آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ

مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
[الإسراء: ١٥] وقد سبق الرسل. ويقال: مَّا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ يعني: من قومهم من قريش.
ثم قال: لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ يعني: يهتدون من الضلالة. وأصل الإنذار هو الإسلام.
يقال: أنذر العدو إذا أعلمه.
ثم دلّ على نفسه بصفة فقال عز وجل: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما من السحاب والرياح وغيره فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ولو شاء خلقها في ساعة واحدة لفعل. ولكنه خلقها في ستة أيام، ليدل على التأني. ويقال: خلقها في ستة أيام لتكون الأيام أصلاً عند الناس ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ فيها تقديم يعني: خلق العرش قبل السموات. ويقال: علا فوق العرش من غير أن يوصف بالاستقرار على العرش. ويقال: استوى أمره على بريته فوق عرشه، كما استوى أمره وسلطانه وعظمته دون عرشه وسمائه مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ يعني: من قريب ينفعكم في الآخرة وَلا شَفِيعٍ من الملائكة أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ يعني: أفلا تتعظون فيما ذكره من صفته فتوحّدونه.
ثم قال عز وجل: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يقول: يقضي القضاء مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ يعني:
يبعث الملائكة من السماء إلى الارض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ يعني: يصعد إليه. قال أبو الليث- رحمه الله: - حدثنا عمرو بن محمد بإسناده عن الأعمش، عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن سابط. قال: يدبر أمر الدنيا أربعة جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل. أما جبرائيل فموكل بالرياح والجنود، وأما ميكائيل فموكل بالنبات والقطر، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمور عليهم، فذلك قوله عز وجل: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ.
فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ يعني: في يوم واحد من أيام الدنيا كان مقدار ذلك اليوم أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ أنتم. وقال القتبي: معناه يقضي في السماء، وينزله مع الملائكة إلى الأرض، فتوقعه الملائكة- عليهم السلام- في الأرض.
ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فيكون نزولها ورجوعها في يوم واحد مقدار المسير، على قدر سيرنا أَلْفَ سَنَةٍ لأنّ بعد ما بين السماء والأرض خمسمائة عام. فيكون نزوله وصعوده ألف عام في يوم واحد. وروى جويبر عن الضحاك فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ قال: يصعد الملك إلى السماء مسيرة خمسمائة عام، ويهبط مسيرة خمسمائة عام في كل يوم من أيامكم وهو مسيرة ألف سنة.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ٦ الى ١٠]
ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠)

صفحة رقم 33

ثم قال عز وجل: ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ يعني: ذلك الذي يفعل هذا هو عالم الغيب وَالشَّهادَةِ يعني: ما غاب من العباد، وما شاهدوه. ويقال: عالم بما كان، وبما يكون.
ويقال: عالم السر والعلانية. ويقال: عالم بأمر الآخرة وأمر الدنيا الْعَزِيزُ في ملكه الرَّحِيمُ بخلقه.
قوله عز وجل: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر:
خَلَقَهُ بجزم اللام. وقرأ الباقون: بالنصب فمن قرأ بالجزم فمعناه: الذي أحسن كل شيء.
وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: الإنسان في خلقه حسن، والخنزير في خلقه حسن، وكل شيء في خلقه حسن. ومن قرأ بالنصب فعلى فعل الماضي يعني: خلق كل شيء على إرادته، وخلق الإنسان في أحسن تقويم. ويقال: الذي علم خلق كل شىء خلقه. يعني:
علم كيف خلق. ويقال: هل تحسن شيئاً. يعني: تعلم. ومعناه: الذي علم خلق كل شيء خلقه. ويقال: الحسن عبارة عن الزينة. يعني: الذي زين كل شيء خلقه وأتقنه كما قال:
صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: ٨٨].
ثم قال: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ يعني: خلق آدم- عليه السلام- من طين من أديم الأرض ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ أي: خلق ذريته من سلالة من النطفة التي تنسل من الإنسان. وقال أهل اللغة: كل شيء على ميزان فعالة، فهو ما فضّل من شيء. يقال: نشارة ونخالة.
ثم رجع إلى آدم- عليه السلام- فقال عز وجل: مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ يعني: سوى خلقه وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ.
ثم رجع إلى ذريته فقال: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ ويقال: هذا كله في صفة الذرية يعني: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ يعني: من نطفة ضعيفة ثُمَّ سَوَّاهُ يعني: جمع خلقه في رحم أمه وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ يعني: جعل فيه الروح بأمره، وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ.

صفحة رقم 34
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية