آيات من القرآن الكريم

۞ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ

ومعنى: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١)
(هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)
أي هذا طريق الدين مستوياً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢)
معنى أحسَّ فى اللغةَ علمَ وَوَجَدَ، ويقال هل أحَسْتَ في معنى هل
أحْسَسْتَ ويقال حَسَيْت بالشيء إذا عَلِمْته وعرفتُه "
وأنشد الأصمعي:
سِوى أنَّ العِتاقَ من المطايا... أَحَسْنَ به فَهُنَّ إليه شُوسُ
ويقال حَسَّم القائِد، أي قَتَلَهمْ.
ومعنى: (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ).
جاءَ في التفسير من أنْصاري مع اللَّه، و (إلى) ههنا إنما قاربت (مع)
معنى بأن صار اللفظ لو عبر عنه بـ " مع " أفاد مثل هذا المعنى، لا أنَ (إلى)
في معنى " مع " لو قلت ذهب زيد إلى عمرو لم يجز ذهب زيد مع عمرو، لأن
(إلى) غاية و " مع " تضم الشيءَ إلى الشيءِ فالمعنى: يضيف نصرته إياي إلى
نصرة اللَّه.
وقولهم إنَّ، (إلى) في معنى (معَ) ليس بِشيءٍ. والحروف قد تقاربت في
الفائدة.
فَيَظن الضعيف العِلم باللغة أن معناهما واحد.

صفحة رقم 416

من ذلك قوله جلَّ وعزَّ: (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) ولوكانت (على)
ههنا. لأدَّت هذه الفائدة، لأنك لو قلت لأصلبنكم على جذوع النخل كان
مستقيماً.
وأصل (في) إنما هو للوعاءِ، وأصل " على " لِمَا مع الشيء.
كقولك: التمر في الجراب. ولو قلت التمر على الجراب لم يصلح في هذا
المعنى، ولكن جازَ (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) لأن الجذْعَ يشتمل
على المَصْلوب، لأنه قد أخذه من أقطاره. ولو قلت زيد على الجبل وفي
الجبل يصلح، لأن الجبل قد اشتمل على زيد، فعلى هذا مجاز هذه
الحروف.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ).
قال الحذاق باللغة: (الحواريون): صفوة الأنبياءِ عليهم السلام الذين
خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم ونصرتهم فسماهم الله جلَّ وعزَّ: (الحواريون) وقد قيل أنهم كانوا قَصارين فسموا الحواريين لتبييضهم الثياب، ثم صار هذا الاسم يستعمل فيمن أشبههم من المصدقين تشبيهاً بهم.
وقيل إِنهم كانوا ملوكاً وقيل كانوا صيادين، والذي عليه أهل اللغة أنهم الصفوة كما أخبرتك.
ويروى عن النبي - ﷺ - إنَّه قال: الزبير ابن عمتي وحَوَارِيِّي من أمتي.
ويقال لنساءِ الأنصار حَوارياتٌ، لأنهن تباعدن عن قشف الأعرابيات بنظافتهن.
وأنشد أبو عبيدة وغيره لأبي جلدة اليشكري

صفحة رقم 417
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية