
١٧ - (الصابرين والصادقين). قدم الصبر؛ لأنه رأس الإِيمان، رأس كل عبادة؛ لأنه حبس النفس على المشاق، وما تأتي العبادة إلا بالصبر ثم عقبه بالصدق؛ لأن الإِنسان قد يحبس نفسه على المشاق رياءً، وسمعة فأخبر أنهم صادقون في صبرهم ثم عقبه بالقنوت، وهي العبادة القاصرة ثم عقبه
صفحة رقم 478
بالعبادة المتعدية، للغير وهي الإنفاق في الزكاة، وصلة الرحم وغير ذلك، وأيضا فالصدقة برهان ودليل على صحة ذلك كله، فلذلك أخرها بعدُ كمن يذكر المسألة، وحكمها ثم يذكر بعد ذلك دليلها ثم عقبه بالاستغفار. قال الزمخشري: والواو المتوسطة بين الصفات، للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها. وقول أبي حيان: لا يُعْلم ذلك في عطف الصفات.
يردّ بأن هذا ليس من علمه، وإنما هو من علم البيان، وقالوا: فيه عطف الصفات يقتضي ذلك. وقول ابن عطية: الصدق في القول، والفعل، هو بناء على استعمال اللفظ في حقيقته، ومجازه لأنه حقيقة في القول.