آيات من القرآن الكريم

يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ

لماذا بدأ الحق سبحانه هنا بذكر العذاب؟ في حين قدَّم المغفرة

صفحة رقم 11120

في آية أخرى: ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ... ﴾ [المائدة: ١٨].
قالوا: لأن الكلام هنا عن المكذّبين المعرضين وعن الكافرين، فناسب أنْ يبدأ معهم بذكر العذاب ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ... ﴾ [العنكبوت: ٢١] فإنْ قُلْت: فلماذا يذكر الرحمة مع الكافرين بعد أنْ هدَّدهم بالعذاب؟ نقول: لأنه رب يهدد عباده أولاً بالعذاب ليرتدعوا وليؤمنوا، ثم يُلوِّح لهم برحمته سبحانه ليُرغِّبهم في طاعته ويلفتهم إلى الإيمان به.
وقد صَحَّ في الحديث القدسي: «رحمتي سبقت غضبي» ففي الوقت الذي يُهدِّد فيه بالعذاب يُلوِّح لعباده حتى الكافرين بأن رحمته تعالى سبقتْ غضبه.
وقوله سبحانه: ﴿وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ [العنكبوت: ٢١] أي: تُرجعون، وجاء بصيغة تقلبون الدالة على الغَصْب والانقياد عُنْوة ليقول لهم: مهما بلغ بكم الطغيان والجبروت والتعالي بنعم الله، فلا بُدَّ لكم من الرجوع إليه، والمثول بين يديْه، فتذكَّروا هذه المسألة جيداً، حيث لا مهربَ لكم منها؛ لذلك كان مناسباً أنْ يقول بعدها: ﴿وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرض... ﴾.

صفحة رقم 11121
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية