آيات من القرآن الكريم

حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ

أن عيسى رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا به وصدقوه، ولا تعظموه بل هو كبقية الأنبياء والمرسلين ومواضع الخلاف كثيرة، ولكن هذه أهمها. وإن القرآن شفاء، ورحمة، وهدى وضياء، ومصدر الخير والبركات والعلوم والمعارف في الواقع للناس جميعا، ولكن المنتفعين بذلك أكثرهم المؤمنون، وإن ربك يقضى بين الناس بحكمه العدل، وهو العزيز الذي لا يغالب، العليم بخبايا النفوس وطوايا القلوب.
وأما أنت يا محمد فتوكل على الله حقا، وفوض أمرك إليه صدقا، إنك على الحق المبين، ورسالتك هي المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، ولا تعجب من كفر هؤلاء فليس ذلك راجعا لنقص فيك أو في رسالتك، بل إنك لا تسمع الموتى وأشباههم ولا تسمع الصم الدعاء، وكيف يسمع الأصم دعاء؟ وبخاصة إذا ولى مدبرا.
وما أنت يا محمد، وكذا كل من دعا بدعوتك، وسار على طريقتك بهادي العمى عن ضلالتهم.
ما تسمع إلا من فيه استعداد لقبول الحق، ومن في روحه صفاء وهو المؤمن بآياتنا، الناظر بعين البصيرة في ملكوتنا، أولئك هم المسلمون، أما غيرهم فكالأنعام لها عيون وآذان، ولا قلب لها ترى به العبرة، بل هم أضل من الأنعام.
بعض مناظر القيامة مع ذكر مقدماته [سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٢ الى ٨٦]
وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)

صفحة رقم 806

المفردات:
وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ دنا وقرب وقوع مدلول القول دَابَّةً كائنا حيا يدب على الأرض فَوْجاً جماعة يُوزَعُونَ في المادة معنى المنع كما تقدم في قصة سليمان والمراد هنا يمنع أولهم ويوقف حتى يتلاحقوا.
لا زال الكلام متلاحقا في البعث وإمكانه، وبخاصة بعد ذكر بعض صفات الله كالقدرة والعلم والوحدانية والتعرض للنبوة والقرآن وكونه معجزة للنبي صلّى الله عليه وسلم.
المعنى:
وإذا وقع القول عليهم ودنا الوقت، وقربت الساعة الفاصلة، وحق عليهم العذاب لفساد الدنيا، وضياع الدين وهذا يكون قبيل قيام الساعة.
وإذا دنا وقت ما وعدوا به من قيام الساعة أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، وما هي تلك الدابة؟ وهنا انفلت خيال الكاتبين والمفسرين، واستندوا إلى بعض أحاديث آحادية، وأخذوا يغربون في وصفها وجسمها وكيفية خلقها. ونوعها.
وفي ظني- والله أعلم بكتابه- أن تلك الدابة هي إنسان عادى، عالم بكتاب الله وسنة رسوله وأحكام شرعه، يظهر في هذا الوقت الذي يقل فيه العلماء، ويقبض فيه العلم بموتهم، وينعدم حفظة القرآن الكريم، ورجال الدين العاملون في هذا الوقت الذي يكثر فيه الفساد، ويعم الجهل بأحكام الدين، ويتخذ الناس رؤساء جهلاء يستفتونهم في دينهم فيفتونهم فيضلون ويضلون، يا أخى لا تظن أنى متشائم بل دلائل هذا الأيام السود قد تكون ولدت، فنحن في بلد تعتبر هي الموئل الوحيد للدين والعلم ولكن يجب أن نصارح الناس. أليس الأزهر في محنة؟! في هذه الأيام نعتنى بمحو

صفحة رقم 807

الأمية، ولكننا نضن بمال قليل ينفق على فصل لتحفيظ القرآن، لقد بح صوتنا لتكون مدارس التحفيظ تعامل كمدارس المرحلة الأولى أو الإعدادية ولكن أهذا معقول؟ إن الدعوة إلى القرآن وحفظه والعناية بتلاميذه من الرجعية التي تتنافى مع مبادئ مسايرة الغرب وتقليده.
لقد قام بعض الكتاب يهاجم الأزهر في نظمه وقد يكون فيه عيب راجع لنظمه ولرجاله!! وفي الواقع هي حملة لإثبات أن الدين الإسلامى لم يصلح لتحريرنا، وأنا أمة يجب أن تتحرر من كل شيء حتى من تقاليدها ودينها.
أيبعد بعد قرن أو قرنين أو ثلاثة- والله أعلم- أن يوجد هذا الوقت الذي يقبض فيه العلم والعلماء؟ حتى تنتهك الحرمات جهارا ونهارا، فلا يوجد من ينكر وإذا حصل هذا يخرج الله للناس دابة من الأرض- وهي الإنسان المخلوق من التراب- تكلمهم، وتعظهم، وتأمرهم وتنهاهم، ولكن هذا يكون في وقت قد بلغ فيه السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين، وقربت الساعة.
والذي دعاني إلى تفسير الدابة بالإنسان وصفها بالكلام، ولأن الإنسان دابة من الدواب، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد سئل عن الدابة وخروجها، فقال: تخرج من أعظم المساجد حرمة على الله- تعالى- المسجد الحرام، ولقد قال بهذا بعض المفسرين، وقوله تعالى: أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ [النمل ٨٢] مما تعظ به تلك الدابة.
وهاك منظرا من مناظر يوم القيامة بعد الكلام على بشائرها. ويوم يحشر جماعة كثيرة من كل ممن يكذب بآياتنا نجمعهم، ونسوقهم سوقا فهم يوزعون حتى يكبكبوا في جهنم، وهذا إشارة إلى كثرة العدد! وتباعد أطرافه.
حتى إذا جاءوا، وأخذوا جزاءهم قيل لهم تبكيتا: أكذبتم بآيات الله، والحال أنكم لم تحيطوا بها علما؟ على معنى أنكم كذبتم قبل بحث الآيات والإحاطة بها لأنكم شغفتم بالتكذيب.
بل ماذا كنتم تعملون؟! أى: إذ كنتم لم تبحثوا الآيات وكذبتموها بادى الرأى من غير فكر ولا نظر فبماذا كنتم تشغلون أنفسكم؟.
وعند ذلك وقع عليهم بالفعل العذاب الموعود بغشاهم بسبب التكذيب والكفر

صفحة رقم 808
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية