آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ

الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ
[الْأَنْفَالِ: ٣٢] ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يُنْزِلِ الْعَذَابَ بِهِمُ الْبَتَّةَ، فَكَذَا هَاهُنَا، وَأَيْضًا فَبِتَقْدِيرِ نُزُولِ الْعَذَابِ، كَانَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الْأَنْفَالِ: ٣٣].
وَالْجَوَابُ: الْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، فَلَمَّا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنُزُولِ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى التَّعْيِينِ وَجَبَ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ هَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ أَمْ لَا؟.
وَالْجَوَابُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: إِنَّهُ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ وَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ الْكاذِبِينَ وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ حَقُّ (إِنَّ) أَنْ تَكُونَ مَفْتُوحَةً، إِلَّا أَنَّهَا كُسِرَتْ لِدُخُولِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ لَهُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ [الْعَادِيَاتِ: ١١] وَقَالَ الْبَاقُونَ:
الْكَلَامُ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَى الْكاذِبِينَ وَمَا بَعْدَهُ جُمْلَةٌ أُخْرَى مُسْتَقِلَّةٌ غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَا قَبْلَهَا وَاللَّهُ أعلم.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٦٢ الى ٦٣]
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ إِنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الدَّلَائِلِ، وَمِنَ الدُّعَاءِ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَالْقَصَصُ هُوَ مَجْمُوعُ الْكَلَامِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا يَهْدِي إِلَى الدِّينِ، وَيُرْشِدُ/ إِلَى الْحَقِّ وَيَأْمُرُ بِطَلَبِ النَّجَاةِ فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ هُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ لِيَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، وَالْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَالْمُرَادُ بِهِ الْكُلُّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: (هُوَ) فِي قَوْلِهِ لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فَصْلًا وَعِمَادًا، وَيَكُونَ خَبَرُ إِنَّ هُوَ قَوْلُهُ الْقَصَصُ الْحَقُّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ جَازَ دُخُولُ اللَّامِ عَلَى الْفَصْلِ؟.
قُلْنَا: إِذَا جَازَ دُخُولُهَا عَلَى الْخَبَرِ كَانَ دُخُولُهَا عَلَى الْفَصْلِ أَجْوَدَ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمُبْتَدَأِ مِنْهُ، وَأَصْلُهَا أَنْ تَدَخُلَ عَلَى الْمُبْتَدَأِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْقَصَصُ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قُرِئَ لَهُوَ بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ عَلَى الْأَصْلِ، وَبِالسُّكُونِ لِأَنَّ اللَّامَ يَنْزِلُ مِنْ (هُوَ) مَنْزِلَةَ بَعْضِهِ فَخُفِّفَ كَمَا خُفِّفَ عَضُدٌ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: يُقَالُ: قَصَّ فُلَانٌ الْحَدِيثَ يَقُصُّهُ قَصًّا وَقَصَصًا، وَأَصْلُهُ اتِّبَاعُ الْأَثَرِ، يُقَالُ: خَرَجَ فُلَانٌ قَصَصًا، فِي أَثَرِ فُلَانٍ، وَقَصًّا، وَذَلِكَ إِذَا اقْتَصَّ أَثَرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ [الْقَصَصِ: ١١] وَقِيلَ لِلْقَاصِّ إِنَّهُ قَاصٌّ لِإِتْبَاعِهِ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرِ، وَسَوْقِهِ الْكَلَامَ سَوْقًا، فَمَعْنَى الْقَصَصِ الْخَبَرُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْمَعَانِي الْمُتَتَابِعَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ وَهَذَا يُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّفْيِ، لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ عِنْدِي مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ، أَفَادَ أَنَّ عِنْدَكَ بَعْضَ النَّاسِ، فَإِذَا قُلْتَ مَا عِنْدِي مِنَ النَّاسِ مِنْ أَحَدٍ، أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَكَ بَعْضُهُمْ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ بَعْضُهُمْ، فَبِأَنْ

صفحة رقم 250
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية