آيات من القرآن الكريم

وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ

الصفتان الممدوحتان في العامل، ولقد رأت قوته في سقيه لهما، وأمانته في طلبه لها أن تسير خلفه، وتنعت له الطريق، قبل شعيب رأى ابنته، واقتنع بأن موسى نعم الرجل القوى الأمين، وطلب إلى موسى أن يخدمه برعي غنمه ثماني سنين فإن أتمها عشرا فمن عنده ولا حرج عليه، وهذا في نظير أن يزوجه إحدى بناته وأشار شعيب لها. قبل موسى ذلك على أنه بالخيار في أى الأجلين، وتمت الصفقة بينهما على ذلك.
قضى موسى الأجل، وسار بالوادي المقدس [سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢٩ الى ٣٥]
فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (٣١) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣)
وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥)

صفحة رقم 826

المفردات:
الْأَجَلَ الميعاد المحدد آنَسْتُ أبصرت الطُّورِ اسم للجبل الذي في سيناء جَذْوَةٍ الجذوة الجمرة الملتهبة، وقيل هي القطعة الغليظة من الخشب سواء كان في طرفها نار أو لم يكن تَصْطَلُونَ تستدفئون شاطِئِ الْوادِ جانبه جَانٌّ أى حية صغيرة سريعة الحركة مُدْبِراً هاربا يُعَقِّبْ يرجع من عقب الفارس أى كر اسْلُكْ أدخل جَيْبِكَ جيب القميص طوقه جَناحَكَ قيل المراد بالجناح اليد لأنها تشبهه الرَّهْبِ الخوف رِدْءاً معينا سَنَشُدُّ عَضُدَكَ نقويك سُلْطاناً حجة قوية متسلّطة.
المعنى:
وأخيرا كان ما كان، وقضى موسى أتم الأجلين وأوفاهما وأكملهما، وسار إلى ما يريد مع أهله أى: زوجته ومن معهما، فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله، آنس من جانب الطور نارا موقدة، فلما أبصرها، وكان في ليلة شاتية باردة، قد حاول أن يوقد نارا بزنده فلم يفلح، فلما أبصر تلك النار قال لأهله امكثوا هنا ولا تبرحوا ذلك المكان، فإنى سآتيكم من عندها بخبر يهدينا إلى الطريق، أو جذوة من النار لعلكم تستدفئون.
فلما أتاها نودي من الشاطئ الأيمن للوادي من الشجرة، نودي: يا موسى: إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى، يا موسى إنى أنا الله رب العالمين، وأن ألق عصاك، فألقاها فصارت ثعبانا فاهتزت فلما رآها كأنها جان في سرعة حركتها، وكثرة تقلبها ولى مدبرا وصار خائفا مضطربا، ولم يعقب، قيل له إزاء هذا:

صفحة رقم 827

يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إنه لا يخاف لدى المرسلون إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ يا موسى اسلك يدك في جيب قميصك، أى أدخلها فيه تخرج منه بيضاء ناصعة من غير سوء ولا برص، وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ أى يدك المبسوطة كالجناح لتتقى بها الحية، كأنك خائف فزع منها، أى اضمم إليك يدك وأدخلها تحت عضدك بدل أن تتقى بها الحية، ثم أخرجها بيضاء لئلا يرى أحد أنك خائف، ولتظهر معجزة أخرى هي إخراج اليد بيضاء، وقد كان موسى رجلا طوالا آدم- أسم- وعلى هذا فيكون المعنى قد عبر عنه بعبارات اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ:
وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ. وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ. وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ [سورة القصص آية ٣٢، النمل ١٢، طه ٢٢].
ويجوز أن يراد بقوله تعالى «واضمم إليك جناحك». التجلد وضبط النفس والثبات عند انقلاب العصاحية، مستعار من فعل الطائر لأنه إن خاف نشر جناحيه وأرخاهما، وعند الأمان يضم جناحيه.
فذانك أى العصا التي قلبت حية، واليد التي خرجت بيضاء من غير سوء، برهانان من ربك، وحجتان قويتان إليك وإلى فرعون وملئه. إنهم كانوا قوما فاسقين وخارجين عن حدود الشرع والعقل.
فهم موسى أنه مكلف بالرسالة إلى فرعون وملئه ليخرج بنى إسرائيل من عذابهم وأحس بثقل التبعة الملقاة على عاتقه فقال. رب إنى قتلت منهم نفسا، فأخاف أن يقتلون، وأخى هارون هو أفصح منى لسانا وأقوى بيانا، وأدرى منى بلهجة المصريين لأنه لم يترك بلادهم، فأرسله معى معينا، واجعله وزيرا ألتجئ إليه، ويحمل معى عبء هذه الرسالة إنى أخاف أن يكذبوني.
قال الله له: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ، ونقويك به، ونجعل لكما سلطانا وحجة قوية تدل على صدقكما، وأنكما رسولا رب العالمين اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي والله معكما ناصركما، وعاصمكما من الناس فلا يصلون إليكما بسوء أبدا، بل أنتما ومن اتبعكما الغالبون، لأنكم حزب الله، ألا إن حزب الله هم المفلحون.

صفحة رقم 828
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية