آيات من القرآن الكريم

مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ۖ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

قوله تعالى: لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ، إِثْمٌ، فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً، والأدعياء جَمْعُ الدَّعِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَنَّى، يَقُولُ: زَوَّجْنَاكَ زَيْنَبَ وَهِيَ امْرَأَةُ زَيْدٍ الذي تبنيته لتعلم أَنَّ زَوْجَةَ الْمُتَبَنَّى حَلَالٌ لِلْمُتَبَنِّي، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا الْمُتَبَنَّى بِخِلَافِ امْرَأَةِ ابْنِ الصُّلْبِ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَبِ. وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا، أَيْ كَانَ قَضَاءُ اللَّهِ مَاضِيًا وَحُكْمُهُ نَافِذًا وَقَدْ قَضَى فِي زَيْنَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]
مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٣٩) مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠)
قوله تعالى: مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ، أَيْ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، سُنَّةَ اللَّهِ، أَيْ كَسُنَّةِ اللَّهِ، نُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَقِيلَ: نُصِبَ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيْ الْزَمُوا سُنَّةَ اللَّهِ، فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، أَيْ فِي الْأَنْبِيَاءِ الْمَاضِينَ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُمْ بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ. قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: أَرَادَ دَاوُدَ حِينَ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المرأة التي هو هَوِيَهَا [١] فَكَذَلِكَ جَمَعَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ زَيْنَبَ.
وَقِيلَ: أَشَارَ [٢] بِالسُّنَّةِ إِلَى النِّكَاحِ فَإِنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَقِيلَ: إِلَى كَثْرَةِ الْأَزْوَاجِ مِثْلَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً، قَضَاءً مَقْضِيًا كَائِنًا مَاضِيًا.
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ، يَعْنِي سُنَّةَ اللَّهِ فِي الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ، وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ، أي لَا يَخْشَوْنَ قَالَةَ النَّاسِ وَلَائِمَتَهُمْ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ، وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً، حَافِظًا لِأَعْمَالِ خَلْقِهِ وَمُحَاسِبَهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ قَالَ النَّاسُ: إِنْ مُحَمَّدًا تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، أَيْ لَيْسَ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمُ الَّذِينَ لَمْ يَلِدْهُمْ فَيَحْرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ زَوْجَتِهِ بَعْدَ فِرَاقِهِ إِيَّاهَا، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَبْنَاءٌ الْقَاسِمُ وَالطَّيِّبُ وَالطَّاهِرُ وَإِبْرَاهِيمُ وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ.
«١٧٢٢» فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْحَسَنِ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ؟».
قِيلَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَكُونُوا رِجَالًا. وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا: إِنَّهُ أَرَادَ أبا أحد من رجالكم [الذي

١٧٢٢- صحيح. أخرجه البخاري ٢٧٠٤ و٣٦٢٩ و٣٧٤٦ و٧١٠٩ والنسائي ٣/ ١٧ وأحمد ٥/ ٣٧- ٣٨ والطبراني ٢٥٩٠ من طريق إسرائيل بن موسى.
- وأخرجه أبو داود ٤٦٦٢ والترمذي ٣٧٧٣ والطبراني ٢٩٥٣ من طريق الأشعث.
- وأخرجه أبو داود ٤٦٦٢ والنسائي في «اليوم والليلة» ٢٥١ وأحمد ٥/ ٤٩ من طريق علي بن يزيد.
- وأخرجه الطبراني ٢٥٩٢ من طريق يونس ومنصور.
- وأخرجه أحمد ٥/ ٤٤ والطبراني ٢٥٩١ وابن حبان ٦٩٦٤ من طريق مبارك بن فضالة.
- كلهم عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مرفوعا، وقد صرّح الحسن عند غير واحد بالسماع من أبي بكرة.
(١) تصحف في المطبوع «هو بها».
(٢) في المطبوع «أراد».

صفحة رقم 645

لم يلده] [١]، وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، خَتَمَ اللَّهُ بِهِ النُّبُوَّةَ.
وَقَرَأَ ابن عامر وعاصم: «خَاتَمَ» بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الِاسْمِ، أَيْ آخِرَهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ عَلَى الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ خَتَمَ بِهِ النَّبِيِّينَ فَهُوَ خَاتَمُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ لَوْ لَمْ أَخْتِمْ بِهِ النَّبِيِّينَ لَجَعَلْتُ لَهُ ابْنًا يَكُونُ بَعْدَهُ نَبِيًّا. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَكَمَ أَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ لَمْ يُعْطِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يَصِيرُ رَجُلًا، وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.
«١٧٢٣» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الخداشاهي أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن مسلم الْجُورَبَذِيُّ أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء [قبلي] [٢] كَمَثَلِ قَصْرٍ أُحْسِنَ بُنْيَانُهُ، تُرِكَ مِنْهُ مَوْضِعُ لَبِنَةٍ فَطَافَ بِهِ النُّظَّارُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ حُسْنِ بُنْيَانِهِ إِلَّا مَوْضِعَ تِلْكَ اللَّبِنَةِ لَا يَعِيبُونَ سِوَاهَا فَكُنْتُ أَنَا سَدَدْتُ موضع اللَّبِنَةِ، خُتِمَ بِيَ الْبُنْيَانُ وَخُتِمَ بِيَ الرُّسُلُ».
«١٧٢٤» أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْجَوْزَجَانِيُّ أَنَا عَلِيُّ [٣] بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ أَنَا الهيثم بن كليب الشاشي أَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ وغير واحد قالوا أنا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بن جبر بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقول: «إِنَّ لِي أَسْمَاءً أَنَا مُحَمَّدٌ وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ، وَالْعَاقِبُ الَّذِي ليس بعده نبي».

١٧٢٣- إسناده صحيح. يونس بن عبد الأعلى ثقة روى له مسلم، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- ابن وهب هو عبد الله، ابن شهاب هو محمد بن مسلم، أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
- وهو في «شرح السنة» ٣٥١٤ بهذا الإسناد.
- وأخرجه الآجري في «الشريعة» ١٠٠٦ وابن حبان ٦٤٠٦ من طريقين عن ابن وهب به.
- وأخرجه الآجري ١٠٠٥ من طريق عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزهري به.
- وأخرجه البخاري ٣٥٣٥ ومسلم ٢٢٨٦ وأحمد ٢/ ٣٩٨ والآجري ١٠٠٤ وابن حبان ٦٤٠٥ والبيهقي في «الدلائل» ١/ ٣٦٦ من طرق عن إسماعيل بن جعفر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أبي هريرة به.
- وأخرجه مسلم ٢٢٨٦ وأحمد ٢/ ٣١٢ والآجري ١٠٠٥ وفي «شرح السنة» ٣٥١٣ من طريق عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ همّام عن أبي هريرة به.
- وأخرجه مسلم ٢٢٨٦ ح ٢٠ والآجري ١٠٠٧ وابن حبان ٦٤٠٧ من طرق عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عن أبي هريرة بنحوه.
١٧٢٤- صحيح. سعيد بن عبد الرحمن ثقة، وقد توبع ومن دونه، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- سفيان هو ابن عيينة، الزهري هو محمد بن مسلم.
- وهو في «شرح السنة» ٣٥٢٣ بهذا الإسناد.
- وهو في «سنن الترمذي» ٢٨٤٠ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٢٣٥٤ والآجري في «الشريعة» ١٠٢٦ وأحمد ٤/ ٨٠ وابن سعد في «الطبقات» ١/ ٨٤ من طرق عن سفيان به.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) تصحف في المطبوع «عدي».

صفحة رقم 646
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية