آيات من القرآن الكريم

إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- التنديد بالإجرام والمجرمين وبيان حالهم يوم القيامة.
٢- بيان عدم نفع الإيمان عند معاينة العذاب.
٣- بيان حكم الله في امتلاء جهنم من كل من مجرمي الإنس والجن.
٤- تقرير حكم السببية فالأعمال سبب للجزاء خيراً كان أو شراً.
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)
شرح الكلمات:
إذا ذكروا بها: أي وعظوا بما فيها من أمر ونهي ووعد ووعيد.
خروا سجداً: وقعوا على الأرض ساجدين بوضع جباههم وأنوفهم على الأرض.
وسبحوا بحمد ربهم: أي نزهوه وقدسوه وهم ساجدون يقولون سبحان ربي الأعلى.
وهم لا يستكبرون: أي عن عبادة ربهم في كل أحايينهم بل يأتونها خاشعين متذللين.
تتجافى جنوبهم: أي تتباعد عن الفرش من أجل قيامهم للصلاة في جوف الليل.
خوفاً وطعما: أي يسألونه النجاة من النار، ودخول الجنة.

صفحة رقم 229

ما أخفي لهم من قرة أعين: أي لا تعلم نفس ما أخفى الله تعالى لهم وادخر لهم عنده من النعيم الذي تقر به أعينهم أي تسر به وتفرح.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وهم المكذبون بآيات الله ولقائه ذكر جزاء المؤمنين وهم الذين آمنوا بآيات الله ولقائه ذكرهم بأجمل صفاتهم فقال: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ (١) بِآياتِنَا﴾ حق الإيمان ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا﴾ أي قرئت عليهم وكانت من الآيات التي فيها السجدات ﴿خَرُّوا (٢) سُجَّداً﴾ أي وقعوا على الأرض ساجدين بوضع جباهم وأنوفهم على التراب، ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أي نزهوه وقدسوه أثناء سجودهم بقولهم سبحان ربي الأعلى، والحال أنهم لا يستكبرون عن عبادة الله مطلقاً بل يأتونها متذللين خاشعين.
وقوله ﴿تَتَجَافَى (٣) جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ هذه بعض صفاتهم أيضا وهي أنهم يباعدون جنوبهم عن فرشهم في الليل لصلاة التهجد. وقوله ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾ أي في حال صلاتهم وفي غيرها وهو دعاء تميّز بخوفهم من عذاب ربهم وطمعهم في رحمته فهم يسألون ربهم النجاة من النار ودخول الجنة. وقوله ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ هذا وصف آخر لهم وهو أنهم يتصدقون بفضول أموالهم زيادة على أداء الزكاة كتهجدهم بالليل زيادة على الصلوات الخمس.
وقوله تعالى: ﴿فَلا تَعْلَمُ (٤) نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ (٥) لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ يخبر تعالى عن جزائهم عنده فيقول: فلا تعلم نفس ما خبّأ الله تعالى لهم من النعيم المقيم الذي تقر به أعينهم أي

١ - في الآيات تسلية للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يجده من إعراض المشركين المكذبين بالبعث والجزاء في الدار الآخرة والقائلين: أم يقولون افتراه فأعلمه إنما يؤمن مَن ذكرهم بصفاتهم، والقصر إضافي والمراد من الآيات آيات القرآن الكريم.
٢ - الخرور الهوي من علو إلى أسفل والسجود وضع الجبهة على الأرض إرادة التعظيم والخضوع.
٣ - الجملة حال من الموصول والتجافي التباعد والمتاركة، والمضاجع جمع مضجع الفراش والجنب جمع جَنب، والمراد تباعدهم عن فرشهم لقيام الليل، ومن صلى العشاء في جماعة والصبح في جماعة تناوله الوصف، وشاهد التجافي قول عبد بن رواحة رضي الله عنه بمدح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول:
وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق معروف من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إ
ذا استثقلت بالمشركين المضاجع
٤ - هذا كقول الرجل: هذا لا يعلمه إلا الله، وقرة الأعين كناية عن السرور وعظيم الفرح.
٥ - قرأ الجمهور ما أخفي بصيغة الماضي المجهول، وقرأ غيرهم أخفي بالمضارع المعلوم.

صفحة رقم 230

تُسر وتفرح وقوله ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي جزاهم بذلك النعيم بعملهم الخيري الإسلامي الذي كانوا في الدنيا يعملونه وقد ذكر بعضه في الآيات قبل كالصلاة والصدقات.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- فضيلة التسبيح في الصلاة وهو سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود.
٢- ذم الاستكبار وأهله ومدح التواضع لله وأهله.
٣- فضيلة قيام الليل وهو المعروف بالتهجد (١) والدعاء خوفاً وطمعاً.
٤- بشرى المؤمنين الصادقين من ذوي الصفات المذكورة في الآيات وهو أنه تعالى [أعد لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما جاء في الحديث أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين (٢) رأت] الخ.
أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ

١ - روى الترمذي بسند صحيح عن معاذ بن جبل قال: قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ الآية.
٢ - في الصحيح قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".

صفحة رقم 231
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية