آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ

وتحقيق المعنى: فسيأتيهم أخبار ما كذبوا واستهزؤا به من اجتماع الناس عليه بالإيمان؛ على ما ذكره صاحب النظم. وعلى ما ذَكر المفسرون: أخبار عاقبة تكذيبهم بما كذبوا به واستهزائهم؛ وهي: العذاب والنِّقمة (١).
ثم ذكر ما يدلهم على قدرته فقال:
٧ - ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ﴾ يعني هؤلاء المكذبين (٢) ﴿كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا﴾ بعد أن كانت ميتة لا نبات فيها.
﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ قال ابن عباس: من كل صنف من أصناف الفواكه وغير ذلك حسن طيب (٣).
وقال الكلبي: من كل ضرب حسن في المنظر (٤).
وقال مجاهد: من نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام (٥). وهذا كقوله: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج: ٥، ق: ٧]، قال الفراء: هو كما يقال للنخلة: كريمة إذا طاب حملها، أو كثر، وكما يقال للشاة والناقة: كريمة إذا غَزُرَتا (٦).

(١) "تفسير ابن جرير" ١٩/ ٦٢، بمعناه.
(٢) في "تنوير المقباس" ٣٠٦: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ كفار مكة.
(٣) "تفسير مقاتل" ٤٨ أ، بمعناه. وأخرج عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٧٣، عن قتادة: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ قال: حسن. وقال به ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ٤٩٥، و"غريب القرآن" ٣١٦.
(٤) في "تنوير المقباس" ٣٠٦: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ﴾ من كل لون ﴿كَرِيمٍ﴾ حسن في المنظر.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٥٠. و"تفسير مجاهد" ٢/ ٤٥٩.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٨، وفيه: إذا طاب حملها أو أكثر.

صفحة رقم 23

ويكون أبين لهم (١)، كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ الآية، [إبراهيم: ٤] وقوله: ﴿أَلَا تَتَّقُونَ﴾ مفسر (٢) في هذه السورة.
١٠٧ - ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ [قال ابن عباس: ائتمني الله على رسالته، وبعثني إليكم (٣). وهو قول مقاتل:] (٤) أمين على الرسالة فيما ينكم وبين ربكم (٥).
وقال الكلبي: كان فيهم أمينًا قبل ذلك (٦).
١٠٨ - ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ بطاعته وعبادته ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ فيما آمركم به من الإيمان والتوحيد.
١٠٩ - ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ قال مقاتل: وذلك أنهم قالوا للأنبياء: إنكم تريدون أن تتملكوا علينا في أموالنا! فردت عليهم الأنبياء فقالوا: وما نسألكم عليه من أجرة يعني: على الإيمان جُعلا.
﴿إِنْ أَجْرِيَ﴾ ما جزائي وثوابي ﴿إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (٧).
١١١ - وقوله: ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ﴾ قال مقاتل: أنصدق بقولك (٨) ﴿وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ الواو هاهنا للحال، ومعها: قد، مضمرة؛ لأن واو الحال قَلَّ ما تصحب الأفعال، ولهذا قرأ من قرأ: (وأتْباعُك) قال الفراء:

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٩٥.
(٢) في نسخة (أ): تفسر. وفي نسخة (ب): تفسر في هذه الآية السورة.
(٣) "تنوير المقباس" ٣١٠، بمعناه.
(٤) ما بين المعقوفين، ساقط من نسخة (ج).
(٥) "تفسير مقاتل" ٥٢ أ.
(٦) "تنوير المقباس" ٣١٠.
(٧) "تفسير مقاتل" ٥٢ أ.
(٨) "تفسير مقاتل" ٥٢ أ.

صفحة رقم 83

وهو وجه حسن (١).
وقال الزجاج: هي في العربية جيدة؛ لأن واو الحال تصحب الأسماء أكثر في العربية؛ لأنك تقول: جئتك وأصحابك الزيدون، ويجوز: وصحبك، والأكثر: جئتك وقد صحبك الزيدون (٢). ومعنى ﴿الْأَرْذَلُونَ﴾ هو كمعنى الأراذل وقد مر (٣).
قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد المساكين بأنهم شرار الناس ليس لهم مال ولا عز (٤).
وقال مقاتل، والكلبي: يعنون السفلة (٥). وكان آمن شرح بنوه، ونساؤه، وأُناس من ضعفاء قومه (٦).

(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨١، ولفظه: "وذكر أن بعض القراء قرأ: وأتباعك الأرذلون. ولكني لم أجده عن القراء المعروفين، وهو وجه حسن". وهي قراءة يعقوب الحضرمي (وأتْباعُك) بقطع الهمزة، وإسكان التاء مخففة، وضم العين وألف قبلها على الجمع. المبسوط في القراءات العشر ٢٧٥، و"الشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٣٥. ونسب ابن جني هذه القراءة لابن مسعود والضحاك وطلحة وابن السميفع ويعقوب وسعيد بن أبي سعيد الأنصاري. المحتسب ٢/ ١٣١. قال الأزهري: " (وأتباعك) جمع تابع، كما يقال: صاحب، وأصحاب، وشاهد وأشهاد، ومعناه: وأشياعك الأرذلون". معاني القراءات ٢٢٧.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٩٥.
(٣) في قوله تعالى: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود ٢٧].
(٤) "تفسير الوسيط" ٣٥٧/ ٣، من قول عطاء. و"زاد المسير" ٦/ ١٣٤.
(٥) "تفسير مقاتل" ٥٢ أ. و"تنوير المقباس" ٣١٠. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٨٨، عن قتادة.
(٦) ومراده ببنيه: الأكثر؛ لقوله تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾ [هود: ٤٢].

صفحة رقم 84
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية