
على بقيتهم فلنفرغنّ عنهم فلما راى ابو سفيان معبدا قال وماوراءك قال محمد قد خرج فى أصحابه يطلبكم فى جمع لم ار مثله قط
يتخرقون عليكم تخرقا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه فى يومكم وندموا على صنيعهم وفيهم من الخنق عليكم شىء لم ار مثله قط قال ويلك ما تقول قال والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصى الخيل قال فو الله لقد اجمعنا الكرة عليهم لنستاصل بقيتهم قال فانى والله أنهاك عن ذلك فثنى ذلك مع كلام صفوان أبا سفيان ومن معه وقت أكبادهم فانصرفوا سراعا خائفين من الطلب- ومر بابى سفيان ركب من عبد القيس فقال اين تريدون قالوا نريد المدينة للميرة فقال فهل أنتم مبلغون عنى محمدا رسالة واحمل لكم ابلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا ووافيتمونا قالوا نعم قال فاذا جئتموه فاخبروا انا قد اجمعنا اليه والى أصحابه لنستأصلهم بقيتهم- وانصرف ابو سفيان الى مكة ومر الركب برسول الله ﷺ وهو بحمراء الأسد فاخبروه بالذي قاله ابو سفيان فقال رسول الله صلى الله حسبنا الله ونعم الوكيل فاقام رسول الله ﷺ هناك الاثنين ١٧ والثلاثاء ١٨ والأربعاء ١٩ وانزل الله تعالى.
الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ دعاءه بالخروج للقتال مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ الجراح يوم أحد الموصول منصوب على المدح او مبتدا خبره الجملة الواقعة بعده لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا من للبيان والمقصود من ذكر الوصفين المدح والتعليل دون التقييد لان المستجيبين كلهم كانوا محسنين متقين أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) وجاز ان يكون الموصول صفة للمؤمنين وتم الكلام على قوله مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ وما بعده ابتداء وقال مجاهد وعكرمة خلافا لاكثر المفسرين انه نزلت هذه الاية فى غزوة بدر الصغرى وذلك ان أبا سفيان يوم أحد حين أراد ان ينصرف قال يا محمد موعد ما بيننا وبينك موسم بدر الصغرى القابل ان شئت فقال رسول الله ﷺ ذلك بيننا وبينك ان شاء الله فلما كان العام المقبل خرج ابو سفيان من مكة فى قريش وهم الفان ومعهم خمسون فرسا حتى نزل مجنة فى ناحية مر الظهران ثم القى الله الرعب فى قلبه فبدا له الرجوع فلقى نعيم بن مسعود الا شجعى وقد قدم معتمرا فقال له ابو سفيان يا نعيم انى وأعدت محمدا وأصحابه ان نلتقى بموسم بدر الصغرى وان هذه عام جدب ولا يصلحنا الا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن وقد بدا لى ان لا اخرج إليها واكره ان يخرج محمد ولا اخرج انا فيزيدهم ذلك جرءة ولان الخلف من قبلهم أحب......

الىّ من ان يكون من قبلى فالحق بالمدينة فثبطهم وأعلمهم انى فى جمع كثير ولا طاقة لهم بنا ولك عندى عشرة من الإبل أضعها على يدى سهيل بن عمرو ويضمنها فضمنها سهيل- واتى نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد ابى سفيان فقال اين تريدون فقالوا واعدنا أبا سفيان بموسم بدر الصغرى ان نقتتل بها فقال بئس الرأى رايتم أتوكم فى دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلا شريد فتريدون ان تخرجوا وقد جمعوا لكم عند الموسم والله لا يفلت منكم أحد فكره بعض اصحاب رسول الله ﷺ الخروج واستبشر المنافقون واليهود وقالوا محمد لا يفلت من هذا الجمع فبلغ ذلك رسول الله ﷺ حتى خشى ان لا يخرج معه أحد وجاء ابو بكر وعمرو قد سمعا ما سمعا وقالا يا رسول الله ان الله مظهر دينه ومعزّ نبيه وقد واعدنا القوم موعدا لا نحب ان نتخلف فسر لموعدهم فو الله ان ذلك لخير فسرّ رسول الله ﷺ بذلك فقال رسول الله ﷺ والذي نفسى بيده لاخرجن ولو وحدي فقال رسول الله ﷺ وأصحابه حسبنا الله ونعم الوكيل فخرج رسول الله ﷺ فى أصحابه وأتوا بدر الصغرى فجعلوا يلقون المشركين ويسئلونهم عن قريش فيقولون قد جمعوا لكم يريدون ان يرعبوا المسلمين فيقول المؤمنون حسبنا الله ونعم الوكيل حتى بلغوا بدرا وكانت موضع سوق لهم فى الجاهلية يجتمعون إليها يقوم لهلال ذى القعدة الى ثمان ليال خلون منه فاذا مضت ثمان ليال تفرق الناس الى بلادهم فاقام رسول الله ﷺ ينتظر أبا سفيان وقد انصرف ابو سفيان من مجنة الى مكة فلم يلق رسول الله ﷺ وأصحابه أحد من المشركين وواقفوا السوق وكانت معهم تجارات ونفقات فباعوا وأصابوا للدرهم درهمين وانقلبوا الى المدينة سالمين غانمين فحينئذ نزل قوله تعالى الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ إلخ والصحيح هو القول الاول واقتضاه صنيع البخاري ورجحه ابن جرير قلت ويؤيد القول الاول سياق الاية حيث قال الله تعالى الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ مدحهم بانهم خرجوا للجهاد واستجابوا لله والرسول مع كونهم مجروحين متالمين بالجراحات وليس ذلك الا فى غزوة حمراء الأسد واما غزوة بدر الصغرى فكانت بعد سنة وحينئذ كانوا أصحاء سالمين وبعدية إصابة القرح ان لم يحمل على الفور فلا وجه لتخصيص هذه الاية بغزوة بدر الصغرى بل يصدق على غزوة الخندق وغيرها ايضا والله اعلم.
صفحة رقم 180