آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ

[الطلاق: ١٢] الآية. وترفع الأعمال إلى ديوانها فوق السماء. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة السجده (٣٢) : الآيات ٦ الى ٩]
ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩)
ذلِكَ أي المدبر عالِمُ الْغَيْبِ أي ما غاب عن العباد وما يكون وَالشَّهادَةِ أي ما علمه العباد وما كان الْعَزِيزُ أي الغالب على أمره الرَّحِيمُ أي بالعباد في تدبره الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ أي أحكم خلق كل شيء. لأنه ما من شيء خلقه إلا وهو مرتب على ما اقتضته الحكمة وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ يعني آدم مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أي ذريته مِنْ سُلالَةٍ أي من نطفة مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أي ضعيف ممتهن. والسلالة الخلاصة. وأصلها ما يسلّ ويخلص بالتصفية ثُمَّ سَوَّاهُ أي قوّمه في بطن أمه وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ أي جعل الروح فيه، وأضافه إلى نفسه تشريفا له وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ أي خلق لكم هذه المشاعر، لتدركوا بها الحق والهدى قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي بأن تصرفوها إلى ما خلقت له.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٠ الى ١٢]
وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢)
وَقالُوا أي كفار مكة أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أي صرنا ترابا مخلوطا بتراب الأرض لا نتميز منه، أو غبنا فيها أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أي نجدد بعد الموت بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ أي بالبعث بعد الموت للجزاء والحساب كافِرُونَ أي جاحدون.
قال أبو السعود: إضراب وانتقال من بيان كفرهم بالبعث، إلى بيان ما هو أبلغ وأشنع منه، وهو كفرهم بالوصول إلى العاقبة، وما يلقونه فيها من الأحوال والأهوال جميعا قُلْ أي بيانا للحق وردّا على زعمهم الباطل يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ أي يقبض أرواحكم ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ أي بالبعث للحساب والجزاء.

صفحة رقم 39

فائدة:
قال ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) في هذه الآية: مذهب جمهور أصحابنا أن الروح جسم لطيف بخاريّ يتكوّن من ألطف أجزاء الأغذية، ينفذ في العروق، حالّة فيها. وكذلك للقلب، وكذلك للكبد.
وعندهم أن لملك الموت أعوانا تقبض الأرواح بحكم النيابة عنه. لولا ذلك لتعذر عليه وهو جسم أن يقبض روحين في وقت واحد في المشرق والمغرب، لأن الجسم الواحد لا يكون في مكانين. في وقت واحد.
قال أصحابنا: ولا يبعد أن يكون الحفظة الكاتبون هم القابضون للأرواح عند انقضاء الأجل.
قالوا: وكيفية القبض، ولوج الملك من الفم إلى القلب، لأنه جسم لطيف هوائي، لا يتعذر عليه النفوذ في المخارق الضيقة، فيخالط الروح، التي هي كالشبيهة بها، لأنها بخاريّ. ثم يخرج من حيث دخل، وهي معه.
وإنما يكون ذلك في الوقت الذي يأذن الله تعالى له فيه وهو حضور الأجل.
فألزموا على ذلك أن يغوص الملك في الماء مع الغريق ليقبض روحه تحت الماء. فالتزموا ذلك، وقالوا: ليس بمستحيل أن يتخلل الملك الماء في مسامّ الماء، فإن فيه مسامّ ومنافذ وفي كل جسم. على قاعدتهم في إثبات المسامّ في الأجسام.
قالوا: ولو فرضنا أنه لا مسامّ فيه، لم يبعد أن يلجه الملك فيوسع لنفسه مكانا، كما يلجه الحجر والسمك، وغيرهما. وكالريح الشديدة التي تقرع ظاهر البحر فتقعره وتحفره. وقوة الملك أشدّ من قوة الريح. انتهى.
والأولى الوقوف، فيما لم تعلم كيفيته، عند متلوّه وعدم مجاوزته، أدبا عن التهجم على الغيب وتورعا عن محاولة مالا يبلغ كنهه، وأسوة بما مضى عليه من لم يخض فيه، وهم الخيرة والأسوة، والله أعلم.
وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ وهم القائلون تلك المقالة الشنعاء ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي مطأطئوها من الحياء والخزي، لما قدمت أيديهم رَبَّنا أي يقولون ربنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا أي علمنا ما لم نعلم، وأيقنا بما لم نكن به موقنين فَارْجِعْنا أي إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ أي مقرّون بك وبكتابك ورسولك والجزاء.

صفحة رقم 40
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية