
قال: ﴿وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ﴾. قال ابن أبي كُريمة: معناه من يطع الله فيوحده، ورسوله فيصدقه، ويخش الله فيما مضى من ذنوبه، ويتقه فيما بقي من عمره فأولئك هم الفائزون.
الفوز في اللغة: النجاة، والفلاح: البقاء في النعيم.
وقيل: المعنى: من يطع الله فيما أمره به، ونهاه عنه ويسلم لحكمه له / وعليه، ويخشى عاقبة معصية الله، ويتق عذاب الله، فأولئك هم الفائزون أي الناجون من عذاب الله.
قال: ﴿وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ﴾، أي: وحلف هؤلاء المعرضون عن حكم الله ورسوله إذا دعوا إليه: جهد أيمانهم، أي: أغلظ

أيمانهم وأشدها لئن أمرتهم يا محمد بالخروج إلى الجهاد ليخرجن. قل لهم يا محمد: لا تقسموا أي لا تحلفوا هذه طاعة معروفة بينكم فيها التكذيب.
وقيل: المعنى لا تحلفوا طاعة معروفة أمثل: من قسمكم.
وقال مجاهد: معنى طاعة معروفة: أي قد عرفت طاعتكم أي أنكم تكذبون.
ثم قال: ﴿إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، من طاعتكم له ولرسوله وخلاف أمرهما وغير ذلك من أموركم.
وأجاز الزجاج: ﴿طَاعَةٌ﴾ بالنصب على المصدر ﴿لاَّ تُقْسِمُواْ﴾، تمام. ثم قال: ﴿قُلْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول﴾، أي: قل يا محمد لهؤلاء المقسمين ليخرجن

معك إذا أمرتهم: أطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، وأطيعوا الرسول ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾، يصلح أن يكون ماضياً، ومستقبلاً، ولكن هو هنا مستقبلاً بدليل قوله: ﴿عَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ﴾، ولو كان ماضياً لقال: عليهم ما حملوا. ومعنى: " عليكم ما حملتم " أي عليكم ما أمركم به الرسول. وعليه ما حمل أي ما كلف من التبليغ.
ثم قال: ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ﴾، أي: إن تطيعوا الرسول فيما أمركم به، ونهاكم عنه: تهتدوا أي ترشدوا وتصيبوا الحق ﴿وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ المبين﴾، أي: ليس على من أرسله الله إلى قوم برسالة إلا أن يبلغهم رسالات الله بلاغاً بيناً، ويفهمهم ما أراد الله منهم فيما أرسله به إليهم.