آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ
ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

من قومك يا رسولنا أي وصلنا لهم القول بأخبار الماضين، وما أحللنا بهم من بأسنا ونقمنا وعظيم عقوباتنا لما كفروا كما كفر هؤلاء وكذبوا بما كذّب به هؤلاء وصلنا لهم القول مبينا واضحاً موصولا أوله بآخره رجاء أن يتذكروا فيؤمنوا ويوحدوا فينجوا من العذاب ويرحموا بدخول الجنة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان تناقض المشركين وكل من يبتع الهوى ويترك الهدى الإلهي.
٢- بيان تحدي المشركين بالإتيان بكتاب من عند الله وعجزهم عن ذلك فبان بذلك أنهم يتبعون أهواءهم وأنه لا أضل منهم اليوم.
٣- بيان سنة الله في حرمان المتوغلين في الظلم من الهداية الإلهية.
٤- بيان أن الله عز وجل وصل القول لأهل مكة مفصلاً مبيناً لهدايتهم فله الحمد وله المنة وعلى الكافرين اللعنة في جهنم.
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (٥٥)
شرح الكلمات:
الذين آتيناهم الكتاب من قبله: أي التوراة والإنجيل من قبل القرآن الكريم.
وإذا يتلى عليهم: أي القرآن
إنا كنا من قبله مسلمين: أي منقادين لله مطيعن لأمره ونهيه.

صفحة رقم 82

أجرهم مرتين: أي يضاعف لهم الثواب لأنهم آمنوا بموسى وعيسى وآمنوا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويدرءون بالحسنة السئية: أي يدفعون بالحسنة من القول أو الفعل السيئة منهما.
وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه: أي الكلام اللاغي الذي لا يقبل ولا يقر عليه لأنه لا يحقق درهماً للمعاش ولا حسنة للمعاد.
سلام عليكم: هذا سلام المتاركة أي قالوا قولا يسلمون به.
لا نبتغي الجاهلين: أي لا نطلب صحبة أهل الجهل لما فيها من الأذى.
معنى الآيات:
إن قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ﴾ يشمل أيضا اليهود والنصارى من أهل الكتاب إذ هم كالعرب فيما بين لهم من أخبار الماضين وفصل من أنباء إهلاك الأمم السابقة وما أنزل من بأساء وعذاب بالمكذبين، إذ الجميع مطالبون بالإيمان العمل الصالح والتخلي عن الشرك والكفر والمعاصي للنجاة والسعادة فذكر تعالى هنا أن فريقاً من أهل الكتاب يؤمنون بالنبي محمد لأنه الحق من ربهم. فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ (١) الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ أي القرآن ﴿قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ﴾ أي من قبل نزول (٢) القرآن ﴿مُسْلِمِينَ﴾ أي موحدين منقادين نعبد الله بما شرع على لسان موسى وعيسى عليهما السلام هذه الآية تعني مجموعة من آمن من أهل الكتاب على عهد رسول الله ونزول القرآن منهم عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وغيرهما. وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ (٣) مَرَّتَيْنِ﴾ أي مضاعفا لأنهم آمنوا برسولهم وعملوا بما جاء به من الحق وآمنوا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به من الهدى وقوله ﴿وَيَدْرَأُونَ (٤) ﴾ أي يدفعون ﴿بِالْحَسَنَةِ﴾ وهي الصفح والعفو ﴿السَّيِّئَةَ﴾ وهي الأذى من سب وشتم. وقوله ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٥) ﴾ أي

١- ذكر عدة أقوال في هؤلاء الذين نزلت فيهم هذه الآية منها وهو أقربها لأن السورة مكية أنها نزلت في النجاشي وأصحابه إذ وجّه باثني عشر رجلا فجلسوا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم فآمنوا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه فقال لهم: خيبكم الله من ركب وقبّحكم من وفد لم تلبثوا أن صدّقتموه وما رأينا ركباً أحمق منكم ولا أجهل. فقالوا: سلام عليكم لم نأل أنفسنا رشدا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.
٢- ومن قبل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذلك.
٣- ثبت في الصحيح "أن ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآمن به واتبعه وصدّقه فله أجران وعبد مملوك أدى حق الله عز وجل وحق سيده فله أجران ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدّبها فأحسن أدبها ثم عتقها وتزوجها فله أجران" قال الشعبي: خذ هذا الحديث بغير شيء فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة.
٤- شاهده حديث معاذ: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن".
٥- هذا الإنفاق عام في المال والعلم والجاه إذ كل ذلك من رزق الله والكل ينفق منه في سبيل الله.

صفحة رقم 83

أي يتصدقون بفضول أموالهم حيث تنبغي الصدقة.
وقوله ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ أي إذا سمع أولئك المؤمنون من أهل الكتابين اللغو من سفهاء الناس أعرضوا عنه ولم يلتفتوا إليه ولا إلى قائله وأجابو قائلين ﴿لَنَا أَعْمَالُنَا﴾ أي نتائجها حيث نجزى بها ﴿وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ حيث تجزون بها ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي اتركونا، إنا لا نبتغي (١) محبة الجاهلين، لما في ذلك من الأذى والضرر الناتج عن سلوك أهل الجهل بالله تعالى ومحابه ومكارهه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان فضل أهل الكتاب إذا آمنوا بالنبي الأمي وكتابه وأسلموا لله رب العالمين.
٢- فضيلة من يدرء بالحسنة السيئة، وينفق مما رزقه الله.
٣- فضيلة من يعرض عن اللغو وأهل الجهالات، ويقول ما يسلم به من القول، وهذه إحدى صفات عباد الرحمن ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾ أي قولا يسلمون به. وهذا السلام ليس سلام تحية وإنما هو سلام متاركة.
إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (٥٨) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ

١- أي: لا نطلبهم للجدال والمراجعة والمشاتمة والمخاصمة.

صفحة رقم 84
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية