آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ

هى القراءة المشهورة ويجوز ان يكون غلبت على البناء للفاعل على ان الضمير لفارس والروم مفعوله اى غلبت فارس الروم وهم اى فارس من بعد غلبهم للروم سيغلبون على البناء للمفعول اى يكونون مغلوبين فى أيدي الروم ويجوز ان يكون الروم فاعل غلبت على البناء للفاعل اى غلبت الروم اهل فارس وهم اى الروم بعد غلبهم سيغلبون على المجهول اى يكونون مغلوبين فى أيدي المسلمين فكان ذلك فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه غلبهم على بلاد الشام واستخرج بيت المقدس لما فتح على يد عمر رضى الله عنه فى سنة خمس عشرة اوست عشرة من الهجرة واستمر بايدى المسلمين اربعمائة سنة وسبعا وسبعين سنة ثم تغلب عليه الفرنج واستولوا عليه فى شعبان سنة اثنتين وتسعين واربعمائة من الهجرة واستمر بايديهم احدى وتسعين سنة الى ان فتحه الله على يد الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فى يوم الجمعة سابع عشر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة فامتدحه القاضي محيى الدين بن البركى قاضى دمشق بقصيدة منها

فتوحكم حلبا بالسيف فى صفر مبشر بفتوح القدس فى رجب
فكان كما قال وفتح القدس فى رجب كما تقدم فقيل له من اين لك هذا فقال أخذته من تفسير ابن مرجان فى قوله تعالى (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) وكان الامام ابو الحكم بن مرجان الأندلسي قد صنف تفسيره المذكور فى سنة عشرين وخمسمائة وبيت المقدس يومئذ بيد الافرنج لعنهم الله تعالى واستخرج الشيخ سعد الدين الحموي من قوله تعالى (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) مغلوبية الروم سنة ثمانمائة فغلب تيمور على الروم يقول الفقير لا يزال ظهور الغالبية او المغلوبية فى البضع سواء كان باعتبار المآت او باعتبار الآحاد وقد غلب اهل الإسلام مرة فى تسع وثمانين بعد الالف كما أشار اليه غالبون المفهوم من سيغلبون وغلبهم الكفار فى السابعة والتسعين بعد الالف على ما أشار اليه ادنى الأرض يقال ما من حادثة الا إليها اشارة فى كتاب الله بطريق علم الحروف ولا تنكشف الا لاهله قال على كرم الله وجهه
العلم بالحرف سر الله يدركه من كان بالكشف والتحقيق متصفا
لِلَّهِ وحده الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ اى فى أول الوقتين وفى آخرهما حين غلبوا وحين يغلبون كأنه قيل من قبل كونهم غالبين وهو وقت كونهم مغلوبين ومن بعد كونهم مغلوبين وهو وقت كونهم غالبين. والمعنى ان كلا من كونهم مغلوبين اولا وغالبين آخرا ليس الا بامر الله وقضائه وتلك الأيام نداولها بين الناس وَيَوْمَئِذٍ اى يوم إذ يغلب الروم على فارس ويحل ما وعده الله تعالى من غلبتهم يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [شاد خواهند شدن مؤمنان] قال الراغب الفرح انشراح الصدر بلذة عاجلة واكثر ما يكون ذلك فى اللذات البدنية الدنيوية ولم يرخص فى الفرح الا فى قوله فبذلك فليفر حوا وقوله ويومئذ يفرح المؤمنون بِنَصْرِ اللَّهِ اى بتغليب من له كتاب على من لا كتاب له وغيظ من شمت بهم من كفار مكة وكون ذلك من دلائل غلبة المؤمنين على الكفرة فالنصرة فى الحقيقة لكونها منصبا شريفا ليست الا للمؤمنين وقال بعضهم يفرح المؤمنون بقتل الكفار بعضهم

صفحة رقم 6

آنكه در ذاتش تفكر كردنيست در حقيقت آن نظر در ذات نيست
هست آن پندار او زيرا براه صد هزاران پرده آمد تا اله
هر يكى در پرده موصول جوست وهم او آنست كه آن عين هوست
پس پيمبر دفع كرد اين وهم ازو تا نباشد در غلط سودا پز او
در عجائبهاش فكر اندر رويد از عظيمى وز مهابت كم شويد
چونكه صنعش ريش وسبلت كم كند حد خود داند ز صانع تن زند
جز كه لا احصى نكويد او ز جان كز شمار وحد برونست آن بيان
ثم انه لما كان معنى الحق فى اسماء الله تعالى هو الثابت الوجود على وجه لا يقبل الزوال والعدم والتغير كان الجاري على ألسنة اهل الفناء من الصوفية فى اكثر الأحوال هو الاسم الحق لانهم يلاحظون الذات الحقيقية دون ما هو هالك فى نفسه وباطل فى ذاته وهو ما سوى الله تعالى وَأَجَلٍ مُسَمًّى عطف على الحق اى وبأجل معين قدره الله تعالى لبقائها لا بد لها من ان تنتهى اليه وهو وقت قيام الساعة وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ مع غفلتهم عن الآخرة واعراضهم عن التفكر فيما يرشدهم الى معرفتها بِلِقاءِ رَبِّهِمْ اى بلقاء حسابه وجزائه بالبعث والباء متعلق بقوله لَكافِرُونَ اى منكرون جاحدون يحسبون ان الدنيا ابدية وان الآخرة لا تكون بحلول الاجل المسمى أَوَلَمْ يَسِيرُوا اهل مكة والسير المضي فى الأرض فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا اى اقعدوا فى أماكنهم ولم يسيروا فينظروا اى قد ساروا وقت التجارات فى أقطار الأرض وشاهدوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المهلكة كعاد وثمود والعاقبة إذا أطلقت تستعمل فى الثواب كما فى قوله تعالى (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وبالاضافة قد تستعمل فى العقوبة كما فى هذه الآية وهى آخر الأمر: وبالفارسية [سرانجام] ثم بين مبدأ احوال الأمم ومآلها فقال كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً يعنى انهم كانوا اقدر من اهل مكة على التمتع بالحياة الدنيا حيث كانوا أشد منهم قوة وَأَثارُوا الْأَرْضَ يقال ثار الغبار والسحاب انتشر ساطعا وقد اثرته فالاثارة تحريك الشيء حتى يرتفع غباره: وبالفارسية [برانگيختن كرد وشورانيدن زمين وميغ آوردن باد] كما فى تاج المصادر. والثور اسم البقر الذي يثار به الأرض فكأنه فى الأصل مصدر جعل فى موضع الفاعل والبقر من بقر إذا شق لانها تشق الأرض بالحراثة ومنه قيل لمحمد بن الحسين بن على الباقر لانه شق العلم ودخل فيه مدخلا بليغا. والمعنى وقلبوا الأرض للزراعة والحراثة واستنباط المياه واستخراج المعادن وَعَمَرُوها العمارة نقيض الخراب اى عمروا الأرض بفنون العمارات من الزراعة والغرس والبناء وغيرها مما يعد عمارة لها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها اى عمارة اكثر كما وكيفا وزمانا من عمارة هؤلاء المشركين. يعنى اهل مكة إياها كيف لا وهم اهل واد غير ذى زرع لا تنشط لهم فى غيره وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات والآيات الواضحات فكذبوهم فاهلكهم الله تعالى فَما كانَ اللَّهُ بما فعل بهم من العذاب والإهلاك لِيَظْلِمَهُمْ من غير جرم

صفحة رقم 10
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية