بِيَدِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور﴾ قَالَ: هَذِه الْبَلَد طيبَة وربكم غَفُور لذنوبكم
وَفِي قَوْله ﴿فاعرضوا﴾ قَالَ: بطر الْقَوْم أَمر الله وَكَفرُوا نعْمَته

صفحة رقم 687

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل سبأ أعْطوا مَا لم يُعْطه أحد من أهل زمانهم فَكَانَت الْمَرْأَة تخرج على رَأسهَا المكتل فتريد حَاجَتهَا فَلَا تبلغ مَكَانهَا الَّذِي تُرِيدُ حَتَّى يمتلىء مِكْتَلُهَا من أَنْوَاع الْفَاكِهَة فَأَجْمعُوا ذَلِك فكذبوا رسلهم وَقد كَانَ السَّيْل يَأْتِيهم من مسيرَة عشرَة أَيَّام حَتَّى يسْتَقرّ فِي وَادِيهمْ فَيجمع المَاء من تِلْكَ السُّيُول وَالْجِبَال فِي ذَلِك الْوَادي وَكَانُوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وَكَانُوا يفتحون اذا شاؤا من ذَلِك المَاء فيسقون جنانهم إِذا شَاءُوا فَلَمَّا غضب الله عَلَيْهِم وَأذن فِي هلاكهم دخل رجل إِلَى جنته - وَهُوَ عَمْرو بن عَامر فِيمَا بلغنَا وَكَانَ كَاهِنًا - فَنظر إِلَى جرذة تنقل أَوْلَادهَا من بطن الْوَادي إِلَى أَعلَى الْجَبَل فَقَالَ: مَا نقلت هَذِه أَوْلَادهَا من هَهُنَا إِلَّا وَقد حضر أهل هَذِه الْبِلَاد عَذَاب وَيقدر أَنَّهَا خرقت ذَلِك العرم فنقبت نقباً فَسَالَ ذَلِك النقب مَاء إِلَى جنته فَأمر عَمْرو بن عَامر بذلك النقب فسد فَأصْبح وَقد انفجر بأعظم مَا كَانَ فَأمر بِهِ أَيْضا فسد ثمَّ انفجر بأعظم مَا كَانَ فَلَمَّا رأى ذَلِك دَعَا ابْن أَخِيه فَقَالَ: إِذا أَنا جَلَست العشية فِي نَادِي قومِي فائتني فَقل: علام تحبس عَليّ مَالِي فَإِنِّي سأقول لَيْسَ لَك عِنْدِي مَال وَلَا ترك أَبوك شَيْئا وَإنَّك لَكَاذِب
فَإِذا أَنا كذبتك فَكَذبنِي وأردد عليّ مثل مَا قلت لَك فَإِذا فعلت ذَلِك فَإِنِّي سأشتمك فاشتمني
فَإِذا أَنْت شتمتني لطمتك فَإِذا أَنا لطمتك فَقُمْ فالطمني
قَالَ: مَا كنت لاستقبلك بذلك يَا عَم قَالَ: بلَى
فافعل فَإِنِّي أُرِيد بهَا صلاحك وَصَلَاح أهل بَيْتك فَقَالَ الْفَتى فَلَطَمَهُ فَقَالَ الشَّيْخ: يَا معشر بني فلَان الطم فِيكُم لَا سكنت فِي بلد لطمني فِيهِ فلَان أبدا من يبْتَاع مني
فَلَمَّا عرف الْقَوْم مِنْهُ الْجد أَعْطوهُ فَنظر إِلَى أفضلهم عَطِيَّة فَأوجب لَهُ البيع فَدَعَا بِالْمَالِ فنقده وَتحمل هُوَ وَبَنوهُ من ليلته فَتَفَرَّقُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي سبأ كهنة وَكَانَت الشَّيَاطِين يسْتَرقونَ السّمع فَأخْبرُوا الكهنة بِشَيْء من أَخْبَار السَّمَاء وَكَانَ فيهم رجل كَاهِن شرِيف كثير المَال أَنه أخبر أَن زَوَال أَمرهم قد دنا وَأَن الْعَذَاب قد أظلهم فَلم يدر كَيفَ يصنع لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَال كثير من عقر فَقَالَ لرجل

صفحة رقم 688

من بنيه وَهُوَ أعزهم أخوالاً: إِذا كَانَ غَدا وأمرتك بِأَمْر فَلَا تَفْعَلهُ فَإِذا نهرتك فَانْتَهرنِي فَإِذا تناولتك فالطمني قَالَ: يَا أَبَت لَا تفعل إِن هَذَا أَمر عَظِيم وَأمر شَدِيد قَالَ: يَا بني قد حدث أَمر لَا بُد مِنْهُ فَلم يزل حَتَّى هيأه على ذَلِك فَلَمَّا أَصْبحُوا وَاجْتمعَ النَّاس قَالَ: يَا بني افْعَل كَذَا وَكَذَا
فَأبى فانتهره أَبوهُ فَأَجَابَهُ فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى تنَاوله أَبوهُ فَوَثَبَ على أَبِيه فَلَطَمَهُ فَقَالَ: ابْني يلطمني عليَّ بالشفرة قَالُوا: وَمَا تصنع بالشفرة قَالَ: اذبحه قَالُوا: تذبح ابْنك الطمه واصنع مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه فأرسلوا إِلَى أَخْوَاله فاعلموهم بذلك فجَاء أَخْوَاله فَقَالُوا: خُذ منا مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه قَالُوا: فلتموتن قبل أَن تَدعُوهُ قَالَ: اشْتَروا مني دوري اشْتَروا مني أرضي فَلم يزل حَتَّى بَاعَ دوره وأرضه وعقاره
فَلَمَّا صَار الثّمن فِي يَده وأحرزه قَالَ: أَي قوم أَن الْعَذَاب قد أظلكم وَزَوَال أَمركُم قد دنا فَمن أَرَادَ مِنْكُم دَارا جَدِيدا وجملاً شَدِيدا وسفراً فليلحق بعمان وَمن أَرَادَ مِنْكُم الْخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى
وَمن أَرَادَ مِنْكُم الراسخات فِي الوحل المطعمات فِي الْمحل المقيمات فِي الضحل فليلحق بِيَثْرِب ذَات نخل فأطاعه قوم فَخرج أهل عمان إِلَى عمان وَخرجت غَسَّان إِلَى بصرى وَخرجت الْأَوْس والخزرج وَبَنُو كَعْب بن عَمْرو إِلَى يثرب فَلَمَّا كَانُوا بِبَطن نخل قَالَ بَنو كَعْب: هَذَا مَكَان صَالح لَا نبتغي بِهِ بَدَلا فأقاموا فَلذَلِك سموا خُزَاعَة لأَنهم انخزعوا عَن أَصْحَابهم وَأَقْبَلت الْأَوْس والخزرج حَتَّى نزلُوا بِيَثْرِب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿لقد كَانَ لسبإ﴾
قَالَ: كَانَ لَهُم مجْلِس مشيد بالمرمر فَأَتَاهُم نَاس من النَّصَارَى فَقَالُوا: أشكروا الله الَّذِي أَعْطَاكُم هَذَا قَالُوا: وَمن أعطاناه إِنَّمَا كَانَ لآبائنا فورثناه فَسمع ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام إِن لم تأت غَدا وَأَنا فِي مجْلِس قومِي فتصك وَجْهي فَفعل ذَلِك فَقَالَ: لَا أقيم بِأَرْض فعل هَذَا ابْني بِي فِيهَا إِلَّا من بيتاع مني مَالِي فَابْتَدَرَهُ النَّاس فابتاعوه

صفحة رقم 689

فَبعث الله جرذاً أعمى يُقَال لَهُ الْخلد من جرذان عمى فَلم يزل يحْفر السد حَتَّى خرقه فانهدم وَذهب المَاء بالجنتين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد بعث الله إِلَى سبأ ثَلَاثَة عشر نَبيا فكذبوهم وَكَانَ لَهُم سد كَانُوا قد بنوه بنياناً أبدا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يرد عَنْهُم السَّيْل إِذا جَاءَ أَن يغشى أَمْوَالهم وَكَانَ فِيمَا يَزْعمُونَ فِي علمهمْ من كهانتهم أَنه إِنَّمَا يخرب سدهم ذَلِك فارة فَلم يتْركُوا فُرْجَة بَين حجرين إِلَّا ربطو عِنْدهَا هرة فَلَمَّا جَاءَ زَمَانه وَمَا أَرَادَ الله بهم من التَّفْرِيق أَقبلت فِيمَا يذكرُونَ فَأْرَة حَمْرَاء إِلَى هرة من تِلْكَ الهرر فساورنها حَتَّى استأخرت عَنْهَا الْهِرَّة فَدخلت فِي الفرجة الَّتِي كَانَت عِنْدهَا فتغلغلت بالسد فحفرت فِيهِ حَتَّى رققته للسيل وهم لَا يَدْرُونَ فَلَمَّا أَن جَاءَ السَّيْل وجد عللاً فَدخل فِيهِ حَتَّى قلع السد وفاض على الْأَمْوَال فاحتملها فَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا مَا ذكر عَن الله تبَارك وَتَعَالَى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت أَوديَة الْيمن تسيل إِلَى وَادي سبأ وَهُوَ وَاد بَين جبلين فَعمد أهل سبأ فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَتركُوا مَا شَاءُوا لجناتهم فعاشوا بذلك زَمَانا من الدَّهْر ثمَّ إِنَّهُم عتوا وَعمِلُوا بِالْمَعَاصِي فَبعث الله على ذَلِك السد جرذاً فنقبه عَلَيْهِم فَعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمَكَان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وَائِل الاثل الْقصير من الشّجر الَّذِي يصنعون مِنْهُ الأقداح
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: الشَّديد
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: المنساة بلحن الْيمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: ﴿العرم﴾ بِالْحَبَشَةِ وَهِي المنساة الَّتِي يجْتَمع فِيهَا المَاء ثمَّ ينشف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ ﴿العرم﴾ اسْم الْوَادي
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿سيل العرم﴾ قَالَ: وادٍ كَانَ بِالْيمن كَانَ يسيل إِلَى مَكَّة

صفحة رقم 690

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَادي سبأ يدعى ﴿العرم﴾
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿سيل العرم﴾ السد مَاء أَحْمَر أرْسلهُ الله فِي السد فشقه وهمه وحفر الْوَادي عَن الجنتين فارتفعا وغار عَنْهُمَا المَاء فيبستا وَلم يكن المَاء الْأَحْمَر من السد كَانَ شَيْئا أرْسلهُ الله عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله ﴿أكل خمط﴾ قَالَ: الخمط الْأَرَاك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أرْسلهُ الله عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله (أكل خمط) قَالَ: (الخمط) الْأَرَاك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله ﴿أكل خمط﴾ قَالَ: الْأَرَاك ﴿وأثل﴾ قَالَ: الطرفاء
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿أكل خمط﴾ قَالَ: الْأَرَاك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: مَا معول فود تراعى بِعَينهَا أغن غضيض الطّرف من خلل الخمط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وأثل﴾ قَالَ الاثل شجر لَا يأكلها شَيْء وَإِنَّمَا هِيَ حطب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم﴾
قَالَ: قوم أَعْطَاهُم الله نعْمَة وَأمرهمْ بِطَاعَتِهِ ونهاهم عَن مَعْصِيَته قَالَ الله ﴿فأعرضوا﴾ قَالَ: ترك الْقَوْم أَمر الله ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم﴾ ذكر لنا ﴿العرم﴾ وَادي سبأ كَانَت تَجْتَمِع إِلَيْهِ مسايل من أَوديَة شَتَّى فعمدوا فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَجعلُوا عَلَيْهِ أبواباً وَكَانُوا يَأْخُذُونَ من مائَة مَا احتاجوا إِلَيْهِ ويسدون عَنْهُم مَا لم يعبؤا بِهِ من مَائه فَلَمَّا تركُوا أَمر الله بعث الله عَلَيْهِم جرذاً فنقبه من أَسْفَله فاتسع حَتَّى غَرَّقَ الله بِهِ حروثَهم وخَرَّبَ بِهِ أراضيهم عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله ﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط﴾

صفحة رقم 691

والخمط الْأَرَاك و ﴿أكل﴾ بربرة و ﴿وأثل وَشَيْء من سدر قَلِيل﴾ بَيْنَمَا شجر الْقَوْم من خير الشّجر إِذْ صيره الله من شَرّ الشّجر عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله ﴿ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ إِن الله إِذا أَرَادَ بِعَبْد كَرَامَة أَو خيرا تقبل حَسَنَاته وَإِذا أَرَادَ بِعَبْد هواناً أمسك عَلَيْهِ بِذَنبِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الخمط هُوَ الْأَرَاك
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي مَالك
مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ قَالَ: تِلْكَ المناقشة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس ﴿وَهل نجازي إِلَّا الكفور﴾ قَالَ: هُوَ المناقشة فِي الْحساب وَمن نُوقِشَ الْحساب عذب وَهُوَ الْكَافِر لَا يغْفر لَهُ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَيْوَة وَكَانَ من أَصْحَاب عَليّ قَالَ: جَزَاء الْمعْصِيَة الوهن فِي الْعِبَادَة والضيق فِي الْمَعيشَة والمنغص فِي اللَّذَّة قيل: وَمَا المنغص قَالَ: لَا يُصَادف لَذَّة حَلَال إِلَّا جَاءَهُ من ينغصه إِيَّاهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ قَالَ: الشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ قَالَ: هِيَ قرى الشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة﴾ قَالَ: كَانَ فِيمَا بَين الْيمن إِلَى الشَّام قرى متواصلة و ﴿الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ الشَّام
كَانَ الرجل يَغْدُو فَيقبل فِي الْقرْيَة ثمَّ يروح فيبيت فِي الْقرْيَة الْأُخْرَى وَكَانَت الْمَرْأَة تخرج وزنبيلها على رَأسهَا فَمَا تبلغ حَتَّى يمتلىء من كل الثِّمَار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي ملكية فِي قَوْله ﴿وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة﴾

صفحة رقم 692

قَالَ: كَانَت قراهم مُتَّصِلَة ينظر بَعضهم إِلَى بعض وثمرهم متدل فبطروا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وقدرنا فِيهَا السّير﴾ قَالَ: دانينا فِيهَا السّير
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَجَعَلنَا بَينهم﴾ يَعْنِي بَين مساكنهم ﴿وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ يَعْنِي الأَرْض المقدسة ﴿قرى﴾ فِيمَا بَين مَنَازِلهمْ مساكنهم وَبَين أَرض الشَّام ﴿سِيرُوا فِيهَا﴾ يَعْنِي إِذا ظعنوا من مَنَازِلهمْ إِلَى أَرض الشَّام من الأَرْض المقدسة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿ظَاهِرَة﴾ قَالَ: قرى بِالشَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين﴾ قَالَ: لَا يخَافُونَ جوعا وَلَا ظمأ إِنَّمَا يَغْدُونَ فيقيلون فِي قَرْيَة وَيَرُوحُونَ فيبيتون فِي قَرْيَة أهل جنَّة ونهر حَتَّى ذكر لنا: أَن الْمَرْأَة كَانَت تضع مكتلها على رَأسهَا فيمتلىء قبل أَن ترجع إِلَى أَهلهَا وَكَانَ الرجل يُسَافر لَا يحمل مَعَه زاداً فبطروا النِّعْمَة ﴿فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا﴾ فمزقوا ﴿كل ممزق﴾ وَجعلُوا أَحَادِيث
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا﴾ قَالَ: قَالُوا يَا لَيْت هَذِه الْقرى يبعد بَعْضهَا عَن بعض فنسير على نجائبنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة قَالَ: لم يدعوا على أنفسهم وَلَكِن شكوا مَا أَصَابَهُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة على معنى فعِّل
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (بَعُدَ بَين أسفارنا) بِنصب الْبَاء وَرفع الْعين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (رَبنَا) بِالنّصب (باعد) بِنصب الْبَاء وَكسر الْعين على الدُّعَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي

صفحة رقم 693

قَوْله ﴿ومزقناهم كل ممزق﴾ قَالَ: أما غَسَّان فَلَحقُوا بِالشَّام وَأما الْأَنْصَار فَلَحقُوا بِيَثْرِب وَأما خُزَاعَة فَلَحقُوا بتهامة وَأما الأزد فَلَحقُوا بعمان
فمزقهم الله كل ممزق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور﴾ قَالَ: مطرف فِي قَوْله ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات﴾ نعم العَبْد الصبار الشكُور الَّذِي إِذا أعطي شكر واذا ابْتُلِيَ صَبر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشُّكْر نصف الإِيمان وَالصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله قَالَ: يَا عِيسَى بن مَرْيَم إِنِّي باعث بعْدك أمة إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا وشكروا وَإِن أَصَابَهُم مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا وَلَا حلم وَلَا علم
قَالَ: يَا رب كَيفَ يكون هَذَا لَهُم وَلَا حلم وَلَا علم قَالَ: أعطيهم من حلمي وَعلمِي
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والدارمي وَابْن حبَان عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبا لأمر الْمُؤمن أَمر الْمُؤمن كُله خير إِن أَصَابَته سراء شكر كَانَ خيرا وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر كَانَ خيرا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبت لِلْمُؤمنِ أَن أعطي قَالَ الْحَمد لله فَشكر وَإِن ابْتُلِيَ قَالَ الْحَمد لله فَصَبر فالمؤمن يُؤجر على كل حَال حَتَّى اللُّقْمَة يرفعها إِلَى فِيهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو نعيم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ فَوْقه وَفِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ كتبه الله صَابِرًا وشاكراً وَمن نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ وَنظر فِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ فَوْقه لم يَكْتُبهُ الله صَابِرًا وَلَا شاكراً وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

صفحة رقم 694
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية