آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
ﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ

تفسير سورة الشعراء عدد ٤٧- ٢٦
نزلت بمكة بعد الواقعة عدا الآيات ١٩٧ ومن ٢٢٤ إلى آخر السورة، فإنها نزلت بالمدينة وهي مائتان وسبع وعشرون آية، وألف ومائتان وتسع وتسعون كلمة، وخمسة آلاف وأربعون حرفا، ويوجد في القرآن سورة القصص مبدوءة بمثل ما بدئت به هذه فقط، أما سورة النمل فهي بغير ميم لا نظير لها في القرآن، إلا أنه يعبر عن هذه السور الثلاث بالطواسيم، كما يعبر عن السور السبع الآتية في ج ٢ بالحواميم، وآل حاميم، لأنها مبدوءة بلفظ حم.
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
قال تعالى: «طسم» ١ القول في معناه كالقول في معنى الم وبقية الحروف المقطعة، وعلى القول بأن هذه اللفظة قسم من الله تعالى، فيقال إنه أقسم بطوله وسنائه وملكه، وعلى القول بأنها مفاتيح بعض أسمائه تعالى فهي مفتاح اسمه السلام والمالك والمحيي وشبهها، والصحيح أنه رمز بين الله ورسوله، راجع بحث الفرق بين الوحي والإلهام في المقدمة «تِلْكَ» أي هذه الآيات المنزلة عليك يا سيد الرسل هي «آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ» ٢ لكل شيء الظاهر إعجازه لكل أحد الدال على صحة نبوتك «لَعَلَّكَ»
يا حبيبي «باخِعٌ نَفْسَكَ» البخع أن يبلغ الذابح البخاع وهو عرق مستبطن الفقار أو أقصى حد الذبح، ولم تكرر هذه الكلمة في القرآن لا في سورة الكهف الآية ٦ في ج ٢، ولعلّ للإشفاق وتقال للتعطف على من تحبه إذا رأيته مبالغا بأمر يؤثر عليه مادة أو معنى شفقة عليه، أي مالك متلف نفسك من أجل «أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» ٣ أي لا تفعل هذا بسبب عدم إيمان قومك بل تريث عليهم وتمهل على نفسك وارفق بها من أن تهلكها حسرة وأسفا وجهدا «إِنْ نَشَأْ» نحن إله السموات والأرض إيمانهم قسرا إجابة لاستعجالك «نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً» عظيمة تلجئهم إلى الإيمان حالا «فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها» للخوف من تلك الآية المهولة «خاضِعِينَ» ٤ منقادين إلى الطاعة لا ينفكون عنها أبدا، فلا ترى منهم من

صفحة رقم 256

يميل إلى عصيانك ولكنّا لا نفعل ذلك لأن الإيمان الجبري لا عبرة به، ولو كان له قيمة لآمن يوم القيامة جميع الخلق لما يشاهدون من الأهوال، ولآمن كل من في الدنيا حين يقع في يأس أو بأس، فاتركهم الآن، لأن شأنهم شأن أمثالهم الكفرة من أمم الرسل السالفة، راجع تفسير الآية ٨ من سورة فاطر والآية ١٧١ من سورة الأعراف المارتين «وَ» هؤلاء «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ» قرآن يتذكرون به «مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ» إنزاله عليك وتلاوته عليهم بحسب الحاجة والواقع مما هو أزلي في علمنا «إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ» مولين لا يلتفتون إليه، وهكذا كلما جدد الله لهم ذكرا ليتعظوا به، جددوا له كفرا وإعراضا «فَقَدْ كَذَّبُوا» بك يا حبيبي وبما أنزلناه عليك كما كذب الأولون أنبياءهم وكتبهم، فلا يهمنك تكذيبهم وإعراضهم «فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا» أخبار وعواقب «ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ٦ عند ما يمسهم عذاب الدنيا بالجلاء والأسر والقتل وعذاب الآخرة بالخزي والهوان والإحراق يعلمون نتيجة استهزائهم وعاقبة تكذيبهم، ثم ضرب مثلا لمنكري البعث بعد أن هددهم بما تقدم فقال جل قوله «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ» ٧ محمود كثير المنفعة بعد أن كانت لا شيء فيها قبل إنزال الغيث «إِنَّ فِي ذلِكَ» الإنبات لأنواع الحبوب والأزهار والأب لقوت الإنسان والحيوان والطير والحيتان «لَآيَةً» كافية على قدرتنا لإحيائكم بعد الموت وعلى وجوب إيمانكم بنبيئنا وكتابنا:

تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأهداب هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك
والمراد بهذا النبات هو النرجس، ممن كان له عقل سليم عرف بمجرد تأمله وتفكره في ذلك عظمة القادر فآمن به وصدق رسوله وكتابه، وهؤلاء قليل «وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ» ٨ لتوغلهم بالكفر وتماديهم في الضلال «وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» الغالب القوي القادر على الانتقام منهم «الرَّحِيمُ» ٩ بأوليائة يقيهم شر أعدائه وينصرهم عليهم ويهلكهم عند يأس أنبيائه من إيمانهم «وَ» اذكر لقومك

صفحة رقم 257
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية