أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحمراء الْأسد وَقد أجمع أَبُو سُفْيَان بالرجعة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَقَالُوا: رَجعْنَا قبل أَن نَسْتَأْصِلهُمْ لَنَكُرَّنَّ على بَقِيَّتهمْ
فَبَلغهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي أَصْحَابه يطلبهم فَثنى ذَلِك أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه وَمر ركب من عبد الْقَيْس فَقَالَ لَهُم أَبُو سُفْيَان: بلغُوا مُحَمَّدًا أَنا قد أجمعنا الرّجْعَة الى أَصْحَابه لنستأصلهم
فَلَمَّا مر الركب برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَمْرَاء الْأسد أَخْبرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤمنون مَعَه ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَات
وَأخرج مُوسَى بن عقبَة فِي مغازيه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتنْفرَ الْمُسلمين لموعد أبي سُفْيَان بَدْرًا فَاحْتمل الشَّيْطَان أولياءه من النَّاس فَمَشَوْا فِي النَّاس يخوفونهم وَقَالُوا: قد أخبرنَا أَن قد جمعُوا لكم من النَّاس
مثل اللَّيْل يرجون أَن يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر
فعصم الله الْمُسلمين من تخويف الشَّيْطَان فاستجابوا لله وَرَسُوله وَخَرجُوا بِبَضَائِع لَهُم وَقَالُوا: إِن لَقينَا أَبَا سُفْيَان فَهُوَ الَّذِي خرجنَا لَهُ وَإِن لم نلقه ابتعنا بضائعنا
فَكَانَ بَدْرًا متحجرا يوافي كل عَام فَانْطَلقُوا حَتَّى أَتَوا موسم بدر فقضوا مِنْهُ حَاجتهم وأخلف أَبُو سُفْيَان الْموعد فَلم يخرج هُوَ وَلَا أَصْحَابه وَمر عَلَيْهِم ابْن حمام فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ قَالُوا: رَسُول الله وَأَصْحَابه ينتظرون أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه من قُرَيْش
فَقدم على قُرَيْش فَأخْبرهُم فأرعب أَبُو سُفْيَان وَرجع إِلَى مَكَّة وَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة بِنِعْمَة من الله وَفضل فَكَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة تدعى غَزْوَة جَيش السويق وَكَانَت فِي شعْبَان سنة ثَلَاث
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله قذف فِي قلب أبي سُفْيَان الرعب يَوْم أحد بعد الَّذِي كَانَ مِنْهُ فَرجع إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد أصَاب مِنْكُم طرفا وَقد رَجَعَ وَقذف الله فِي قلبه الرعب وَكَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال وَكَانَ التُّجَّار يقدمُونَ الْمَدِينَة فِي ذِي الْقعدَة فينزلون ببدر الصُّغْرَى فِي كل سنة مرّة وَأَنَّهُمْ قدمُوا بعد وقْعَة أحد وَكَانَ أصَاب الْمُؤمنِينَ الْقرح واشتكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الَّذِي أَصَابَهُم وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ندب النَّاس لِيَنْطَلِقُوا مَعَه وَقَالَ: إِنَّمَا ترتحلون الْآن فَتَأْتُونَ الْحَج وَلَا تقدرون على مثلهَا حَتَّى عَام مقبل
فجَاء الشَّيْطَان فخوف أولياءه فَقَالَ ﴿إِن النَّاس قد جمعُوا لكم﴾ فَأبى النَّاس أَن يتبعوه فَقَالَ: إِنِّي ذَاهِب وَإِن لم يَتبعني أحد
فَانْتدبَ مَعَه أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَسعد وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح
فِي سبعين رجلا فَسَارُوا فِي طلب أبي سُفْيَان فطلبوه حَتَّى بلغُوا الصَّفْرَاء فَأنْزل الله ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما رَجَعَ الْمُشْركُونَ عَن أحد قَالُوا: لَا مُحَمَّدًا قتلتم وَلَا الكواعب أردفتم
بئْسَمَا صَنَعْتُم ارْجعُوا
فَسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فندب الْمُسلمين فانتدبوا حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد
أَو بِئْر أبي عنبة شكّ سُفْيَان فَقَالَ الْمُشْركُونَ: نرْجِع قَابل
فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت تعد غَزْوَة
فَأنْزل الله ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾
الْآيَة
وَقد كَانَ أَبُو سُفْيَان قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَوْعدكُمْ موسم بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا فَأَما الجبان فَرجع وَأما الشجاع فَأخذ أهبة الْقِتَال وَالتِّجَارَة
فَأتوهُ فَلم يَجدوا بِهِ أحدا وتسوقوا
فَأنْزل الله ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر الصُّغْرَى وبهم الكلوم خَرجُوا لموعد أبي سُفْيَان فَمر بهم أَعْرَابِي ثمَّ مر بِأبي سُفْيَان وَأَصْحَابه وَهُوَ يَقُول: ونفرت من رفقتي مُحَمَّد وعجوة منثورة كالعنجد فَتَلقاهُ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: وَيلك مَا تَقول
فَقَالَ: مُحَمَّد وَأَصْحَابه تَركتهم ببدر الصُّغْرَى فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: يَقُولُونَ ويصدقون ونقول وَلَا نصدق وَأصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من الْأَعْرَاب وانقلبوا قَالَ عِكْرِمَة: ففيهم أنزلت هَذِه الْآيَة ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ إِلَى قَوْله ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ إِن أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه أَصَابُوا من الْمُسلمين مَا أَصَابُوا وَرَجَعُوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد رَجَعَ وَقد قذف الله فِي قلبه الرعب فَمن ينتدب فِي طلبه فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وأناس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فتبعوهم فَبلغ أَبَا سُفْيَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَطْلُبهُ فلقي عيرًا من التُّجَّار فَقَالَ: ردوا مُحَمَّدًا وَلكم من الْجعل كَذَا وَكَذَا
وأخبروهم أَنِّي قد جمعت لَهُم جموعاً وَإِنِّي رَاجع إِلَيْهِم
فجَاء التُّجَّار فَأخْبرُوا بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَسبنَا الله
فَأنْزل الله ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ أخْبرت أَن أَبَا سُفْيَان لما رَاح هُوَ وَأَصْحَابه يَوْم أحد منقلبين قَالَ الْمُسلمُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم عامدون إِلَى الْمَدِينَة يَا رَسُول الله
فَقَالَ: إِن ركبُوا الْخَيل وَتركُوا الأثقال فهم عامدوها وَإِن جَلَسُوا على الأثقال وَتركُوا الْخَيل فقد أرعبهم الله فليسوا بعامديها
فَرَكبُوا الأثقال
ثمَّ ندب أُنَاسًا يتبعونهم ليروا أَن بهم قوّة فاتبعوهم لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَنزلت ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن
جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة فِي قَوْله ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
قَالَت لعروة: يَا ابْن أُخْتِي كَانَ أَبَوَاك مِنْهُم: الزبير وَأَبُو بكر لما أصَاب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أصَاب يَوْم أحد انْصَرف عَنهُ الْمُشْركُونَ خَافَ أَن يرجِعوا فَقَالَ: من يرجع فِي أَثَرهم فَانْتدبَ مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا
فيهم أَبُو بكر وَالزُّبَيْر فَخَرجُوا فِي آثَار الْقَوْم فَسَمِعُوا بهم فانصرفوا بِنِعْمَة من الله وَفضل
قَالَ: لم يلْقوا عدوّاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِينَا ثَمَانِيَة عشر رجلا ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ يَوْم أحد السبت لِلنِّصْفِ من شوّال فَلَمَّا كَانَ الْغَد من يَوْم الْأَحَد لست عشرَة لَيْلَة مَضَت من شوّال أذن مُؤذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس بِطَلَب الْعَدو وَأذن مؤذنه أَن لَا يخْرجن مَعنا أحدا إِلَّا من حضر يَوْمنَا بالْأَمْس فَكَلمهُ جَابر عَن عبد الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن أبي كَانَ خلفني على أَخَوَات لي سبع وَقَالَ: يَا بني أَنه لَا يَنْبَغِي لي وَلَا لَك أَن نَتْرُك هَؤُلَاءِ النسْوَة لَا رجل فِيهِنَّ وَلست بِالَّذِي أوثرك بِالْجِهَادِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَفسِي فَتخلف على أخواتك فتخلفت عَلَيْهِنَّ
فَأذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج مَعَه
وَإِنَّمَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترعيباً للعدوّ ليبلغهم أَنه خرج فِي طَلَبهمْ لِيَظُنُّوا بِهِ قوّة وَأَن الَّذِي أَصَابَهُم لم يُوهِنهُمْ من عدوهم
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي السَّائِب مولى عَائِشَة بنت عُثْمَان أَن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني عبد الْأَشْهَل كَانَ شهد أحدا قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا أَنا وَأَخ لي فرجعنا جريحين فَلَمَّا أذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْخرُوجِ فِي طلب الْعَدو قلت لأخي أَو قَالَ لي: تفوتنا غَزْوَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لنا من دَابَّة نركبها وَمَا منا إِلَّا جريح ثقيل
فخرجنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكنت أيسر جرحا مِنْهُ فَكنت إِذا غلب حَملته عقبَة وَمَشى عقبَة حَتَّى انتهينا إِلَى مَا انْتهى إِلَيْهِ الْمُسلمُونَ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انْتهى إِلَى حَمْرَاء الْأسد
وَهِي من الْمَدِينَة على ثَمَانِيَة أَمْيَال فَأَقَامَ بهَا ثَلَاثًا
الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة
فَنزل ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عبد الله من ﴿الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح﴾ قَالَ: الْجِرَاحَات
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: افصلوا بَينهمَا قَوْله ﴿للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم وَاتَّقوا أجر عَظِيم الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما نَدم أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه على الرُّجُوع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَقَالُوا: ارْجعُوا فاستأصلوهم
فقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب فهزموا فَلَقوا أَعْرَابِيًا فَجعلُوا لَهُ جعلا فَقَالُوا لَهُ: إِن لقِيت مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَأخْبرهُم أَنا قد جَمعنَا لَهُم
فَأخْبر الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فطلبهم حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد فَلَقوا الْأَعرَابِي فِي الطَّرِيق فَأخْبرهُم الْخَبَر فَقَالُوا: ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ ثمَّ رجعُوا من حَمْرَاء الْأسد
فَأنْزل الله فيهم وَفِي الْأَعرَابِي الَّذِي لَقِيَهُمْ ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أَبْزَى ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ قَالَ: أَبُو سُفْيَان
قَالَ لقوم: إِن لَقِيتُم أَصْحَاب مُحَمَّد فَأَخْبرُوهُمْ أَنا قد جَمعنَا لَهُم جموعاً
فَأَخْبرُوهُمْ فَقَالُوا ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْتقْبل أَبُو سُفْيَان فِي مُنْصَرفه من أحد عيرًا وَارِدَة الْمَدِينَة ببضاعة لَهُم وَبينهمْ وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبال فَقَالَ: إِن لكم عليّ رضاكم إِن أَنْتُم رددتم عني مُحَمَّدًا وَمن مَعَه إِن أَنْتُم وجدتموه فِي طلبي أخبرتموه أَنِّي قد جمعت لَهُ جموعاً كَثِيرَة فاستقبلت العير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّد انا نخبرك أَن أَبَا سُفْيَان قد جمع لَك جموعاً كَثِيرَة وَأَنه مقبل إِلَى الْمَدِينَة وَإِن شِئْت أَن ترجع فافعل
فَلم يزده ذَلِك وَمن مَعَه إِلَّا يَقِينا ﴿وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ فَأنْزل الله ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ انْطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعصابة
من أَصْحَابه بَعْدَمَا انْصَرف أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه من أحد خَلفهم حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة فَجعل الْأَعْرَاب وَالنَّاس يأْتونَ عَلَيْهِم فَيَقُولُونَ لَهُم: هَذَا أَبُو سُفْيَان مائل عَلَيْكُم بِالنَّاسِ فَقَالُوا ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ فَأنْزل الله ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ الْآيَة
قَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان كَانَ أرسل يَوْم أحد أَو يَوْم الْأَحْزَاب إِلَى قُرَيْش وغَطَفَان وهوازن يستجيشهم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه فَقيل: لَو ذهب نفر من الْمُسلمين فأتوكم بالْخبر فَذهب نفر حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذكر لَهُم أَنهم فِيهِ لم يرَوا أحدا فَرَجَعُوا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى يَوْم أحد فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله ﴿إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾ فَقَالَ ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ فَأنْزل الله ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي رَافع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه عليا فِي نفر مَعَه فِي طلب أبي سُفْيَان فَلَقِيَهُمْ أَعْرَابِي من خُزَاعَة فَقَالَ: إِن الْقَوْم قد جمعُوا لكم ﴿وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم﴾ قَالَ: هَذَا أَبُو سُفْيَان قَالَ لمُحَمد يَوْم أحد: مَوْعدكُمْ بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا
فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَسى
فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لموعده حَتَّى نزل بَدْرًا فوافوا السُّوق فابتاعوا فَذَلِك قَوْله ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء﴾ وَهِي غَزْوَة بدر الصُّغْرَى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت بَدْرًا متجراً فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاعد أَبَا سُفْيَان أَن يلقاه بهَا فَلَقِيَهُمْ رجل فَقَالَ لَهُ: إِن بهما جمعا عَظِيما من الْمُشْركين
فَأَما الجبان فَرجع
وَأما الشجاع فَأخذ أهبة التِّجَارَة وأهبة الْقِتَال
﴿وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ ثمَّ خَرجُوا حَتَّى جاؤوها فتسوّقوا بهَا وَلم يلْقوا أحدا فَنزلت ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ إِلَى قَوْله ﴿بِنِعْمَة من الله وَفضل﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَزَادَهُم إِيمَانًا﴾ قَالَ: الإِيمان يزِيد وَينْقص
وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد حِين قَالُوا ﴿إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ آخر قَول إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ وَقَالَ نَبِيكُم مثلهَا ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾ وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا نَبِيكُم وَأَصْحَابه إِذْ قيل لَهُم ﴿إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا وَقَعْتُمْ فِي الْأَمر الْعَظِيم فَقولُوا ﴿حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الذّكر عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشتدّ غمه مسح بِيَدِهِ على رَأسه ولحيته ثمَّ تنفس الصعداء وَقَالَ: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل
وَأخرج أَبُو نعيم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل أَمَان كل خَائِف
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ عشر كَلِمَات عِنْد كل صَلَاة غَدَاة وجد الله عِنْدهن مكفياً مجزياً: خمس للدنيا وَخمْس للآخرة: حسبي الله لديني حسبي الله لما أهمني حسبي الله لمن بغى عليّ حسبي الله لمن حسدني حسبي الله لمن كادني بِسوء حسبي الله عِنْد الْمَوْت حسبي الله عِنْد الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر حسبي الله عِنْد الْمِيزَان حسبي الله عِنْد الصِّرَاط حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل﴾ قَالَ ﴿النِّعْمَة﴾ أَنهم سلمُوا و ﴿الْفضل﴾ إِن عيرًا مرَّت وَكَانَ فِي أَيَّام الْمَوْسِم فاشتراها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فربح مَالا فَقَسمهُ بَين أَصْحَابه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ الْفضل مَا أَصَابُوا من التِّجَارَة وَالْأَجْر
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خرج إِلَى غَزْوَة بدر الصُّغْرَى ببدر دَرَاهِم ابتاعوا بهَا من موسم بدر فَأَصَابُوا تِجَارَة فَذَلِك قَول الله ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء﴾ قَالَ: أما النِّعْمَة فَهِيَ الْعَافِيَة وَأما الْفضل فالتجارة وَالسوء الْقَتْل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لم يمسسهم سوء﴾ قَالَ: لم يؤذهم أحد ﴿وَاتبعُوا رضوَان الله﴾ قَالَ: أطاعوا الله وَرَسُوله
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّفكم أولياءه
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّف أولياءه﴾ يَقُول: الشَّيْطَان يخوّف الْمُؤمنِينَ بأوليائه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّف أولياءه﴾ قَالَ: يخوّف الْمُؤمنِينَ بالكفار
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك ﴿يخوّف أولياءه﴾ قَالَ: يعظم أولياءه فِي أعينكُم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: تَفْسِيرهَا يخوّفكم بأوليائه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: يخوّف النَّاس أولياءه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك تخويف الشَّيْطَان وَلَا يخَاف الشَّيْطَان إِلَّا ولي الشَّيْطَان
الْآيَتَانِ ١٧٦ - ١٧٧