آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه﴾ روى أنس أَن النَّبِي قَالَ: " إِن نوحًا أول نَبِي بعث إِلَى أهل الأَرْض ".
وَقَوله: ﴿فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما﴾ روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: بعث نوح وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة، وَمكث بعد خُرُوجه من السَّفِينَة سِتِّينَ سنة، [وتوفاه] الله تَعَالَى وَهُوَ ابْن ألف وَخمسين سنة، وَفِي رِوَايَة: أَن عمر نوح كَانَ ألف وَأَرْبَعمِائَة [وَخمسين] [سنة]، بعث وَهُوَ ابْن مِائَتي وَخمسين سنة، وَقد قيل غير هَذَا، وَالله أعلم.
وروى أَن ملك الْمَوْت لما جَاءَ إِلَى نوح ليقْبض روحه قَالَ: يَا أطول الْأَنْبِيَاء عمرا، كَيفَ وجدت الدُّنْيَا؟ وَكَانَ لَهُ دَار لَهَا بَابَانِ، فَدخل من أَحدهمَا وَخرج من الآخر، وَقَالَ: هَكَذَا وجدت.

صفحة رقم 171

﴿وَأَصْحَاب السَّفِينَة وجعلناها آيَة للْعَالمين (١٥) وَإِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعبدوا الله﴾
وروى أَنه كَانَ لَهُ بَيت من شعر، وَكَانَ [يُقَال] لَهُ: لَو بنيت بَيْتا من طين، فَكَانَ يَقُول: أَمُوت غَدا، أَو أَمُوت بعد غَد. فَخرج من الدُّنْيَا على ذَلِك، وَلم يبن بَيْتا. فَإِن قيل: قَوْله: ﴿فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما﴾ أيش فَائِدَة الِاسْتِثْنَاء فِي هَذِه الْآيَة؟.
وهلا قَالَ: فَلبث فيهم تِسْعمائَة وَخمسين عَاما؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن فَائِدَة الِاسْتِثْنَاء هُوَ التَّأْكِيد؛ فَإِن الْعَرَب إِذا قَالَت: جَاءَنِي اخوتك، يجوز أَن تُرِيدُ بِهِ جَمِيع الاخوة، وَيجوز أَن تُرِيدُ بِهِ الْأَكْثَر، فَإِذا قَالَ: جَاءَنِي اخوتك إِلَّا زيدا فتعلم قطعا أَنه جَاءَ كل الاخوة إِلَّا زيدا، فقد أَفَادَ الِاسْتِثْنَاء التَّأْكِيد من هَذَا الْوَجْه، وَقد قَالَ بَعضهم: قد كَانَ الله تَعَالَى جعل عمر نوح ألف سنة، فاستوهب بعض بنيه مِنْهُ خمسين عَاما فَوَهَبَهَا لَهُ، ثمَّ لما لما بلغ الْأَجَل طلب تَمام الْألف فَلم يُعْط، فَذكر الله تَعَالَى بِلَفْظ الِاسْتِثْنَاء ليدل على أَن النَّقْص كَانَ من قبله، وَهَذَا قَول غَرِيب.
وَقَوله: ﴿فَأَخذهُم الطوفان﴾ الطوفان: كل شئ كثير يطِيف بِالْجَمَاعَة مثل: غرق، أَو موت، أَو غير ذَلِك. قَالَ الراجز:
(أفناهم طوفان موت جارف... )
وَقَوله: ﴿وهم ظَالِمُونَ﴾ أَي: مشركون.

صفحة رقم 172
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية