آيات من القرآن الكريم

وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

روى أنه إذا مات الميت سئل عن ربه، وعن نبيه وعن دينه، أما المسلم فيقول:
ربي الله، ونبيي محمد صلّى الله عليه وسلم، وديني الإسلام دين الفطرة، والتوحيد الخالص البريء، وأما الكافر والمشرك فلا يجيب بشيء، بل يسكت، إذ من كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيل، ولهذا قال الله: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ بل يسكتون.
وانظر إلى قوله: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ وما فيها من بلاغة!!.
فأما من تاب إلى الله وآمن بالله، وصدق رسول الله، وعمل عملا صالحا لوجه الله فعسى أن يكون من المفلحين الفائزين، وعسى في كلام صاحب الملك والملكوت للتحقيق..
وهكذا يضرب الله الأمثال، ويبين للمؤمنين والكافرين الأحوال، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فاعتبروا بذلك يا أولى الأبصار.
الله سبحانه وتعالى متصف بصفات الجلال والكمال [سورة القصص (٢٨) : الآيات ٦٨ الى ٧٥]
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢)
وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)

صفحة رقم 843

المفردات:
الْخِيَرَةُ أى الاختيار تُكِنُّ تخفى سَرْمَداً دائما مأخوذ من السرد وهو المتابعة تَسْكُنُونَ فِيهِ تهدءون فيه وتستريحون وَنَزَعْنا أخرجنا وَضَلَّ عَنْهُمْ تاه.
المعنى:
وربك يا محمد صاحب الجلالة، إليه الأمر كله، وهو المنزه عن كل نقص، الموصوف بكل حمد، الرحمن الرحيم، صاحب الفضل العميم، يخلق ما يشاء لا معقب عليه، ولا راد له، ويختار ما يشاء من الأفعال والأحكام، ومن يشاء من الخلق لما يشاء من الأمر، وهذا متصل بذكر الشركاء لله والشفعاء له، وقيل هو رد لكلام الوليد بن المغيرة حين قال: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يعنى بذلك نفسه وعروة بن مسعود الثقفي شيخ الطائف.
وهذا عجب وأى عجب؟! أهم يقسمون رحمة ربك؟ أهم أوصياء على فاطر السموات والأرض، أليس الله أعلم حيث يجعل رسالته، وهو أعلم بخلقه وأحوالهم واستعدادهم أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ سبحان الله وتعالى عما يشركون، وربك يعلم ما تكن صدورهم وتخفيها، وما تبديها وتعلنها إذ هو العليم بذات

صفحة رقم 844

الصدور، وهو الله جل جلاله؟ لا إله إلا هو، ولا معبود في الوجود بحق إلا هو، له الحمد في الدنيا والآخرة، وفي الأولى والثانية، وله الحكم، وإليه يرجع الأمر كله، وإليه وحده ترجع الخلائق يوم القيامة. هذه حقائق تشهد بها آيات الله الكونية، وآياته القرآنية.
قل لهم يا محمد أخبرونى: إن جعل الله عليكم الليل دائما بلا نهار إلى يوم القيامة! هل هناك إله غير الله يأتيكم بضياء تتمتعون به؟ أفلا تسمعون ذلك سماع تفهم وتدبر؟!! قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار دائما إلى يوم القيامة، هل هناك إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه وتهدءون؟ أفلا تبصرون هذه الحقائق فتعرفون لصاحبها- جل جلاله- حقه الكامل، وتصفونه بصفات الجلال والكمال، وتنزهونه عن صفات الحوادث والمخلوقات.
ومن رحمته بخلقه جعل لكم الليل لتسكنوا فيه، والنهار لتبصروا فيه منافعكم وتحصلوا أمور معاشكم، ولتشكروا فيه ربكم على ما أسدى لكم من نعمة. وما حباكم به من فضل.
وإن من يذهب إلى البلاد الشمالية الواقعة جهة القطب الشمالي مثلا ويرى انعدام الحياة فيها لأن النهار قد يمكث ستة أشهر، والليل كذلك أو قريبا منه يدرك السر في اختلاف الليل والنهار، وتعاقبهما، وما في ذلك من النعم التي لا تحصى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً [سورة الفرقان آية ٦٢].
يا عجبا! هذه آيات ناطقة بأنه القادر وحده على كل شيء، الواحد ذاتا وصفة وفعلا وله الأمر، ومع هذا فبعض الخلائق تدعى له شركاء لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب!!.
واذكر يوم يناديهم فيقول لهم: أين شركائى الذين كنتم تزعمون؟! ولعل النداء كرر لاختلاف الحالتين ينادون مرة- كما سبق- فيدعون الأصنام فلا يستجيبون فتظهر حيرتهم، ثم ينادون مرة أخرى- كما هنا- فيسكتون ولا يجدون جوابا، وهذا توبيخ لهم وتأنيب، ويقول القرطبي رحمه الله. والمناداة هنا ليست من الله لأنه تعالى لا يكلم الكفار لقوله: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ لكنه تعالى يأمر من يوبخهم ويبكتهم،

صفحة رقم 845
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية