آيات من القرآن الكريم

وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

وقوله سبحانه: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ... الآية، قِيلَ: سَبَبُها، قولُ قريش: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف: ٣١].
ونحوُ ذلك من قولهم فَرَدَّ اللهُ عليهم بهذه الآيةِ، وجماعة المفسرين: أن «ما» نافيةٌ، أي: ليس لهم الخِيرَةُ، وذهبَ الطبريُّ «١» إلى أن ما مفعولة ب يَخْتارُ أي: ويختارُ الذي لَهُمْ فيه الخِيَرةُ، وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مِن سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللهَ، وَمِنْ شَقَاوَتِهِ تَرْكُهُ» «٢» رواه الحاكم في «المستدرك» وقالَ: صحيحُ الإِسناد، انتهى من «السلاح». وباقي الآية بَيِّنٌ. والسَّرْمَدُ مِنَ الأَشْيَاءِ: الدَّائِمُ الذي لا ينقطع.
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧٣ الى ٧٥]
وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)
ت: وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ... ، الآيةُ معناها بيِّنٌ، وينبغي للعَاقِل أَلاَّ يجعلَ ليلَهُ كُلَّهُ نَوْماً فَيَكونَ ضَائِعَ العُمْرِ جِيفَةً بالليلِ بطَّالاً بالنَّهَارِ، كما قيل: [الطويل]

نَهَارُكَ بَطَّالٌ وَلَيْلُكَ نَائِم كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ البَهَائِمُ
فإنْ أرَدْتَ أَيُّهَا الأخ أن تكونَ من الأَبرَارِ فعليكَ بالقيامِ في الأَسْحَارِ، وقد نقل صاحبُ «الكوكب الدري» عن البزار أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون ما قالت أمّ سليمان
(١) ينظر: «الطبريّ» (١٠/ ٩٥).
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٥١٨)، وأحمد (١/ ١٦٨) من طريق محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه عن جده به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. قلت: وهو من أوهامهما، فالحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢/ ٢٨٢) وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار... وفيه محمد بن أبي حميد، قال ابن عدي: ضعفه بين على ما يرويه، وحديثه مقارب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وقد ضعفه أحمد والبخاري وجماعة.
ومن طريق محمد بن أبي حميد: أخرجه الترمذيّ (٤/ ٤٥٥) كتاب القدر: باب ما جاء في الرضا بالقضاء، حديث (٢١٥١) بلفظ: «من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة اللهُ، وَمِنْ شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قضى الله له».
وقال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد، ويقال له أيضا:
حماد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم المدني، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث.

صفحة رقم 280
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية