آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ

أَسْبَابٍ أَوْجَبَتِ احْتِرَاقَ دَارِ زَيْدٍ أَوْ دَارِ عَمْرٍو، فَنَقُولُ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فِي أَفْعَالِهِ أَوْ يَقَعُ شَيْءٌ لَا بِاخْتِيَارِهِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ بِكَذَا أَيْ وَلَهُ أَنْ يَخْلُقَ النَّارَ بِحَيْثُ عِنْدَ حَاجَةِ إِنْضَاجِ اللَّحْمِ تَنْضَجُ وَعِنْدَ مِسَاسِ ثَوْبِ الْعَجُوزِ لَا تُحْرَقُ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَمْ تَحْرِقْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قُوَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا لَكِنْ خَلَقَهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ بِمَحْضِ إِرَادَتِهِ أَوْ لِحِكْمَةٍ خَفِيَّةٍ وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، فَنَقُولُ مَا كَانَ فِي مَجْرَى عَادَتِهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ الْبَشَرِيَّةُ نَقُولُ بِقَضَاءٍ، وَمَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ لِعَقْلٍ قَاصِرٍ أَنْ يَقُولَ لِمَ كَانَ وَلِمَاذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى خِلَافِهِ نَقُولُ بِقَدَرٍ، ثُمَّ بَيَّنَ الَّذِينَ خَلَوْا بِقَوْلِهِ:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٩]
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٣٩)
يَعْنِي كَانُوا هُمْ أَيْضًا مِثْلَكَ رُسُلًا، ثُمَّ ذَكَّرَهُ بِحَالِهِمْ أَنَّهُمْ جَرَّدُوا الْخَشْيَةَ وَوَحَّدُوهَا بِقَوْلِهِ: وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الْأَنْعَامِ: ٩٠] وَقَوْلِهِ: وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً أَيْ مُحَاسِبًا/ فَلَا تَخْشَ غَيْرَهُ أَوْ مَحْسُوبًا فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا تَجْعَلْهُ فِي حِسَابِكَ. ثم قال تعالى:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٤٠]
مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠)
لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ مَا فِي تَزَوُّجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِزَيْنَبَ مِنَ الْفَوَائِدِ بَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ خَالِيًا مِنْ وُجُوهِ الْمَفَاسِدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ كَانَ مُنْحَصِرًا فِي التَّزَوُّجِ بِزَوْجَةِ الِابْنِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ زَيْدًا لَمْ يَكُنِ ابْنًا لَهُ لَا بَلْ أَحَدُ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنِ ابْنَ مُحَمَّدٍ، فَإِنْ قَائِلٌ النَّبِيُّ كَانَ أَبَا أَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ لِأَنَّ الرَّجُلَ اسْمُ الذَّكَرِ مِنْ أَوْلَادِ آدَمِ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً [النِّسَاءِ: ١٧٦] وَالصَّبِيُّ دَاخِلٌ فِيهِ، فَنَقُولُ الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّجُلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ يَدْخُلُ فِي مَفْهُومِهِ الْكِبَرُ وَالْبُلُوغُ وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنٌ كَبِيرٌ يُقَالُ إِنَّهُ رَجُلٌ وَالثَّانِي: هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: مِنْ رِجالِكُمْ وَوَقْتَ الْخِطَابِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَفَى كَوْنَهُ أَبًا عَقَّبَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْأُبُوَّةِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَقَالَ: وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَالْأَبِ لِلْأُمَّةِ فِي الشَّفَقَةِ مِنْ جَانِبِهِ، وَفِي التَّعْظِيمِ مِنْ طَرَفِهِمْ بَلْ أَقْوَى فَإِنَّ النَّبِيَّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَالْأَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا يُفِيدُ زِيَادَةَ الشَّفَقَةِ مِنْ جَانِبِهِ وَالتَّعْظِيمِ مِنْ جِهَتِهِمْ بِقَوْلِهِ:
وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ نَبِيٌّ إِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ النَّصِيحَةِ وَالْبَيَانِ يَسْتَدْرِكُهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ، وَأَمَّا مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ يَكُونُ أَشْفَقَ عَلَى أُمَّتِهِ وَأَهْدَى لَهُمْ وَأَجْدَى، إِذْ هُوَ كَوَالِدٍ لِوَلَدِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَحَدٍ وَقَوْلُهُ: وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يَعْنِي عِلْمَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ دَخَلَ فِيهِ أَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ فَعُلِمَ أَنَّ مِنَ الْحِكْمَةِ إِكْمَالَ شَرْعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بِتَزَوُّجِهِ بِزَوْجَةِ دَعِيِّهِ تَكْمِيلًا لِلشَّرْعِ وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يُفِيدُ شَرْعًا لَكِنْ إِذَا امْتَنَعَ هُوَ عَنْهُ يَبْقَى فِي بَعْضِ النُّفُوسِ نُفْرَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ ذَكَرَ بِقَوْلِهِ مَا فُهِمَ مِنْهُ حِلُّ أَكْلِ الضَّبِّ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَأْكُلْهُ بَقِيَ فِي النُّفُوسِ شَيْءٌ وَلَمَّا أَكَلَ لَحْمَ الْجَمَلِ طَابَ أَكْلُهُ مَعَ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْمِلَلِ لَا يُؤْكَلُ وَكَذَلِكَ الْأَرْنَبُ. ثُمَّ قَالَ تعالى:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٤١]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١)
وَجْهُ تَعَلُّقِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّ السُّورَةَ أَصْلُهَا وَمَبْنَاهَا عَلَى تَأْدِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ بِذِكْرِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ اللَّهِ وَهُوَ التَّقْوَى وَذَكَرَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ

صفحة رقم 171
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية