
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٨ الى ١١]
رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١)قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا، أَيْ: ويقول الراسخون [في العلم] [١] : رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا، أَيْ:
لَا تُمِلْهَا عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى كَمَا أَزَغْتَ قُلُوبَ الَّذِينَ فِي قلوبهم زيغ [فضلّوا وأضلوا] [٢]، بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا، وَفَّقْتَنَا لِدِينِكَ وَالْإِيمَانِ بِالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ مِنْ كِتَابِكَ، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ: أَعْطِنَا مِنْ عِنْدِكَ، رَحْمَةً، تَوْفِيقًا [٣] وَتَثْبِيتًا لِلَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْهُدَى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَجَاوُزًا وَمَغْفِرَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
«٣٦٣» أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو بكر [٤] عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْقُرَشِيُّ، يُعْرَفُ بِابْنِ الرَّوَّاسِ الْكَبِيرِ بِدِمَشْقَ، أَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ أَنَا صَدَقَةُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [٥] [بْنُ يَزِيدَ] [بْنِ] جابر حدّثني بسر [٦] بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصابع الرحمن، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ [٧]، وإن شاء أن يقيمه أقامه»، [قال:] [٨] وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [٩] يَقُولُ: «اللَّهُمَّ يَا مقلّب القلوب
- وهو في «شرح السنة» بإثر رقم: (٨٨) بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن ماجه ١٩٩ وابن أبي عاصم في «السنة» (٢١٩) من طريق صدقة بن خالد بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن مندة في «التوحيد» (٥١١) والبغوي في «شرح السنة» (٨٨) من طريق الوليد بن مسلم قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يزيد.... فذكره بهذا الإسناد.
- وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٧٧٣٨) وأحمد ٤/ ١٨٢ والآجري في «الشريعة» ص (٣١٧) وابن حبان ٩٤٣ والحاكم ٢/ ٢٨٩ وابن مندة ٥١١ من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جابر به.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح اهـ.
- ومن وجه آخر، أخرجه ابن مندة في «التوحيد» (٥١٢) من حديث النواس وقال: هذا إسناد متصل صحيح اهـ. وله شواهد انظر الحديث المتقدم برقم: ٢٨٦. [.....]
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «توثيقا».
(٤) في الأصل «أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ» والتصويب من «شرح السنة» وكتب «التراجم».
(٥) في الأصل «ابن عبد الرحمن» والتصويب من «كتب التخريج» وكتب «التراجم».
(٦) في الأصل «بشر» وهو تصحيف.
(٧) في العبارة تقديم وتأخير في المطبوع والمثبت عن المخطوط وط و «شرح السنة».
(٨) زيادة عن «شرح السنة».
(٩) زيد في المخطوط وحده «كثيرا ما».

ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ. وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ قَوْمًا وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
«٣٦٤» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ [أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ] إِيَاسٍ [١] الْجُرَيْرِيُّ [٢] عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْقَلْبِ كَرِيشَةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ تقلّبها الرياح ظهرا لبطن».
قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ، أَيْ: لِقَضَاءِ [٣] يَوْمٍ، وَقِيلَ: اللَّامُ بِمَعْنَى: فِي [أَيْ فِي] [٤] يَوْمٍ، لَا رَيْبَ فِيهِ، أَيْ: لَا شَكَّ فِيهِ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعادَ، وهو مِفْعَالٌ، مِنَ الْوَعْدِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ: لَنْ تَنْفَعَ وَلَنْ تَدْفَعَ، عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ بِمَعْنَى عِنْدَ، أَيْ: عِنْدَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ.
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: كفعل آل فرعون وصنيعهم [مع نبيّهم] [٥] في الكفر والتكذيب [به وبما جاء] [٦]، وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: كَسُنَّةِ آلِ فِرْعَوْنَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: كَأَمْرِ آلِ فِرْعَوْنَ وَشَأْنِهِمْ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، يُرِيدُ عَادَةَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ فِي تَكْذِيبِ الرَّسُولِ [٧] وَجُحُودِ الْحَقِّ كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: كَفَّارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مِثْلِ عَادٍ وَثَمُودَ وَغَيْرِهِمْ، كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ، فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ، بِذُنُوبِهِمْ، وقيل:
- وهو في «شرح السنة» (٨٦) بهذا الإسناد.
- وأخرجه البيهقي في «الشعب» (٧٥٣) عن حاجب بن أحمد بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد ٤/ ٤١٩ وابن أبي عاصم في «السنة» (٢٢٧) من طريق آخر عن يزيد بن هارون به، وهذا إسناده صحيح على شرط مسلم.
- وأخرجه ابن ماجه ٨٨ وابن أبي عاصم ٢٢٨ من طريق يزيد الرقاشي عن غنيم بن قيس به.
- وأخرجه أحمد ١٩١٦٣ والبيهقي ٧٥٢ من طريق عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ عاصم الأحول، عن أبي كبشة، عن أبي موسى به.
وصدره عند أحمد «مثل الجليس الصالح... » وعند البيهقي «إنما سمي القلب من تقلبه... » وحسّن إسناده العراقي في «تخريج الإحياء» (٣/ ٤٦).
- وله شاهد من حديث أنس أخرجه البزار (٤٤) والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٣٦٩) والبيهقي ٧٥١ من طريق أبي بكر بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أبي سفيان عنه.
وإسناده ضعيف. لكن يصلح شاهدا لما قبله، وفي الباب أحاديث.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من المخطوط.
(٢) في الأصل «الحميري» وهو تصحيف والتصويب من كتب «التخريج» و «التراجم».
(٣) في المطبوع «لانقضاء».
(٤) زيادة عن المخطوط وط. [.....]
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «الرسل» وفي المخطوط «بالرسول» والمثبت عن- ط.