آيات من القرآن الكريم

وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ

﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨) ﴾
يَنْهَى تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ فِي اعْتِقَادِهِمُ الْفَاسِدِ، الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ عَنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْأَسْفَارِ وَفِي (١) الْحُرُوبِ: لَوْ كَانُوا تَرَكُوا ذَلِكَ لَمَا أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ. فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإخْوَانِهِمْ﴾ أَيْ: عَنْ إِخْوَانِهِمْ ﴿إِذَا ضَرَبُوا فِي الأرْضِ﴾ أَيْ: سَافَرُوا لِلتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا (٢) ﴿أَوْ كَانُوا غُزًّى﴾ أَيْ: فِي الْغَزْوِ ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا﴾ أَيْ: فِي الْبَلَدِ ﴿مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ (٣) أَيْ: مَا مَاتُوا فِي السَّفَرِ وَلَا قُتِلُوا فِي الْغَزْوِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أَيْ: خَلَقَ هَذَا الِاعْتِقَادَ فِي نُفُوسِهِمْ لِيَزْدَادُوا حَسْرَةً عَلَى مَوْتِهِمْ وقتْلهم (٤) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أَيْ: بِيَدِهِ الْخَلْقُ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ، وَلَا يَحْيَا أَحَدٌ وَلَا يَمُوتُ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَقَدَرِهِ، وَلَا يُزَاد فِي عُمُر أَحَدٍ وَلَا يُنْقَص مِنْهُ إِلَّا بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ أَيْ: وَعِلْمُهُ وَبَصَرُهُ نَافِذٌ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمْ شَيْءٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ تَضَمَّنَ هَذَا أَنَّ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمَوْتَ أَيْضًا، وَسِيلَةٌ إِلَى نَيْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ وعَفوه وَرِضْوَانِهِ، وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَجَمْعِ حُطَامِهَا الْفَانِي.
ثُمَّ أَخْبَرَ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَمَصِيرُهُ وَمَرْجِعُهُ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَيَجْزِيهِ بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ فَقَالَ: ﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾

(١) في جـ، ر، و: "أو في".
(٢) في جـ: "وغيرها".
(٣) في ر: "ولا".
(٤) في جـ، ر، أ، و: "موتاهم وقتلاهم".

صفحة رقم 147
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية