آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
ﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚ

بسم الله الرحمن الرحيم.
- ١ - طسم
- ٢ - تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
- ٣ - لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ
- ٤ - إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
- ٥ - وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ
- ٦ - فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
- ٧ - أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
- ٨ - إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
- ٩ - وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ فَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي أول تفسير سورة البقرة، وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ أَيْ هَذِهِ آيَاتُ القرآن المبين، أي البيِّن الواضح الجلي، الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ﴾ أَيْ مُهْلِكٌ ﴿نَفْسَكَ﴾ أَيْ مِمَّا تحرص وَتَحْزَنُ عَلَيْهِمْ ﴿أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾، وَهَذِهِ تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَدَمِ إِيمَانِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنَ الْكُفَّارِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عليهم حسرات﴾، كقوله: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ﴾ الآية. قال مجاهد وعكرمة ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ﴾: أي قاتل نفسك، ثم قَالَ تَعَالَى: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ أَيْ لَوْ نشاء لأنزلنا آية تضطرهم إلى الإيمان قهراً، ولكن لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّا لَا نُرِيدُ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا الْإِيمَانَ الِاخْتِيَارِيَّ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جميعا﴾، وقال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ الآية، فَنَفَذَ قَدَرُهُ وَمَضَتْ حِكْمَتُهُ، وَقَامَتْ حُجَّتُهُ الْبَالِغَةُ عَلَى خَلْقِهِ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ إِلَيْهِمْ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ عليهم، ثم قال تعالى: ﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ أَيْ كُلَّمَا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ السَّمَاءِ أَعْرَضَ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿كُلَّمَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كذبوه﴾ الآية. ولهذا قال تعالى ههنا: ﴿فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ فَقَدْ كَذَّبُوا بِمَا جَاءَهُمْ مِنَ الْحَقِّ، فَسَيَعْلَمُونَ نَبَأَ هَذَا التَّكْذِيبِ بَعْدَ حِينٍ، ثم نبَّه تعالى على عظمة سلطانه وجلالة قدره، وَهُوَ الْقَاهِرُ الْعَظِيمُ الْقَادِرُ

صفحة رقم 643

الَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ وَأَنْبَتَ فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ، مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ وَحَيَوَانٍ، قَالَ الشَّعْبِيِّ: النَّاسُ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَهُوَ كَرِيمٌ، وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ فَهُوَ لَئِيمٌ، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً﴾ أَيْ دَلَالَةً عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ لِلْأَشْيَاءِ، الَّذِي بَسَطَ الْأَرْضَ، وَرَفَعَ بِنَاءَ السَّمَاءِ وَمَعَ هَذَا مَا آمَنَ أكثر الناس، بل كذبوا به وبرسله، وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أَيِ الَّذِي عَزَّ كُلَّ شَيْءٍ وَقَهَرَهُ وَغَلَبَهُ، ﴿الرَّحِيمُ﴾ أَيْ بِخَلْقِهِ فَلَا يُعَجِّلُ عَلَى مَنْ عَصَاهُ بَلْ يؤجله وينظره ثُمَّ يَأْخُذُهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ، قَالَ أَبُو العالية: الْعَزِيزُ فِي نِقْمَتِهِ وَانْتِصَارِهِ مِمَّنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وعبد غيره الرَّحِيمُ بِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ.

صفحة رقم 644
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان
سنة النشر
1402 - 1981
الطبعة
السابعة
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية