آيات من القرآن الكريم

وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

الوادي، وقوله الْأَيْمَنِ يحتمل أن يكون من اليمن صفة للوادي أو للشاطىء، ويحتمل أن يكون المعادل لليسار فذلك لا يوصف به الشاطئ إلا بالإضافة إلى موسى في استقباله مهبط الوادي أو يعكس ذلك وكل هذا قد قيل، و «بركة البقعة» هي ما خصت به من آيات الله تعالى وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام، والناس على ضم الباء من «بقعة»، وقرأ بفتحها أبو الأشهب، قال أبو زيد: سمعت من العرب: هذه بقعة طيبة بفتح الباء، وقوله تعالى مِنَ الشَّجَرَةِ يقتضي أن موسى عليه السلام سمع ما سمع من جهة الشجرة، وسمع وأدرك غير مكيف ولا محدد، وقوله تعالى أَنْ يا مُوسى يحتمل أن تكون أَنْ مفسرة ويحتمل أن تكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر، وقرأت فرقة «أني أنا الله» بفتح «أني»، ثم أمره الله تعالى بإلقاء العصا، فألقاها فانقلبت حية عظيمة ولها اضطراب «الجانّ» وهو صغير الحيات فجمعت هول الثعبان ونشاط الجانّ، هذا قول بعضهم، وقالت فرقة: بل «الجانّ» يعم الكبير والصغير وإنما شبه ب «الجان» جملة العصا لاضطرابها فقط، وولى موسى عليه السلام فزعا منها، ووَ لَمْ يُعَقِّبْ، معناه لم يرجع على عقبه، من توليه فقال الله تعالى يا مُوسى أَقْبِلْ فأقبل وقد آمن بتأمين الله إياه، ثم أمره بأن يدخل يده في جيبه وهو فتح الجبة من حيث يخرج رأس الإنسان، وروي أن كم الجبة كان في غاية الضيق فلم يكن له جيب تدخل يده إلا في جيبه، و «سلك» معناه أدخل ومنه قول الشاعر: [البسيط]

حتى سلكن الشوا منهن في مسك من نسل جوابة الآفاق مهداج
وقوله تعالى: مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي من غير برص ولا مثلة.
وروي أن يده كانت تضيء كأنها قطعة شمس، وقوله تعالى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ذهب مجاهد وابن زيد إلى أن ذلك حقيقة، أمره بضم عضده وذراعه وهو الجناح إلى جنبه ليخف بذلك فزعه، ومن شأن الإنسان إذا فعل ذلك في أوقات فزعه أن يقوى قلبه، وذهبت فرقة إلى أن ذلك على المجاز والاستعارة وأنه أمره بالعزم على ما أمر به وأنه كما تقول العرب اشدد حيازيمك واربط جأشك، أي شمر في أمرك ودع الرهب، وذلك لما كثر تخوفه في غير ما موطن قاله أبو علي، وقوله تعالى فَذانِكَ بُرْهانانِ قال مجاهد والسدي: هي إشارة إلى العصا واليد، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والناس «الرّهب» بفتح الراء والهاء، وقرأ عاصم وقتادة «الرهب» بسكون الهاء، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم أيضا «الرّهب» بضم الراء وسكون الهاء، وقرأ الجحدري «الرّهب» بضم الراء والهاء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «فذانّك» بشد النون، وقرأ الباقون «فذانك» بتخفيف النون، وقرأ شبل عن ابن كثير «فذانيك» بياء بعد النون المخففة، أبدل إحدى النونين ياء كراهة التضعيف، وقرأ ابن مسعود «فذانيك» بالياء أيضا مع شد النون وهي لغة هذيل، وحكى المهدوي أن لغتهم تخفيف النون و «برهانان»، حجتان ومعجزتان، وباقي الآية بين.
قوله عز وجل:
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٣٣ الى ٣٩]
قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥) فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُفْتَرىً وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦) وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧)
وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ (٣٨) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (٣٩)

صفحة رقم 287

كان موسى عليه السلام قد امتحن بمخاوف فطلب شد العضد بأخيه هارُونُ لأنه كان فصيح اللسان سجيح الخلق، وقرأ الجمهور «ردءا» بالهمز، وقرأ نافع وحده «ردا» بتنوين الدال دون همز وهي قراءة أبي جعفر والمدنيين وذلك على التخفيف من ردء، والردء الوزر المعين والذي يسند إليه في الأمر، وذهبت فرقة إلى أنها من معنى الزيادة كما قال الشاعر [القرطبي] :[الطويل]

وأسمر خطّي كأن كعوبه نوى القسب قد أردى ذراعا على العشر
وهذا على ترك الهمز وأن يكون وزنه فعلا، وقرأ الجمهور «يصدقني» بالجزم وذلك على جواب فَأَرْسِلْهُ، وقرأ عاصم وحمزة «يصدقني» أي مصدقا فهو صفة للردء أو حال، و «شد العضد» استعارة في المعونة والإنهاض، وقرأ الحسن بضم العين من «عضد»، وقرأ عيسى بن عمر بفتح العين والضاد، و «السلطان»، الحجة، وقوله بِآياتِنا يحتمل أن تتعلق الباء بقوله وَنَجْعَلُ لَكُما أو ب يَصِلُونَ وتكون باء السبب، ويحتمل أن تتعلق بقوله الْغالِبُونَ أي تغلبون بآياتنا، والآيات هي معجزاته عليه السلام، ولما كذبوه ورموه بالسحر قارب موسى عليه السلام في احتجاجه وراعه تكذيبهم فرد الأمر إلى الله عز وجل وعول على ما سيظهره في شأنهم وتوعدهم بنقمة الله تعالى منهم، وقرأ ابن كثير «قال موسى» بغير واو، وقرأ غيره وجميع السبعة «وقال» بواو، وقرأ الجمهور «تكون» بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي «يكون»، بالياء على التذكير إذ هي بمنزلة العاقب فهي كالصوت والصيحة والوعظ والموعظة، واستمر فرعون في طريق مخرقته على قومه وأمر هامانُ بأن يطبخ له الآجر وأن يبني له صَرْحاً أي سطحا في أعلى الهواء، وليس الصرح إلا ما له سطح، ويحتمل أن يكون الإيقاد على الطين كالبرامي، وترجى بذلك بزعمه أن يطلع في السماء، فروي عن السدي أنه بناه أعلى ما يمكن ثم صعد فيه ورمى بالنبل فردها الله تعالى إليه مخضوبة بالدم ليزيدهم عمى وفتنة، فقال فرعون حينئذ: إني قتلت إله موسى، ثم قال وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ يريد في أن موسى أرسله مرسل، فالظن على بابه وهو معنى إيجاب الكفر بمنزلة التصميم على التكذيب، وقرأ حمزة والكسائي ونافع «لا يرجعون»، وقرأ الباقون والحسن وخالد «لا يرجعون» بضم الياء وفتح الجيم.

صفحة رقم 288
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية