آيات من القرآن الكريم

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

وقيل نزلت في الأوس والخزرج. لأنهم كانت بينهم في الجاهلية حروب
دائمة قد أتت عليها السنون الكثيرة، فأزال الإسلام تلك الحروب وصاروا
إخواناً في الإسلام متوادين على ذلك، وأصل الأخ في اللغة أن الأخ مقصدُه
مقصد أخيه، وكذلك هويْ الصداقة أن تكون إرادة. كل واحد من الأحخوين موافقة لما يريد صاحبه والعرب تقول: فلان يتوخى مسار فلان أي يقصد ما يسره.
وقوله جل وعلا: (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ).
أي كنتم قد أشرفتم على النار وشفا الشيءُ، حرفه مقصور يكتب
بالألف، وثثنيته شفوان، وقال - (فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا)، ولم يقل منه لأن المقصود في الخبر النار. أي فأنقذكم منها بالنبي - ﷺ -.
وقوله جل وعلا - (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ).
الكاف في موضع نصب. المعنى مثل البيان الذي يتلى عليكم يبين الله
لكم آياته.
ومعنى (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
أي لتكونوا على رجاءِ هدايته.
* * *
وقوله جل وعلا: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)
اللام مسكنة وأصلها الكسر، الأصل ولتَكن منكم ولكن الكسرة حذفت
لأن الواو صارت مع الكلمة كحرف واحد وألزمت الحذف، وإِن قرئت

صفحة رقم 451

ولتكن - بالكسر - فجيد على الأصل، ولكن التخفيف أجود وأكثر في كلام العرب.
ومعنى - (ولتكن منكم أمَّةٌ) - واللَّه أعلم - ولتكونوا كلكم أمَّة تدعون إلى
الخير وتأمرون بالمعروف، ولكن " مِن " تدخل ههنا لتخص المخاطبين من سائر الأجناس وهي مؤَكدة أن الأمر للمخاطبين ومثل هذا من كتاب اللَّه
(فاجتنبوا الرجس من الأوثان) ليس يأمرهم باجتناب بعض الأوثان، ولكن
المعنى اجتنبوا الأوثان فإِنها رجس ومثله من الشعر قول الشاعر:
أخو رغاتب يعطيها ويُسْالُها... يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أي هو النوفل الزفر، لأنه قد وصفه بإعطاءِ الرغائب، والنوفل الكثير
الِإعطاءِ للنوافل، والزفر الذي يحمل الأثقال.
والدليل على أنهم أمروا كلهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوله جل
وعلا: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
ويجوز أن تكون أمرت منهم فرقة، لأن قوله (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) ذكر الدعاة إِلى الِإيمان، والدعاة ينبغى أن يكونوا علماءَ بما يدعون إِليه

صفحة رقم 452
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية