آيات من القرآن الكريم

وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌ

حتى إذا نطق العصفور وانكشفتْ عَمَايَة الليلِ عنه وهو مُعتمِدْ (١)
ومعنى الآية: فهمنا ما يقول الطير.
قوله تعالى: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ قال ابن عباس: يريد من أمر الدنيا والآخرة (٢).
وقال مقاتل: يعني أُعطينا المُلك والنبوة والكتاب، في تسخير الرياح، وسُخِرت الجن والشياطين، ومنطق الطير (٣).
وقال الزجاج: المعنى ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ يجوز أن يؤتاه الأنبياء والناس. وكذلك قوله: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣] يؤتى مثلها. وعلى هذا جرى كلام الناس؛ يقول القائل: قد قصد فلانًا كلُّ أحد، أي: قَصَدَه كثير من الناس (٤).
قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا﴾ قال مقاتل: إن هذا الذي أعطينا (٥) ﴿لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ قال ابن عباس: مِن الله علينا (٦).
١٧ - قوله تعالى: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ﴾ وجُمع له ﴿جُنُودُهُ﴾ (٧)
(١) "ديوان الراعي" ٩٢، نطق العصفور: كناية عن انبلاج الصبح، وعماية الليل: ظلمته، والمعتمِد: الذي يمشي طوال الليل. حاشية الديوان. وفي "لسان العرب" ٣/ ٣٠٥ (عمد): اعتمد فلان ليلته إذا ركبها يسير فيها.
(٢) "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٧٢.
(٣) "تفسير مقاتل" ٥٧ ب.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١١.
(٥) "تفسير مقاتل" ٥٧ ب.
(٦) "تنوير المقاس" ٣١٦، بلفظ: المن العظيم من الله علىَّ.
(٧) "تفسير مقاتل" ٥٧ ب. قال الراغب: الحشر: إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب، ونحوها. المفردات ١١٩. وقد أحسن الواحدي صنعًا في تركه =

صفحة رقم 184

جموعه، وكل صنف من الخلق جند على حدة، يدل عليه قوله: ﴿مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ﴾ (١) قال المفسرون والكلبي: كان سليمان إذا أراد سفرًا أمر فجمع له طوائف من هؤلاء الجنود على بساط له عظيم ثم يأمر الريح فتحملهم، فتجعلهم بين السماء والأرض (٢). وكان سليمان يعرف ألسنتهم ويقضي بينهم، فمعنى قوله: ﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ﴾ أي في مسير له.
وقوله: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ معنى الوزع في اللغة: الكف (٣). وزَعْتُه، أَزَعُه، وَزْعًا، أي: كففته (٤). والشيب وازع؛ أي: مانع (٥).
وتقول العرب: لأزعنكم عن الظلم (٦).

= الحديث عن عدد جند نبي الله سليمان عليه السلام، قال ابن عطية ١١/ ١٨٣: واختلف الناس في مقدار جند سليمان عليه السلام اختلافًا شديدًا لم أُرد ذكره لعدم صحته.
وقال الشوكاني ٤/ ١٢٥: وقد أطال المفسرون في ذكر مقدار جنده، وبالغ كثير منهم مبالغة تستبعدها العقول، ولا تصح من جهة القتل، ولو صحت لكان في القدرة الربانية ما هو أعظم من ذلك.
(١) "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٧٢، ولم ينسبه.
(٢) "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٧٠، عن عبد الله بن شداد. و"تفسير هود الهواري" ٣/ ٢٥٠، عن الحسن. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ ب. وذكره في "الوسيط" ٣/ ٣٧٢، وصدره بقوله: قال المفسرون.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١٢. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ أ. و"تفسير البغوي" ٦/ ١٥٠. والزاهر في معاني كلمات الناس ٢/ ٣٩٨.
(٤) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٣. و"تهذيب اللغة" ٣/ ٩٩ (وزع).
(٥) قال النابغة الذبياني:
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت ألما تصحُ والشيب وازع
"الكتاب" ٢/ ٣٣٠، و"الأضداد" لابن الأنباري ١٤٠.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٨.

صفحة رقم 185

قال الليث: والوازع في الحرب: الموكل بالصفوف يَزَع مَن تقدم بغير أمره، وقال الله -عز وجل-: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ أي: يُكفون (١).
قال الكلبي وأكثر أهل التفسير: يُحبس أولهم على آخرهم (٢).
وقال قتادة: يُرَدُّ أولُهم على آخرهم (٣): يعني ليجتمعوا ويتلاحقوا (٤).
وقال السدي: يُوقفون (٥).
وقال الوالبي عن ابن عباس: ﴿يُوزَعُونَ﴾ يدفعون (٦).
وقال ابن زيد ومقاتل: يساقون (٧).
والدفع والسوق ضد: الوقف والكف. وقد ذكر المبرد وجه هذا؛ فقال: تأويل ذلك أنه يُدفع آخرهم على أولهم، وقولهم: وزعته بمعنى:

(١) "العين" ٢/ ٢٠٧، بلفظ: الوازع: الحابس للعسكر، قال الله -عز وجل-: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ أي: يكف أولهم على آخرهم. وما ذكره الواحدي عن الليث بنصه عند الأزهري، "تهذيب اللغة" ٣/ ٩٩ (وزع).
(٢) "تنوير المقباس" ٣١٦. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ١٤١، عن ابن عباس. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٥٦، عن مجاهد. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ أ. و"تفسير الماوردي" ٤/ ١٩٩. واقتصر عليه في "الوجيز" ٢/ ٨٠١. وذكره ابن الأنباري، في "الأضداد" ١٣٩. و"الزاهر في معاني كلمات الناس" ٢/ ٣٩٨. واقتصر عليه ابن كثير ٦/ ١٨٣. و"البيضاوي" ٢/ ١٧٣.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٧٩. وعنه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٥٧، وأخرجه ابن جرير ١٩/ ١٤٢، ورجح هذا القول على غيره.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٩.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ أ. و"تفسير البغوي" ٦/ ١٥٠.
(٦) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ أ. وأخرج ابن جرير ١٩/ ١٤٢، عن الحسن: يتقدمون.
(٧) "تفسير مقاتل" ٥٧ ب. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ١٤٢، عن ابن زيد. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ (أ).

صفحة رقم 186
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية