آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

وقال عطاء عن ابن عباس: يريد صبر عن معاصي الله (١).
٣٢ - وقوله. ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ﴾ يعني الكفار، يقول: إذا علاهم ﴿مَوْجٌ﴾ وهو ما ارتفع من الأرض.
﴿كَالظُّلَلِ﴾ قال مقاتل: كالجبال (٢). وقال الكلبي: كالسحاب، يزيد في عظمها وارتفاعها يكون كالجبال والسحاب التي تظل من تحتها (٣). وقال ابن عباس: يريد مثل السعائف (٤) (٥).
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ﴾ أي من هول ما هم فيه، نجاهم حين أفضوا وانتهوا إلى البر. قال صاحب النظم: المراد من قوله: فلما نجاهم: الاستقبال، وإن كان لفظه لفظ الماضي، بدليل قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾. ولما لا يقتضي جوابًا بالفاء، وأراد فمنهم مقتصد ومنهم جاثر، ودل على هذا المضمر قوله: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ فأومأ بهذا إلى هذا، نقيض قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِد﴾. ونقيض الاقتصاد: الجور، والجور هاهنا: الجحد بآيات الله، وإذا كان معنى الجور هاهنا الجحد، وجب أن يكون الاقتصاد الذي هو عند الإقرار بآيات الله، وهذا كله معنى قول مقاتل، فإنه يقول في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ عدل في الوفاء

(١) لم أقف عليه
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٢/ ٢٦٧، وبه قال يحيى بن سلام. انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٧.
(٣) ذكره "الماوردي" ٤/ ٣٤٧ ونسبه لقتادة، وكذا الطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٦.
(٤) في (ب): (السقايل)، وهو خطأ.
(٥) لم أقف عليه عن ابن عباس، ولم أقف على معنى السعائف بهذه الصيغة، وقد ذكر الأزهري في "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٠ (سعف) قال:.. السعف: ورق جريد النخل الذي يسف منه الزبلان والجلاد والمراوح وما أشبهها، ويجوز السعف.

صفحة رقم 125

في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له يعني المؤمن، ثم ذكر المشرك الذي ترك التوحيد في البر بعد أن دعاه مخلصًا في البحر (١)، بقوله: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ غدار ﴿كَفُورٍ﴾ لله نعمه حين ترك التوحيد في البر.
وقال الكلبي في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ هم المؤمنون (٢). وقال ابن عباس: مقتصد موف بما عاهد عليه الله في البحر (٣). وقال مجاهد: مقتصد في القول، وهو كافر مضمر للكفر (٤). والوجه هو الأول، وقوله: ﴿كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ قالوا: كلهم: كل غدار بعهد الله (٥). وقال أهل اللغة: الختر أسوأ الغدر وأقبحه (٦)، وأنشدوا (٧) للأعشي (٨):

بالأبلق الفرد من تيماء منزله حصن حصين وجار غير ختار
يقال: [ختر] (٩) ويختِر ويخترُ بالكسر والضم [لغتان] (١٠) خترًا وختورًا.
(١) "تفسير مقاتل" ٨٣ ب.
(٢) ذكره "الماوردي" ٤/ ٣٤٨، وأبو حيان في "البحر" ٨/ ٤٢٣، والطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٦ عن الحسن.
(٣) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٥٥٧. وذكره "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٨، ونسبه للنقاش.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٨٥، "الماوردي" ٤/ ٣٤٨، "مجمع البيان" ٨/ ٥٠٧.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٨٥ "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٨، ونسبه للجمهور.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ٢٩٤ مادة (ختر)، "الصحاح" ٢/ ٦٤٢ (ختر)، "مقايس اللغة" ٢/ ٢٤٤، باب الخاء والتاء وما يثلثهما.
(٧) في (ب): (وأنشد).
(٨) البيت من البسيط، انظره في "ديوانه" ص ٢٢٩، "لسان العرب" ١٠/ ٢٦، "جمهرة اللغة" ص ٣٧١.
(٩) ما بين المعقوفين طمس في (ب).
(١٠) ما بين المعقوفين طمس في (ب).

صفحة رقم 126
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية