آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

وفى الحديث عنه صلّى الله عليه وسلم: «كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ولَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إلا مَرْيَمَ ابنةَ عِمْرَانَ، وآسِيَةَ بنت مزاحِم وخديجة بنت خويلد»... الحديث. قال ابن عزيز: أي: عالمي دهرها، كما فُضِّلَتْ خديجة وفاطمة بنت رسول الله ﷺ على نساء أمة محمد صلّى الله عليه وسلم، بل قال أبو عمر: فاطمة فُضلت على جميع النساء، وهو واضح، لحديث:
سيدة نساء أهل الجنة، لكن جاء في حديث آخر استثناء مريم. فالله أعلم.
وفي الاستيعاب: عن عمران بن حصين: أن النبي ﷺ عاد فاطمة، وهي مريضة، فقال: «كيف تجدك يا بُنَيَّةُ؟» فقالت له: إني لوجعة، وإنه ليزيدني أني مالي طعام آكله، فقال: «يا بُنَيِّةُ، أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين»، فقالت: يا أبت، فأين مريم بنت عمران؟ قال: «تلك سيدةُ نُساءِ عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك، والله لقد زوجتك سيّداً في الدنيا والآخرة» هـ. من المحشي.
يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ أي: أطيلي الصلاة شكراً لما اختصك به، وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ أي:
صلِّي مع المصلين، وقدَّم السجود على الركوع، أما لكونه كذلك في شرعهم، أو للتنبيه على أن الواو لا ترتب، أو ليقترن ارْكَعِي بالراكعين، للإيذان بأنَّ من ليس في صلاتهم ركوعٌ ليسوا بمصلين. وقيل: المراد بالقنوت: إدامة الطاعة، كقوله: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً، وبالسجود: الصلاة، لقوله: وَأَدْبارَ السُّجُودِ، وبالركوع: الخشوع والإخبات. قاله البيضاوي. وقال الأوزاعي: لما قالت لها الملائكة ذلك، قامت في الصلاة حتى تورمت قدمها وسالت دماً وقَيْحاً.
الإشارة: لا يصطفي الله العبدَ لحضرته إلا بعد تطهيره من الرذائل، وتحليته بأنواع الفضائل، وقطعه عن قلبه الشواغل، والقيام بوظائف العبودية، وبالآداب مع عظمة الربوبية، والخضوع تحت مجاري الأقدار، والتسليم لأحكام الواحد القهار، فأنفاس المريد ثلاثة: عبادة، ثم عبودية، ثم عبودة، ثم يترقى إلى مطالعة علم الغيوب، الذي أشار إليه الحق تعالى بقوله:
[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٤]
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)
يقول الحق جلّ جلاله، لحبيبه صلّى الله عليه وسلم: ذلِكَ القصص الذي أطلعتك عليه، هو مِنْ أخبار الْغَيْبِ الذي لم يكن لك به شعور، وما عرفته إلا بوحينا وإعلامنا، فلا يشك في نبوتك إلا مطموس أعمى، (و) أيضاً: ما

صفحة رقم 352
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الأنجري الفاسي الصوفي
تحقيق
أحمد عبد الله القرشي رسلان
الناشر
الدكتور حسن عباس زكي - القاهرة
سنة النشر
1419
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية