آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ

فالإنفاق بسخاء في سبيل المصلحة العامة ضرورة وفضيلة، والبخل والتقصير في الاسهام بالقضايا العامة ممنوع ورذيلة بل وداء وبيل. ولذا رغب القرآن الكريم بالإنفاق، وحذر من البخل، وتوعدّ الكانزين والبخلاء بالعذاب في نار جهنم، قال الله تعالى:
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٨٠ الى ١٨٤]
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠) لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢) الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٨٣) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (١٨٤)
«١» «٢» «٣» «٤» [آل عمران: ٣/ ١٨٠- ١٨٤].
قال ابن عباس وغيره: إنما نزلت الآية في أهل الكتاب وبخلهم ببيان ما علّمهم الله من أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم.
والمعنى: لا يظنن أحد أن البخل وكنز المال مفيد في الملمات، وأن الجود يفقر والإقدام قتال، لا، فإن البخل شر مستطير على الأمة والفرد، فمن قصر بأداء الزكاة المفروضة أو أهمل واجبه في دعم مصلحة الأمة العليا، استحق العذاب الشديد في نار جهنم في الآخرة، وكان محل نقد وذم وتشنيع عليه من أبناء مجتمعة في الدنيا.
أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم: أن من كان له مال، فلم يؤد زكاته، مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع «٥» يأخذ بلهزمتيه «٦»، ثم يقول له: أنا مالك، أنا مالك، أنا كنزك.

(١) سيجعل طوقا في أعناقهم.
(٢) أمرنا وأوصانا.
(٣) هو ما يتقرب به إلى الله تعالى، وتأكله النار:
تحرقه.
(٤) كتب المواعظ.
(٥) أي ثعبانا عظيما.
(٦) أي شدقيه. [.....]

صفحة رقم 266

وكيف يجوز البخل، والله مالك السماوات والأرض هو الرزاق، والمطلع على أعمال العباد، لا تخفى عليه خافية،
لذا أمر الله بالإنفاق في قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد: ٥٧/ ٧]، وقوله: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [البقرة: ٢/ ٣].
وقد وبخ الله اليهود حين قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ
قال ابن عباس: أتت اليهود رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أنزل الله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ [البقرة: ٢/ ٢٤٥] فقالوا: يا محمد، أفقير ربك؟ يسأل عباده القرض، ونحن أغنياء، فأنزل الله: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ.
ووبخهم أيضا على جرمهم الخطير الشنيع، وهو قتل الأنبياء بغير حق، ويقال لهم يوم القيامة: ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ أي المحرق والمؤلم، وذلك بسبب ارتكابهم الذنوب والفواحش، وليس الله بظالم أحدا من عباده، فيؤاخذه بلا ذنب.
هؤلاء اليهود الذين حاولوا أيضا قتل النبي صلّى الله عليه وسلّم بدس السم في طعامه يوم خيبر، وهم المانعون للزكاة القائلون كذبا: إن الله عهد إلينا ألا نؤمن برسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، ويفترون على الله الكذب بزعمهم أن الله أوحى إليهم ذلك في التوراة. فرد الله عليهم بأن هذه معجزة، وقد سبق أن أرسلت لكم الأنبياء الكثر ومعهم المعجزات، وأتوكم بالأدلة الواضحة الدالة على صدقهم، فلم كذبتموهم، ولم تصدقوهم، ولم قتلتموهم إن كنتم صادقين؟
فإن كذبوك أيها النبي محمد بعد هذا كله، فقد كذبت رسل كثيرون قبلك، جاؤوا بالمعجزات والكتب الإلهية مثل التوراة ذات الهدى والنور، والإنجيل الكتاب المنير، ومع ذلك لم يؤمنوا حق الإيمان.
أجل! إن أداء الزكاة المفروضة، والإنفاق بالصدقات المطلقة سبيل واضح من

صفحة رقم 267
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر - دمشق
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية