
ثَمُودَ
ويقال معناه: واذكر لوطا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يعني: حين قال لقومه: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ- يعني: أتعملون المعصية وهي اللواطة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ يعني: تعلمون أنها فاحشة ومعصية هو وأعظم لذنوبكم «١» -.
قوله عز وجل: أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً يعني: تجامعون الرجال شهوة منكم مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ أي جاهلون فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ وإنما نصب الجواب، لأنه خبر كان واسمه إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ يعني:
يتنزهون ويقذروننا بهذا الفعل، وإنا لا نحب أن يكون بين أظهرنا من ينهانا عن أعمالنا.
قال الله تعالى: فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ يعني: ابنتيه ريثا وزعورا إِلَّا امْرَأَتَهُ لم ننجها من العذاب قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ أي: تركناها من الباقين في العذاب. ويقال: قضينا عليها أنها من الباقين في العذاب وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً- يعني: على شذاذهم، أي الخارجين، المنفردين منهم، ومن كان منهم في الأسفار «٢» - مَطَراً يعني: الحجارة فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ يعني: بئس مطر من أنذرتهم الرسل، فلم يؤمنوا.
ثم قال عز وجل: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قال بعضهم: معناه قال الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلّم قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وقال بعضهم: معناه الحمد لله على هلاك كفار الأمم الماضية. يعني: ما ذكر في هذه السورة من هلاك فرعون وقومه وثمود وقوم لوط. ويقال: قال: الحمد لله الذي علمك، وبيّن لك هذا الأمر. ويقال: إن هذا كان للوط حين أنجاه، أمره بأن يحمد الله تعالى.
ثم قال: وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ يعني: المرسلين الَّذِينَ اصْطَفى يعني: اختارهم الله تعالى للرسالة والنبوة. وروي عن مجاهد أنه قال: «هم أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم،» وكذلك قال مقاتل.
وقال سفيان الثوري: «هم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم» ثم قال: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ يعني: الله تعالى أفضل أم الآلهة التي تعبدونها، اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به التقرير يعني: الله تعالى خير لهم مما يشركون، فكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا قرأ هذه الآية قال: «بل الله خير وأبقى، وأجل وأكرم» ويقال: معناه أعبادة الله خير أم عبادة ما يُشْرِكُونَ به من الأوثان؟ وقال القتبي: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ. يعني: أم من تشركون؟ فتكون ما مكان من كما قال: وَالسَّماءِ وَما بَناها [الشمس:
٥] يعني: ومن بناها وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [الليل: ٣] يعني: ومن خلق.
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٦٠ الى ٦٤]
أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ مَآءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ مَّا كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٦١) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣) أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤)
(٢) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «أ».

ثم قال عز وجل: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ يعني: الله الذى خَلَقَ السموات والارض وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاء يعني: المطر فَأَنْبَتْنا بِهِ يعني: بالمطر حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ يعني: البساتين، واحدها حديقة، وإنما سميت حديقة لأنها محاطة بالحيطان. وقال بعضهم: إذا كانت ذا شجر يقال لها: حديقة سواء كان لها حائط أو لا. ذاتَ بَهْجَةٍ، يعني:
ذات حسن مَّا كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها يعني: ما كان لمعبودكم قوة. ويقال: ما كان ينبغي لكم أن تنبتوا شجرها. ويقال: ما قدرتم عليه، وقرأ أبو عمرو وابن عامر: أَمَّا يُشْرِكُونَ بالياء على معنى الخبر. وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها بتخفيف الدال، وقرأ الباقون بالتشديد. ثم قال: أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يعينه على صنعه، اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الإنكار والزجر بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ يعني: يشركون الأصنام.
ثم قال عز وجل: أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً يعني: مستقراً لا تميد بأهلها. ويقال:
قَراراً أي لا تتحرك وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وجَعَلَ يعني: خلقا لها. يعني: فجر بنواحي الأرض أنهاراً. ويقال: شقّ بينهما أنهاراً وَجَعَلَ لَها أي خلق للأرض رَواسِيَ أي: الجبال الثوابت وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً يعني: العذب والمالح حاجزاً يعني: ستراً مانعا من قدرته لا يختلطان بعضهما في بعض أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يعينه على صنعه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ توحيد الله عز وجل.
ثم قال: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ يعني: أمن يستجيب في البلاء للمضْطَّر إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ يعني: ومن يكشف الضر وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ يعني: سكان الأرض بعد هلاك أهلها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ قرأ أبو عمرو وابن عامر في إحدى الروايتين يذكرون بالياء على معنى الخبر عنهم، وقرأ الباقون تَذَكَّرُونَ بالتاء على معنى المخاطبة.
وقرأ حمزة والكسائي بتخفيف الذال وقرأ الباقون: بالتشديد. وقرأ أبو عمرو ونافع في رواية قالون: أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بالهمز والمد، وقرأ الباقون: بغير مد بهمزتين.
ثم قال عز وجل: أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يعني: من يرشدكم في أهوال البر والبحر. وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يعني: قدام المطر أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى