آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ﴾ لأنَّ كلَّ ما فعله بخلقه فهو منه عدلٌ، ومَن تَصَرَّف في حقيقة مُلْكِهِ، لا يُوصَفُ تصرفُهُ بأنه ظلم.
﴿وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ لأنَّ الإنسان -بالكفر والعصيان- هو الذي يَظلِمُ نفْسَه.
قال أهل المعاني: وفي هذا حسرة شديدة لهؤلاء المنفقين، ومصيبة عظيمة؛ لأنهم رجوا (١) فائدة نفقاتهم، وعائدتها، فعادت عليهم بالمَضَرَّة (٢)، كما رجا أصحابُ الزرع عائدةَ زرعِهم، فضربته (٣) الريحُ وأهلكته (٤).
١١٨ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ الآية. قال المفسرون: نزلت في النهي عن مداخلة اليهود والمنافقين (٥).

(١) في (أ)، (ب): ربحوا. ولا وجه لها. والمثبت من: ج؛ نظرًا لمناسبته لما بعده من قوله: (كما رجا أصحاب الزرع..)، ولمناسبته للمعنى المراد. وقد وردت هذه الكلمة في: "تفسير الطبري": ٤/ ٦٠ عند تفسير هذه الآية.
(٢) في (ب): (المضرة).
(٣) في (ج): (فضربتها).
(٤) انظر معنى هذا القول في: "تفسير الطبري" ٤/ ٦٠.
(٥) ورد ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والربيع، وغيرهم. انظر: "سيرة ابن هشام": ٢/ ١٨٦، و"تفسير الطبري": ٤/ ٦١، و"تفسير ابن أبي حاتم": ٣/ ٧٤٢ - ٧٤٣، و"تفسير الثعلبي": ٣/ ١٠٤ أ، و"أسباب النزول" للواحدي: ص ١٢٤، و"الدر المنثور": ٢/ ١١٨.
ولا يمنع كونها نازلة في اليهود والمنافقين، أن يدخل في النهي اتِّخاذ جميع أصناف الكافرين بطانة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، وقد قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾. [سورة الممتحنة: ١]. =

صفحة رقم 530

و (البِطَانَة): قال أبو حاتم، عن الأصمعي (١): (بَطَن فلانٌ بفلان، يَبْطُنُ به بُطُونًا، وبِطَانَةً) (٢): إذا كان خاصًّا به، داخلًا في أمره. فـ (البِطانة) (٣) مصدرٌ يُسَمَّى به الواحد والجمع.
قال الشاعر:

أولئك خُلْصاني نَعَمْ وبِطانَتِي وهُمْ عَيْبَتِي (٤) مِن دونِ كلِّ قَرِيبِ (٥)
= وقد قيل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه -: (إن ههنا غلامًا من أهل الحيرة، حافظًا كاتبًا، فلو اتّخذته كاتبًا. قال: قد اتّخذت إذًا بطانة من دون المؤمنين). أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٣/ ٧٤٣، وأورده ابن كثير ١/ ٤٢٨، والسيوطي في "الدر": ٢/ ١١٨، وزاد عزوه لعبد بن حميد، وابن أبي شيبة.
قال ابن كثير -معلقًا في هذا الموضع-: (ففي هذا الأثر مع هذه الآية [أي: آية سورة آل عمران ١١٨] دليل على أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الكتابة التي فيها استطالة على المسلمين، وإطلاع على دواخل أمورهم، التي يخشى أن يفشوها إلى الأعداء من أهل العرب؛ ولهذا قال: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾). "تفسيره": ١/ ٤٢٨. وانظر: "تفسير الفخر الرازي" ٨/ ٢١٥.
(١) قوله، في: "تهذيب اللغة": ١/ ٣٥٠ (بطن). وهو من قوله: (أبو حاتم..) إلى (في أمره). نقله عنه بنصه.
(٢) وبطانة: ليست في: "تهذيب اللغة". وهي في: "اللسان": ١/ ٣٠٤ (بطن) حيث أورد نفس النص، ولكن دون عزو.
(٣) في (أ): (بالبطانة). وفي (ب): (في البطانة). والمثبت من (ج).
(٤) في (ب): (عينتي).
(٥) لم أقف على قائله. وقد ورد غير منسوب في: "تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٤ أ، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٣، و"الدر المصون" ٣/ ٣٦٣، و"فتح القدير" للشوكاني ١/ ٥٦٦. وفي "فتح القدير": (وهم خلصاني كلهم وبطانتي). وقوله: (خُلْصاني)؛ أي: خُلَصائي. ويستوي فيه الواحد والجماعة. =

صفحة رقم 531

وبِطَانة الرجل: خاصَّتُه الذين يَسْتَبْطنون (١) أمْرَهُ. وأصله من: (البَطْنِ) خلاف الظهر، ومنه (٢): (بِطانَة الثوب)، خلاف (ظهارته) (٣).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِكُمْ﴾ أي: مِن دون المسلمين، ومِن غير أهل ملَّتكم، وظاهر هذا للمخاطَبِين، وهو يريد: جميع المسلمين. يعني لا تتخذوا بطانة مِن دون (٤) المسلمين (٥).
وصلح أن يُعَبَرَ ﴿مِنْ دُونِكُمْ﴾ عن هذا. كما يقول الرجل: (قد قتلتمونا [وهزمتُمُونا] (٦)؛ وهو يريد قتلتم إخواننا. وقد تقدم لهذا نظائر (٧).
وقوله تعالى: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾ يقال (٨): (أَلَوْتُ في الشيء،

= و (عَيْبَة الرجل): موضعُ سِرِّه والجمع: (عِيَبٌ)، و (عِياب)، و (عَيْبات). انظر: "اللسان": ٥/ ٣١٨٤ (عيب)، ٢/ ١٢٢٨ (خلص).
(١) في (أ)، (ب): (يستنبطون). ولا وجه لها. والمثبت من (ج)، ومصادر اللغة.
(٢) منه: ساقطة من (ج).
(٣) انظر: (بطن) في: "الصحاح" ٢٠٧٩ - ٢٠٨٠، و"مقاييس اللغة" ١/ ٢٥٩.
(٤) في (ب): من دونكم من دون المسلمين.
(٥) انظر: "تفسير غريب القرآن"، لابن قتيبة ١/ ١٠٣، و"تفسير الطبري" ٤/ ٦١، و"تفسير أبي السعود" ٢/ ٧٦، و"فتح القدير" ١/ ٥٦٦.
(٦) ما بين المعقوفين زيادة من (ج).
(٧) ومن ذلك قوله -تعالى- عن بني إسرائيل: ﴿فَأقتُلُوَا أَنفُسَكُم﴾ [من سورة البقرة: ٥٤]. لا يعني بها أن يقتل كل واحد منهم نفسه بيده، بل يعني ليقتل بعضكم بعضًا، أو ليقتل البريء منكم المجرم.
ومنها قوله: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [من سورة البقرة: ٦١]. والمعنِيِّين في الآية لم يقتلوا النبيين، وإنما الذي قتل النبيين آباؤهم، وإنما هم تولوا القتلة.
وانظر: الآية: ٢١ من سورة آل عمران، والآية: ٦١ من سورة النور. وانظر: "معاني القرآن"، للنحاس: ١/ ٤٦٥، و"تفسير الفخر الرازي": ٨/ ٢١٦.
(٨) في (أ)، (ب): (لا يقال). وهو خطأ واضح. والمثبت من (ج).

صفحة رقم 532

أَلْوًا (١)؛ أي: قَصَّرت.
قال امرؤ (٢) القيس:

وما المَرْءُ ما دامت حُشَاشَةُ (٣) نَفْسِهِ بِمُدْرِكِ أطرافِ الخُطُوبِ ولا آلِي (٤)
قال أبو الهيثم (٥):
يقال: (أَلاَ، يَألُوا): إذا فَتَرَ (٦)، وضعُف، وقَصَّر (٧)، ومثله: (أَلَّى (٨)، وائْتَلَى)، وأنشد:
(١) في (أ): (آلوا). وهي خطأ. والمثبت من: (ب)، (ج)، ومصادر اللغة.
(٢) في (ب): (امرئ).
(٣) في (أ): (حَشاشة) -بفتح الحاء-. ولم أرها في معاجم اللغة التي رجعت إليها. وأهملت حركاتها في: (ب)، (ج). وما أثبتُّه، فمن مصادر البيت وكتب اللغة.
(٤) في (ج): (ولا ألي).
والبيت في: ديوانه: ص ١٢٩. كما ورد منسوبًا له في: كتاب "المعاني الكبير": ٣/ ١٢٥٥، و"الزاهر": ١/ ٢٦٨.
وورد غير منسوب في: "اللسان": ٢/ ٨٨٦ (حشش)، ١/ ١٧٦ (ألا).
والحُشاشة: الروح ورمق الحياة، وبقية الروح في المريض، وكل بَقِيَّة: (حشاشة). انظر: "اللسان": ٢/ ٨٨٦ (حشش).
ومعناه: إن المرء ما بقيت فيه بقية من روح، فإنه يبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق ما يريد، ومع هذا فإنه لن يحصل على كل شيء، ولن يدر أواخر الأمور.
(٥) قوله، في: "تهذيب اللغة": ١/ ١٧٩، و"اللسان": ١/ ١١٧.
(٦) في (أ)، (ب): (أفتر). والمثبت من: (ج)، و"تهذيب اللغة"، و"اللسان".
(٧) وقصَّر: غير موجودة في (التهذيب)، "اللسان".
(٨) في (أ)، (ب): (آلى). وفي (ج): (الا). وقد أثبتُها (ألَّى)؛ لأنه بدا لي -والله أعلم- أن المؤلف هكذا أرادها؛ والدليل على ذلك: أنها جاءت بهذه الصورة في: "التهذيب" و"اللسان"، وبقية مصادر اللغة التي رجعت إليها. إضافة إلى أن =

صفحة رقم 533

فما أَلَّى بَنِيَّ ولا أساؤوا (١)
أي: ما قصَّروا (٢).

= المؤلف أورد الشاهد الشعري بعدها دليلًا على ورودها في اللغة بهذه الصورة، وقد وردت فيه (ألَّى) كما سيأتي.
مع ملاحظة أن (آلى) صحيحةٌ لغةً، وقد أوردها ابنُ فارس في: "مقاييس اللغة": ١/ ١٢٨ (ألوى)، وأورد بعدها الشاهد الشعري الآتي دليلًا عليها، وفيه (آلى) بدلًا من (ألَّى).
ومن معاني (آلى): حَلَفَ. يقال: (آلَى، يُؤلي، إيلاءً). وتأتي: (يَتَألَّى تألِّيًا)، و (ائْتَلَى يأتَلي ائْتِلاءً). كلها بمعنى: اليمين. انظر: "مقاييس اللغة": ١/ ١٢٨ (ألوى)، و"اللسان": ١/ ١١٧ (ألا).
(١) في (ب)، (ج): وردت (ألَّى) في البيت مهملة بدون همز ولا تشكيل.
وهذا شطر بيت للرَّبيع بن ضبُع الفَزَاري. وأول البيت:
وإنَّ كَنَائِني لَنِساءُ صِدْقٍ
وقد ورد منسوبًا له في: كتاب " المعاني الكبير" ١/ ٥٣٢، و"تهذيب اللغة" ١/ ١٧٩ (ألى)، و"غريب الحديث"، للخطابي ١/ ٥٨، و"الصحاح" ٦/ ٢٢٧٠ (ألا)، و"أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٥، و"الإفصاح" للفارقي ٢٧٠ و"الفائق" للزمخشري ١/ ٦٥، و"اللسان" ١/ ١١٧ (ألا)، و"خزانة الأدب" ٧/ ٣٨١، ٣٨٢.
وورد غير منسوب في: "مقاييس اللغة" ١/ ١٢٨ (ألوى).
وقد ورد في كل المصادر السابقة -إلا في: "المقاييس"، و"أمالي المرتضى" كالتالي: (وما ألَّى بَنِيَّ). أما في: "المقاييس"، و"الأمالي"، فورد: (.. آلَى..)، وورد في بعض المصادر: (وما أساؤوا).
الكَنائن: جمع: كَنَّة. وهي امرأة الابن والأخ. انظر: "القاموس": ١٥٨٥ (كنن).
و (ألَّى) فعَّلَ، من: (ألَوت)؛ أي: أبطأت. أو من: (الألُوِّ)؛ أي: التقصير.
انظر: كتاب "المعاني الكبير": ١/ ٥٣٢، و"التهذيب": ١/ ١٧٩ (ألى).
ويعني الشاعر: أن كنائنه نِعْم النساء، وأن بنيه ما أبطؤوا عن فعل المكارم، وما يجب عليهم من القيام بأمره، وما قصَّروا في ذلك.
(٢) نقل في "خزانة الأدب" قول أبي حاتم السجستاني، معلقًا على البيت: (والتألية: =

صفحة رقم 534

قال امرؤ القيس:

أَلاَ رُبَّ خَصْمٍ فيكِ أَلْوَى رَدَدْتُهُ نَصِيحٍ على تَعْذالِهِ غيرِ مُؤْتَلِي (١)
أي: غير مقصر.
و (الخَبَالُ) -في اللغة-: الفساد والشر. ومنه قوله تعالى: ﴿مَّا زَادُوكُم إِلَّا خَبَالًا﴾ (٢)؛ أي (٣): يريد (٤): [إلَّا] (٥) شرًّا (٦).
= التقصير، ومن قال: (وما آلى) بالمد؛ فمعناه ما أقسموا؛ أي لا يَبرُّوني) ٧/ ٣٨٢. وذكر محقق "أمالي المرتضى" ١/ ٢٥٥: أنه في حاشية نسخة أخرى للأمالي، ورد التالي: (ألّى) - بتشديد اللام. قال: وهو الصحيح، ومعنى (ألّى): قصر، في قول بعضهم. واللغة الأخرى: (ألا) -مخففًا-؛ يقال: (ألا الرجلُ)، (يألوا): إذا قصر وفَتَر. فأما (آلى) في البيت، فلا وجه له؛ لأنه بمعنى: حلف، ولا معنى له -ههنا-). وانظر: "الخزانة"، في الموضع السابق.
(١) البيت في: ديوانه: (١١٦). و"شرح القصائد السبع"، لابن الأنباري: ٧٣، و"شرح المعلقات السبع"، للزوزني: ٢٥، و"شرح القصائد العشر"، للتبريزي: ٣٥. (الألوى): الشديد الخصومة، الجَدِل. و (النصيح): الناصح. و (التَّعْذال): هو العَذْل؛ أي: اللوم. و (غير مؤتلي): غير مقصر.
ومعنى البيت: ألا رُبَّ خصم؛ شديد في خصومته؛ جَدِلٍ في كلامه، كان ينصحني، غير مقصر في نصيحته لي، ولومه إيّاي على حبي لكِ، قد رددته، ولم أرجع عن هواك بلومه ونصحه.
أي: إنه بلغ من شدة حبه لها الغاية القصوى، لدرجة أنه لا يؤثر فيه، ولا يثنيه عن ذلك نصح ناصح، ولا لومُ لائم. انظر: المراجع السابقة.
(٢) [سورة التوبة: ٤٧]، وتمامها: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾.
(٣) (أي): ساقطة من (ب)، (ج).
(٤) في (أ): (لا يريد).
(٥) ما بين المعقوفين زيادة من (ب).
(٦) انظر: "مجاز القرآن": ١/ ١٠٣، ٢٦١ و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ١٨٧،=

صفحة رقم 535

ويقال: (في قوائم الدابَّة خَبَالٌ)، و (في عَقْلِهِ خبالٌ)؛ أي: و (رجلٌ مُخَبَّلُ الرأي): فاسدُهُ، [و] (١) مُضْطَرِبُهُ. و (خَبَلَهُ (٢) الحُبَّ)؛ أي: أفسده (٣).
ومعنى قوله: ﴿لَا يَأْلُونَكُم خَبَالًا﴾ أي: لا يَدَعُونَ جهدَهم في مضرَّتِكم، وفسادكم (٤).
يقال: (ما أَلَوْتُهُ نُصْحًا)؛ ما قصَّرت في نصيحته (٥)، و (ما أَلَوْتُه شَرًّا)، مثله. قال الزجَّاج (٦): ﴿لَا يألُونَكُم خَبَالًا﴾ أي: لا يُبْقون (٧) غايةً في إلقائكم فيما يضركم (٨).
ومحل قوله: ﴿لَا يأْلُونَكُمْ﴾: النَّصْبُ، لأنه صفة البطانة (٩).

= و"نزهة القلوب" للسجستاني ٢١٧، و"بحر العلوم" لأبي الليث ١/ ٢٩٤، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٠٤ ب، و"تحفة الأريب" لأبي حيان ١١٣.
(١) ما بين المعقوفين: زيادة من (ب).
(٢) في (ج): (ختله).
(٣) انظر: (خبل) في: "إصلاح المنطق": ٥٢، و"تهذيب اللغة": ١/ ٩٨١، و"مقاييس اللغة": ٢/ ٢٤٢.
(٤) انظر: "بحر العلوم" لأبي الليث: ١/ ٢٩٤.
(٥) في (ج): (نصيحة).
(٦) في: "معاني القرآن"، له: ١/ ٤٦٢.
(٧) في (ج): (لا يتقون).
(٨) في "معاني القرآن": في إلقائهم فيما يضرهم.
(٩) انظر: "البيان"، للأنباري ١/ ٢١٧، و"التبيان" للعكبري (٢٠٦).
وقيل: هي حال من الضمير في قوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِكُمْ﴾ على أن يكون الجارُّ صفة لـ (بطانة). وقد جوز كونها -والجمل التي بعدها- صفة، الزمخشريُّ، ولكنه جعل الأَوْلَى من ذلك أن تكون مستأنفة على وجه التحليل للنهي عن اتِّخاذهم بطانة. وأيد ذلك ابن هشام. =

صفحة رقم 536

وانتصب (١) (الخَبَالُ) بـ (الأَلْوِ)؛ لأنه يتعدى إلى مفعولين، كما ذكرنا (٢). وإن شئت نصبته (٣) على المصدر؛ لأن معنى قوله: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾: يُخبلونكم خَبَالًا (٤).

= انظر: "الكشف": ١/ ٤٥٨، و"المغني"، لابن هشام: ٥٠٣ - ٥٠٤.
أما أبو حيان فلا يرى أن تكون هذه الجمل صفة للبطانة أو حالًا، ولا يجيز ذلك، ويرى لها وجهًا واحدًا فقط، هى أن تكون استئنافية، لا محل لها من الإعراب (جاءت بيانًا لحال البطانة الكافرة؛ لتنفير المؤمنين عن اتخاذهم بطانة).
ويرى أن من قال عنها أنها صفة للبطانة أو حال مما تعلقت به (مِن) (فبعيد عن فهم الكلام الفصيح؛ لأنهم نُهوا عن اتخاذ بطانة كافرة، ثم نبَّه على أشياء مما هم عليه من ابتغاء الغوائل للمؤمنين، ووداد مشقتهم، وظهور بغضهم، والتقييد بالوصف أو بالحال يؤذن بجواز الاتخاذ عند انتفائهما). "البحر المحيط": ٣/ ٣٨.
(١) من قوله: (وانتصب) إلى (يخبلونكم خبالًا): نقله بتصرف عن "الثعلبي" ٣/ ١٠٤ ب.
(٢) أي هو مفعول ثانٍ.
قال الزمخشري عن تعدِّي فِعْلِ (ألا) الذي بمعنى قصَّر: (يقال: (ألاَ في الأمر، يألو): إذا قَصَّرَ فيه، ثم استعمل فعدِّيَ إلى مفعولين في قولهم: (لا آلُوكَ نُصْحًا)، و (لا آلوك جهدًا)؛ على التضمين؛ والمعنى: لا أمنعك نصحًا، ولا أنقصكه). "الكشاف": ١/ ٤٥٨.
(٣) في (ج): (نصبت).
(٤) في (أ): لا يختلونكم خبالًا. ب: لا يخبلونكم خبالًا. والجملة ساقطة من (ج). وأثبتُّها بحذف حرف النفي (لا) كما جاءت في: "تفسير الثعلبي"، ولأنها لا وجه لها بوجود حرف النفي. وأثبتُ (يخبلونكم) من: ب، و"تفسير الثعلبي". وقد ذُكر في نصب (خبالًا) أقوالٌ أخرى، منها:
- إنها منصوبة على إسقاط حرف الجر، والتقدير: لا يألونكم في خبال؛ أي: في تخبيلكم، ويكون حينها فعل (ألاَ) يتعدى إلى مفعول واحد بغير حرف الجر.
- وقيل: إنها مصدر في موضع الحال. أي: مُتَخبلين. انظر: "التبيان" للعكبري (٢٠٦)، و"الفريد في إعراب القرآن المجيد" ١/ ٦٢٠.

صفحة رقم 537

وقوله تعالى: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾.
قال المفسرون (١): ودُّوا عَنَتَكم (٢). والعَنَت (٣): دخول المشقة على الإنسان، ووقوعه فيما لا يستطيع الخروج منه. يقال: (عَنِتَ الرجل): إذا صار إلى هذه الحالة. و (عَنِتَ) -أيضًا-: إذا أثم (٤).
و (ما) (٥) -ههنا- (ما) المصدر، كقوله: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ (٦)؛ أي (٧): عزيز عليه عنَتُكم (٨)، وهو: لقاء الشِّدَّةِ والمَشَقَّةِ (٩).
وقيل (١٠) في قوله: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾، أي: ما أعنتكم من مكروه،

(١) منهم: ابن قتيبة في: "تفسير غريب القرآن": ١٠٩، والزجاج في: "معاني القرآن" ١/ ٤٦٢، والطبري في: "تفسيره": ٤/ ٦١.
(٢) في (ج): (ودُّوا ما عنتم).
(٣) في (ج): (فالعنت).
(٤) انظر هذا المعنى في: كتاب "العين": ٢/ ٧٢، و"مجاز القرآن": ١/ ٧٣، ١٢٣، و"تفسير الطبري": ٢/ ٣٧٥، و"معاني القرآن"، للزجاج: ١/ ٣٦٢، و"جمهرة اللغة": ١/ ٤٠٣ (عنت)، و"الزاهر": ١/ ٤٣٦، و"تهذيب اللغة": ٣/ ٢٥٨٤، و"مقاييس اللغة" ٢/ ١٥٠ (عنت).
(٥) (ما): ساقطة من (ج).
(٦) [سورة التوبة: ١٢٨]. ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
(٧) (عزيز عليه ما عنتم أي): ساقط من (ج).
(٨) انظر: "المغني" لابن هشام ٣٩٩.
(٩) قوله: (لقاء الشدة والمشقة): هو نص قول الأزهري في: "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٥٨٤ (عنت).
(١٠) القائل هو ابن قتيبة في: "تفسير غريب القرآن" ١٠٩.

صفحة رقم 538

وضُرٍّ (١). وهو معنًى وليس بتفسير.
وقال السُّدِّي (٢): ودُّوا ضلالكم عن دينكم؛ وذلك أن الحَيْرَة بالضلال مشقة.
ومضى الكلام في (العَنَتِ)، و (الإعْنَاتِ) عند قوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠].
ولا محل لقوله: ﴿وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾؛ لأنه استئنافٌ بالجملة. وقيل (٣): إنَّه من صِفَةِ البِطَانَةِ، ولا يصح هذا؛ لأن البطانة قد وصفت بقوله: ﴿لَا يألُونَكُم خَبَالًا﴾.
فلو رجع هذا إلى البطانة، لأدخل حرف العطف؛ لأنك لا تقول في الكلام: (لا تَتَّخذ صاحبًا يَشْتِمُكَ، أحبَّ مُفارقَتَكَ) (٤).
وقوله تعالى: ﴿قَد بَدَتِ اَلبغضَاَءُ مِن أَفوَاهِهِم﴾ البَغْضاءُ: شِدَّةُ البُغْضِ (٥) قال الفراءُ (٦): البغضاء: مصدرٌ مؤنثٌ.

(١) ونصه قول ابن قتيبة: (أي: ودُّوا عنتكم وهو ما نزل بكم من مكروه وضر). وبه قال مكي في: "تفسير المشكل" ٥١، وأبو الليث في: "بحر العلوم" ١/ ٢٩٤.
(٢) قوله، في: "تفسير الطبري" ٤/ ٦٢، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٧٤٣ و"النكت والعيون" ١/ ٤١٩.
(٣) ممن قال ذلك: الأخفش في: "معاني القرآن"، له: ١/ ٢١٤، والطبري في: "تفسيره": ٤/ ٦٢.
(٤) أورد قولَ الواحديِّ -هذا- ابنُ هشام في: "المغني": ٥٠٤، وفيه: (يؤذيك) بدلًا من (يشتمك) وقد علق ابن هشام على قول الواحدي هذا بقوله: (الذي يظهر، أنَّ الصفةَ تتعدد بغير عاطف، وإن كانت جملة، كما في الخبر، نحو: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)﴾ [الرحمن: ١ - ٤]).
(٥) انظر: "القاموس المحيط" (٦٣٧) (بغض).
(٦) قوله، في: "معاني القرآن" له: ١/ ٢٣١، نقله عنه بالمعنى.

صفحة رقم 539

ومعنى الآية: قد ظهرت العداوةُ من أفواههم، بالشتِيمَةِ والوَقِيعَةِ في المسلمين، وإطلاع المشركين على أسرارهم (١).
وواحد (الأفواه): فَمٌ. وأصله (٢): (فَوْهٌ)، بوزن: (سَوْطٍ)، فحُذِفت الهاءُ تخفيفًا، كما حذفت من (سَنَةٍ)، فيمن قال:
لَيْسَتْ (٣) بِسَنْهاء... (٤).

(١) قال القرطبي: (وخص الله -تعالى- الأفواهَ بالذكر، دون الألسنة؛ إشارة إلى تشدُّقهم، وثرثرتهم في أقوالهم هذه، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه). "تفسيره": ٤/ ١٨٠.
(٢) من قوله: (وأصله..) إلى (كالحات وبسل): نقله بتصرف واختصار عن: "سر صناعة الإعراب": ١/ ٤١٤.
(٣) في (ب): (لست).
(٤) قطعة من بيت، لِسُوَيد بن الصامت الأنصاري. وتمامه:
ليست بِسَنْهاءٍ ولا رُجَبيَّةٍ... ولكنْ عَرَايا في السِّنينَ الجَوائِح
وقد ورد منسوبًا له في: "كتاب النخل" لأبي حاتم السجستاني: ٨٨، ٩٣، و"اللسان": ٣/ ١٥٨٣ (رجب)، ٦/ ٣٥٧١ (قرح)، ٢/ ٧١٩ (جوح)، ٤/ ٢١٢٧ (سنة)، (عرا). وأورده أبو عبيد بن سلام في: "غريب الحديث": ١/ ١٤١، وابن فارس في: "المقاييس": ٤/ ٢٩٩، ونسباه لشاعر الأنصار، ولم يصرحا باسمه. وورد غير منسوب في: "مجالس ثعلب": ٧٦، و"جمهرة اللغة": ١/ ٢٦٦، و"الأمالي"، للقالي: ١/ ١٢١، و"تهذيب اللغة": ٦/ ١٢٩ (سنه)، و"المخصص": ١٦/ ٥٤.
وقد وردت (سنهاء) في مصادر البيت بفتح الهمزة، وبكسرها مُنوُّنَةً، ووردت (رُجَبِيَّةٍ) بفتح الجيم مع التشديد فيها وبدونه.
يصف الشاعر -هنا- نخلةً بالجودة و (السنهاء): إما هي التي تحمل سنة ولا تحمل أخرى، أو تلك التي أصابتها السنة المجدبة فأضرت بها.
و (الرُّجَبِيَّة): هي النخلة التي تكون كريمة على صاحبها، فتميل، فيسندها =

صفحة رقم 540

و (عملت (١) معه مُسَانَهَةً) (٢)، ومن: (شاةٍ) (٣)، و (شَفَةٍ) (٤)، فصار التقدير: (فَوْ) (٥). فلما صار الاسم على حرفين، لا ثاني منهما (٦) حرف لين، كرهوا حذفه للتنوين، فَيُجْحِفُوا به، فأبدلوا من الواوِ مِيْمًا لقرب الميم

= بِـ (رُجْبة)، أي: بخشبة ذات شعبتين، وقيل: الترجيب، هو: أن يُجعَل حولها شوكٌ حتى لا يرقى لها راقٍ فيجني ثمرها. وأرى -والله أعلم- أن القول الثاني هو المراد في البيت؛ لأنه يصفها أنها ليست من تلك التي يُمنع ثمرها من الناس، بل هي مبذولة لهم، لأنه قال بعدها: (عرايا)، أي: التي يوهب ثمرها لناس، ومفردها (عَرِيَّة). و (الجوائح): هي السنون الشداد التي تجتاح المال. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد ١/ ١٤١، و"اللسان" ٣/ ١٥٨٣ (رجب)، ٤/ ٢١٢٧ (سنه).
(١) في (ج): (علمت).
(٢) المسانهة: أن يعامله إلى مدَّة سنة يقال: (سانَهَهُ مسانهةً وسِناهًا). انظر (سنه) في: "اللسان": ٤/ ٢١٢٧، و"المعجم الوسيط" ١/ ٤٥٩. ويجوز أن يكون المحذوف من (سنة) واوًا أو هاءً؛ لأنها في الجمع: (سنوات)، و (سنهات). انظر حولها: "كتاب سيبويه" ٣/ ٣٦٠، ٤٥٢، و"اللسان" ٤/ ٢٨٧ (سنة)، و"نزهة الطرف" ١٧٢.
(٣) أصل (شاة): (شَوْهَةٌ) ويقال في تصغيرها: (شُوَيهة)، وفي جمعها تكسيرًا: (شياه)، ويقولون: (شَوَّهتُ شاةً)، أي: اصطدتها.
انظر: "الممتع في التصريف" ٢/ ٦٢٦.
(٤) أصل (شَفَة): (شَفَهَة) فيقال في تصغيرها: (شُفَيهة)، وفي جمعها: (شِفاه) والفعل منها: (شافهتُ فلانا)، والمصدر: (المُشافهة).
انظر: "كتاب سيبويه": ٣/ ٣٥٨ - ٣٥٩، ٤٥١، و"الوجيز في علم التصريف" ٤١، و"الممتع" ٢/ ٦٢٥، و"نزهة الطرف" ١٧٣.
(٥) في (أ)، (ب)، (ج): (فوه). والمثبت من: "سر صناعة الإعراب"، وهي الصواب.
(٦) في (ج): (منها).

صفحة رقم 541

من الواو؛ لأنهما (١) شفويتان (٢)، وفي الميم هُوِىٌّ في الفَمِ يضارع امتداد الواو.
والدليل على أن أصله (فَوْه): جمعه على (أفواه)، نحو: (سَوْطٍ، وأسواط)، و (حَوْضٍ، وأحواض)، و (طَوْقٍ، وأطواق).
وقال أُمَيَّةُ (٣):
وما فَاهُوا بِهِ أبدًا مُقِيمُ (٤).
وقالوا: (رجلٌ مُفَوَّهٌ): إذا أجادَ (٥) القولَ، و (أَفْوَهُ): إذا كان واسع الفَمِ. وجمعه: (فُوْهٌ) (٦).

(١) في (ب): (ولأنهما).
(٢) في: "سر صناعة الإعراب": شفهيتان.
(٣) تقدمت ترجمته.
(٤) شطر بيت، وتمامه - كما في الديوان:
وفيها لحم ساهرة وبَحرٍ وما فاهوا به لهم مقيمُ
وهو في "ديوانه" ٦٨. وورد منسوبا له في "معاني القرآن"، للفراء ١/ ١٢١، و"اللسان": ١/ ٢٩ (أثم)، ٦/ ٣٤٩٢ (فوه)، و"المقاصد النحوية" ٢/ ٣٤٦، و"شرح التصريح" ١/ ٢٤١، و"الدرر اللوامع" ٢/ ١٩٩.
وورد غير منسوب في: "اللسان" ٤/ ٢١٣٢ (سهر)، ٦/ ٣٤٩٢ (فوه)، و"شرح شذور الذهب" (١٢٣)، و"شرح ابن عقيل" ٢/ ١٥، و"منهج السالك" للأشموني ٢/ ١١. وأكثر المصادر -ومنها "سر صناعة الإعراب"- تورد الشطر الأول كالتالي: (فلا لغوٌ ولا تأثيم فيها..) وهذا إنما هو صدر بيت آخر وعجزه: (ولا غَوْلٌ ولا فيها ملُيِمُ). وهو في القصيدة بعد البيت المستشهد به بأبيات.
و (الساهرة): الأرض. و (مقيم): ثابت. انظر: "اللسان" ٤/ ٢١٣٢ (سهر).
(٥) في (ب): (جاد).
(٦) انظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ٢٦٤، ٣٦٥ - ٣٦٦، و"المسائل المشكلة"، للفارسي ١٤٩ - ١٦٣، ٥٠٤، و"المخصص" ١/ ١٣٤ - ١٣٧، و"شرح المفصل" =

صفحة رقم 542

قال الشَّنْفَرَى (١):

مُهَرَّتَةٌ (٢) فُوْهٌ كأنَّ شُدُوقَها شُقُوقُ العِصِيِّ (٣) كالِحاتٌ (٤) وبُسَّلُ (٥)
ذكر ذلك أبو الفتح الموصلي (٦).
= ١٠/ ٣٣، و"الوجيز في علم التصريف" ٥٠، و"الممتع" ٣٩١، ٦٢٥، و"نزهة الطرف" ١٧٣، و"أوضح المسالك" ٣/ ٣٤١.
ويرى الأخفش أن الميم في (فم) بدل من الهاء؛ حيث إن أصله عنده (فَوْه)، ثم قلب، فصار (فَهْو)، ثم حذفت الواو، وجعلت الهاء ميما. انظر "شرح الشافية" ٣/ ٢١٥.
(١) هو: ثابت بن أوس الأزدي. شاعر جاهلي، من عَدّائي العرب المعدودين، وصعاليكهم، وأكثرهم جرأة ودهاءً، أَسَرَتْه بنو سَلامَان صغيرًا، ونشأ فيهم، فلما شبَّ وعرف بقصة أسره، قَتَل منهم كثيرًا، فقتلوه ثأرا وانتقامًا. انظر: "خزانة الأدب": ٣/ ٣٤٣، و"الأعلام": ٣/ ١٧٧.
(٢) (أ)، (ب): (مبوته). وفي (ج): (مهونه). والمثبت من: سر الصناعة، ومصادر البيت.
(٣) في (ب): (العصا).
(٤) (أ)، (ب): (الحاق). والمثبت من (ج)، وسر الصناعة، ومصادر البيت.
(٥) البيت من لامِيَّتِهِ المسماة بـ (لامية العرب). انظر: "بلوغ الأرب في شرح لامية العرب" ١٥٢. المُهَرَّتَة: الواسعة الأشداق. و (فُوْهٌ): جمع: (أفْوَه) و (فوهاء)، يقال للواسع الفم، أو من تخرج أسنانه من شفتيه من طولها.
و (الشدوق): جمع كثرة، وأما جمع القلة، فـ (أشداق)، والمفرد: شِدْق، وهو جانب الفم. و (الكالحات): المكشرات في عُبوس. و (بُسَّل): الكريهة المنظر، المفرد: باسل. ويقال للأسد، وللرجل الشجاع.
الشاعر -هنا- يعين بهذه الأوصاف: الذئابَ وقوله: (كالحات وبسل) نعت لـ (فُوُهٌ). انظر: المرجع السابق ١٥٢ - ١٥٤.
(٦) في "سر صناعة الإعراب" ١/ ٤١٣ - ٤١٦.

صفحة رقم 543
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية