آيات من القرآن الكريم

إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

٣٤ - وبعد أن بشروه بالنجاة قالوا له: ﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ يعني سذوم، وكانت مشتملة (١) على سبع مئة ألف رجل، كما في "كشف الأسرار". ﴿رِجْزًا﴾ أي: عذابًا ﴿مِنَ السَّمَاءِ﴾؛ أي: نازلًا من جهتها، وهذه الجملة مستأنفة لبيان هلاكهم المفهوم من تخصيص التنجية به وبأهله، والرجز: العذاب الذي يقلق المعذب؛ أي: يزعجه، وهو الرمي بالحجارة، وقيل: إحراقهم بنار نازلة من السماء، وقيل: هو الخسف والحصب، كما في غير هذا الموضع، ومعنى كون (٢) الخسف من السماء: أن الأمر به نزل من السماء.
وقرأ ابن عامر ﴿منزّلون﴾ بالتشديد، وبها قرأ ابن عباس. وقرى الباقون بالتخفيف، وقرأ ابن محيصن ﴿رُجزًا﴾ بضم الراء، والباء في قوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ للسببية؛ أي: بسبب فسقهم المستمر، وفعلهم الخبيث، وقرأ أبو حيوة والأعمش بكسر سين ﴿يَفْسُقُونَ﴾ فانتسف جبريل المدينة وما فيها بأحد جناحيه، فجعل عاليها سافلها، وانصبت الحجارة على من كان غائبًا عنها؛ أي: بعد خروج لوط مع بناته منها.
وأشهر الآراء (٣) أن الزلزلة خسفت بهم الأرض، وابتعلتهم في باطنها، وصار مكان قريتهم بحيرةً ملِحة (البحر الميِّت).
٣٥ - ثم بيَّن أن ما حل بهم عبرة لمن اعتبر وادَّكر، فقال: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا﴾ أي: ولقد أبقينا من القرية، و ﴿من﴾ (٤) للتبيين، لا للتبعيض؛ لأن المتروك الباقي ليس بعض القرية بل كلها. ﴿آيَةً بَيِّنَةً﴾؛ أي: علامة ودلالة واضحة ظاهرة، وهي قصتها العجيبة، وحكايتها السابقة، أو آثار ديارها الخربة، أو الحجارة الممطورة التي رُجموا بها، التي على كل واحد منها اسم صاحبها، فإنها كانت باقية بعدها، وأدركها أوائل هذه الأمة.
وقال مجاهد: ظهور الماء الأسود الباقي على وجه أرضيهم حين خسف

(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.
(٤) روح البيان.

صفحة رقم 408
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
الناشر
دار طوق النجاة، بيروت - لبنان
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية