
المعاني (١).
﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ﴾ قال مقاتل: الذي لا ينقطع (٢).
﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الكفر والتكذيب.
ثم ذكر المؤمنين فقال:
١٥ - قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ قال ابن عباس ومقاتل: وعظوا بآيات القرآن (٣) ﴿خَرُّوا سُجَّدًا﴾ سقطوا على وجوههم ساجدين. ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ قالوا: سبحان الله وبحمده، وسبحان ربي الأعلى. وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ [البقرة: ٣٠] ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن السجود كفعل كفار مكة.
١٦ - قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ قال الليث: يقال: جفا الشيء يجفو جفاء ممدودًا، إذا سأل السرج (٤)، يجفو عن الظهر إذا لم يلزمه وكالجنب يجفوا عن الفراش وأنشد:
إن جنبي عن الفراش لنائي (٥) | كتجافي الأسر فوق الظراب (٦) (٧) |
(٢) "تفسير مقاتل" ٨٥ أ.
(٣) "تفسير مقاتل" ٨٥ أ، ولم أقف عليه عن ابن عباس.
(٤) هكذا في النسخ! وهو خطأ والصواب كما في "تهذيب اللغة": كالسراج.
(٥) هكذا في نسخة (أ)، وفي (ب): (نائي)، وهو في "تهذيب اللغة": لناب.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" ١١/ ٢٠٦، (جفا).
(٧) البيت من الخفيف، وهو لمعد يكرب في "اللسان" ١/ ٥٦٩، ٤/ ٣٦٠، "التنبه والإيضاح" ١/ ١١٢، ٢/ ١٣٢، "كتاب العين" ٦/ ١٩٠، ٧/ ١٨٨. ولعمرو بن الحارث أخي معد يكرب في: "معجم الشعراء" ص ٤٦٧. والسرر: داء يأخذ البعير =

ومن هذا يقال: جفت عيني فلان عن الغمض، إذا نبت عنه لم ينم، ومنه قوله:
جفت عيني عن التغميض حتى | كأن جفونها عنها قصار (١) |
وقال الفراء: تقلق (٣).
وقوله: ﴿عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ المضجع: الموضع الذي يضطجع عليه، وجمعه المضاجع، وقيل ما يستعمل ضجع يضجع من باب الثلاثي، إنما يشعمل مضجع واضطجع.
قال ابن عباس في تفسير المضاجع: هي الأوطية (٤).
واختلفوا في الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع من هم؟
فقال الحسن ومجاهد وأبو العالية: هم المجتهدون بالليل (٥). وهو بمعنى قول ابن عباس في رواية عطاء.
(١) البيت من الوافر، وهو لبشار بن برد في "ديوانه" ٣/ ٢٤٩، "الكامل للمبرد" ٢/ ٧٦٠، "لسان العرب" ١٥/ ٣٢٠.
(٢) "مجاز القرآن" ٢/ ١٣٢، "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٠٧، "تفسير غريب القرآن" ص ٣٤٦.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣١.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) انظر: "الطبري" ٢١/ ١٠١، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٣٠٤، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٦٣.

وروي ذلك مرفوعًا في حديث معاذ بن جبل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في قوله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ هو: "هو قيام العبد بالليل" (١).
وقال آخرون: هم الذين كانوا لا ينامون حتى يصلون العشاء الآخرة، وهو قول أنس بن مالك ومجاهد وعطاء (٢).
قال أنس: نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة.
وقال مجاهد: نزلت في ناس من الأنصار، كانوا لا ينامون حتى يصلون العشاء الآخرة.
وقال عطاء: هي العتمة، يعني يصلونها ولا ينامون عنها (٣).
وقال آخرون: هم الذين يصلون بين صلاة المغرب إلى صلاة العشاء (٤) الآخرة، فأنزل الله هذه الآية (٥). روى قتادة عنه قال: نزلت فينا معاشر الأنصار، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي -صلى الله عليه وسلم- (٦).
قوله تعالى: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ قال ابن عباس: خوفًا من
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ١٠١، "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٣٠٤، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٦٣.
(٣) انظر أقوال الثلاثة في: المصادر السابقة.
(٤) في (أ): (عشاء).
(٥) قال بهذا القول أنس وقتادة وعكرمة. انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ١٠١، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٦٣.
(٦) أورده "السيوطي في الدر" ٦/ ٥٤٦ وعزاه لابن مردويه عن أنس، وأورده الطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥١٨.