آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﰿ

ولا إلى الآخرة فيكون بحيث لا يتصرف فيه ما سوى الله، وحينئذ يصلي صلاة الوصال ويفيض على المستعدين زكاة حصول نصاب الكمال يَخافُونَ يَوْماً هو يوم الفراق تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ والبصائر لأنها بيد الله يقلبها كيف يشاء أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ هو حب الدنيا يَغْشاهُ مَوْجٌ الرياء مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ هو حب الجاه وطلب الرياسة مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ الشرك الخفي إِذا أَخْرَجَ يد سعيه واجتهاده لَمْ يَكَدْ يَراها يرى طريق خلاصة وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً أي لم يصبه رشاش النور الالهي في الأزل يُزْجِي سحب المعاصي المتفرقة إلى أن تتراكم فترى. والودق هو مطر التوبة يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ كما خرج من سحاب وعصى آدم مطر ثم اجتباه ربه. ينزل من سماء القلب مِنْ جِبالٍ من قساوة فِيها مِنْ بَرَدٍ هو برد القهر يُقَلِّبُ اللَّهُ ليل المعصية لمن يشاء إلى نهار الطاعة وبالعكس لأولي الأبصار أصحاب البصائر الذين يشاهدون آثار لطفه وقهره في مرآة التقليب وَاللَّهُ خَلَقَ كل ذي روح مِنْ ماءٍ هو روح محمد ﷺ كما
قال «أول ما خلق الله روحي»
فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي أن تكون سيرته تحصيل مشتهيات بطنه وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ أي يضيع عمره في مشتهيات الفرج لأن الحيوان إذا قصد الوقاع يعتمد على رجلين وإن كان من ذوات الأربع وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ هم أصحاب المناصب يركبون الدواب البتة أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ انحراف في الفطرة أَمِ ارْتابُوا بتشكيك أهل البدع والأهواء أَمْ يَخافُونَ الحيف حين أمروا بترك اللذات العاجلة لأجل الخيرات الباقية وَإِلَيْهِ مَآبِ.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٥١ الى ٦٤]
إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥)
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠)
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤)

صفحة رقم 206

القراآت:
ويتقه بكسر القاف واختلاس الهاء: يزيد وقالون ويعقوب غير زيد.
وأبو عمرو طريق الهاشمي. بكسر القاف وسكون الهاء على أنها للسكت: أبو عمرو غير عباس وخلاد ورجاء ويحيى وحماد وهبيرة من طريق الخراز وابن مجاهد عن ابن ذكوان.
بإسكان القاف وكسر الهاء: حفص غير الخراز ووجهه أنه شبه «تقه» بكتف فخفف، وعلى هذا فالهاء ضمير فإن تحريك هاء السكت ضعيف. الباقون ويتقهى بالإشباع فَإِنْ تَوَلَّوْا بإظهار النون وتشديد التاء: البزي وابن فليح كما استخلف مجهولا: أبو بكر وعمار وليبدلنهم خفيفا: ابن كثير وسهل ويعقوب وأبو بكر وحماد لا يحسبن على الغيبة: ابن عامر وحمزة ثلاث عورات بالنصب: حمزة وعلي وخلف وعاصم غير حفص

صفحة رقم 207

والمفضل. الآخرون بالرفع لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ بإسكان الضاد وتشديد الشين: شجاع وأبو شعيب وحمله على الإخفاء أولى منه على الإدغام. يرجعون مبنيا للفاعل: عباس ويعقوب.
الوقوف:
وَأَطَعْنا ط الْمُفْلِحُونَ هـ الْفائِزُونَ هـ لَيَخْرُجُنَ
ط لا تُقْسِمُوا
ج لحق المحذوف مع اتحاد المقول مَعْرُوفَةٌ
ط تَعْمَلُونَ
هـ الرَّسُولَ ج للشرط مع الفاء ما حُمِّلْتُمْ ط تَهْتَدُوا ط الْمُبِينُ هـ مِنْ قَبْلِهِمْ ص أَمْناً ط بناء على أن ما بعده مستأنف شَيْئاً ط الْفاسِقُونَ هـ تُرْحَمُونَ ط فِي الْأَرْضِ ج لانقطاع النظم مع اتحاد المقول النَّارُ ط الْمَصِيرُ هـ مَرَّاتٍ ط أي متى كذا وكذا الْعِشاءِ قف عند من قرأ ثَلاثُ عَوْراتٍ بالرفع أي هو ثلاث لَكُمْ ط بَعْدَهُنَّ ط أي هو طوافون عَلى بَعْضٍ ص الْآياتِ ط حَكِيمٌ هـ مِنْ قَبْلِهِمْ ط آياتِهِ ط حَكِيمٌ هـ ط بِزِينَةٍ ط لَهُنَّ ط عَلِيمٌ هـ صَدِيقِكُمْ ط أَشْتاتاً ط بناء على أن ما بعده استئناف حكم طَيِّبَةً ط للعدول من المخاطبة إلى الغيبة تَعْقِلُونَ هـ يَسْتَأْذِنُوهُ هـ وَرَسُولِهِ ط للشرط مع الفاء لَهُمُ اللَّهَ ط رَحِيمٌ هـ بَعْضاً ط لو إذا ج لانقطاع النظم مع فاء التعقيب أَلِيمٌ هـ وَالْأَرْضِ ط عَلَيْهِ ط فصلا بين حال وحال مع العدول من المخاطبة إلى الغيبة بِما عَمِلُوا هـ عَلِيمٌ هـ.
التفسير:
لما حكى سيرة المنافقين وما قالوه وفعلوه، أتبعه ذكر ما كان يجب أن يفعلوه وما يجب أن يسلكه المؤمنون من طريق الأخلاق. وعن الحسن أنه قرأ قول المؤمنين بالرفع والقراءة المشهورة وهي النصب أقوى. قال جار الله: لأن أولى الاسمين بكونه اسما أوغلهما في التعريف وأَنْ يَقُولُوا أوغل لأنه لا سبيل عليه للتنكير بخلاف قول المؤمنين.
قلت: وذلك لاحتمال كون الإضافة فيه لفظية وأَنْ يَقُولُوا يشبه المضمر كما بينا في الأنعام في قوله ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا [الآية: ٢٣] فلا سبيل إلى تنكيره. ومعنى كانَ صح واستقام أي لا ينبغي أن يكون قولهم إلا السمع والطاعة. عن ابن عباس وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ في فرائضه وَرَسُولَهُ في سننه وَيَخْشَ اللَّهَ على ما مضى من ذنوبه وَيَتَّقْهِ فيما يستقبل من عمره فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ وهذه آية جامعة لأسباب الفوز وفقنا الله تعالى للعمل بها. ثم حكى عن المنافقين أنهم يريدون أن يؤكدوا أساس الإيمان بالأيمان الكاذبة.
قال مقاتل: من حلف بالله فقد اجتهد في اليمين وكانوا يقولون: والله إن أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا، فنهوا عن هذه الأقسام لما علم

صفحة رقم 208

من نفاقهم وشقاقهم وإضمارهم الغدر والخديعة وإلا فمن حلف على فعل البر لا يجوز أن ينهى عنه. وقوله طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ
مبتدأ محذوف الخبر أي طاعة معلومة لا شك فيها ولا نفاق أمثل وأولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة، أو خبر محذوف المبتدأ أي أمركم الذي يطلب منكم طاعة معروفة لا ارتياب فيها كطاعة الخلص من المؤمنين، أو طاعتكم طاعة معروفة بأنها بالقول دون الفعل. ثم صرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب لمزيد التبكيت والعتاب. ومعنى فَإِنْ تَوَلَّوْا فإن تتولوا فحذف إحدى التاءين. وما حمل الرسول هو أداء الرسالة، وما حمل على الأمة هو الطاعة والانقياد، والبلاغ المبين كون التبليغ مقرونا بالآيات والمعجزات أو كونه واقعا على سبيل المجاهرة لا المداهنة. وهاهنا شبه إضمار والتقدير: بلغ أيها الرسول وأطيعوه أيها المؤمنون فقد وعد الله الذين آمنوا منكم أي جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح. وفي الوعد معنى القسم لأن وعد الله محقق الوقوع ولذلك قال في جوابه لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ أو القسم محذوف أي أقسم ليجعلنكم خلفاء في الأرض كما فعل ببني إسرائيل حين أورثهم مصر والشام بعد إهلاك الجبابرة. وَلَيُمَكِّنَنَّ لأجلهم الدين المرتضى وهو دين الإسلام. وتمكين الدين تثبيته وإشادة قواعده،
كانوا بالمدينة يصبحون في السلاح ويمسون فيه فسئموا وشكوا إلى رسول الله ﷺ فقال: لا تغبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل في الملأ العظيم محتبيا ليس معه حديدة،
فأنجز الله وعده وأظهرهم على جزيرة العرب وورثوا ملك الأكاسرة وخزائنهم، وهذا إخبار بالغيب فيكون معجزا. ومحل يَعْبُدُونَنِي نصب على الحال أي وعدهم ذلك في حال عبادتهم وإخلاصهم أو هو استئناف كأن قائلا قال: ما لهم يستخلفون ويؤمنون؟ فقال: يَعْبُدُونَنِي وعلى الوجهين فقوله لا يُشْرِكُونَ بدل من يَعْبُدُونَنِي أو بيان لها. وفيه دليل على أن المقصود من الكل هو عبادة الله تعالى والإخلاص له. وَمَنْ كَفَرَ بهذه النعم الجسام وهي الاستخلاف والتمكين والأمن بعد الخوف بعد حصول ذلك أو بعد ما ذكر فَأُولئِكَ هُمُ الكاملون في الفسق. قال أهل السنة: في الآية دلالة على إمامة الخلفاء الراشدين لأن قوله مِنْكُمْ للتبعيض وذلك البعض يجب أن يكون من الحاضرين في وقت الخطاب، ومعلوم أن الأئمة الأربعة كانوا من أهل الإيمان والعمل الصالح، وكانوا حاضرين وقتئذ وقد حصل لهم الاستخلاف والفتوح، فوجب أن يكونوا مرادين من الآية. واعترض بأن قوله مِنْكُمْ لم لا يجوز أن يكون للبيان، ولم لا يجوز أن يراد بالاستخلاف في الأرض هو إمكان التصرف والتوطن فيها كما في حق بني إسرائيل؟ سلمنا لكن لم لا يجوز أن يراد به خلافة علي عليه السلام؟ والجمع للتعظيم أو يراد هو وأولاده الأحد عشر بعده؟ وقيل: إن في قوله وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ إشارة إلى الخلفاء المتغلبين بعد الراشدين يؤيده قوله ﷺ «الخلافة من بعدي ثلاثون سنة ثم

صفحة رقم 209

تصير ملكا عضوضا» وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ معطوف على أَطِيعُوا وليس ببدع أن يقع بين المعطوفين فاصلة وإن طالت، وكررت طاعة الرسول للتأكيد.
من قرأ لا يحسبن على الغيبة فمفعولاه مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ أي لا يحسبن الكفرة أحدا يعجز الله في الأرض حتى يطيعوهم في مثل ذلك، وفاعله ضمير النبي، أو المفعول الأول محذوف لأنه هو الفاعل بعينه أي لا يحسبن الكفار أنفسهم معجزين والمراد بهم الذين أقسموا أو عام قوله وَمَأْواهُمُ قال جار الله: هو معطوف على ما تقدم معنى كأنه قيل: الذين كفروا لا يفوتون الله عز وجل ومأواهم النار. وحين ذكر من دلائل التوحيد وأحوال المكلفين ما ذكر تنشيطا للأذهان وترغيبا فيما هو الغرض الأصلي من التكاليف وهو العرفان، عاد إلى ما انجر منه الكلام وهو الحكم العام في باب الاستئذان فذكره هاهنا على وجه أخصر فقال لِيَسْتَأْذِنْكُمُ قال القاضي: هذا الخطاب للرجال ظاهرا ولكنه من باب التغليب فيدخل فيه النساء. وقال الإمام فخر الدين الرازي: يثبت للنساء بقياس جلي لأنهن في باب حفظ العورة أشد حالا من الرجال. وظاهر قوله الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يشمل البالغين والصغار، فالأمر للبالغين على الحقيقة وللصغار على وجه البيان والتأديب كما يؤمرون بالصلاة لسبع، أو هو تكليف لنا لما فيه من المصلحة لنا ولهم بعد البلوغ كقولك للرجل «ليخفك أهلك وولدك» فظاهره الأمر لهم وحقيقة الأمر له بفعل ما يخافون عنده.
وعن ابن عباس أن المراد الصغار وليس للكبار أن ينظروا إلى مالكيهم إلا إلى ما يجوز للحر أن ينظر إليه. ثم إنه هل يشمل الإماء؟ فعن ابن عمر ومجاهد لا، وعن غيرهما نعم، لأن الإنسان كما يكره إطلاع الذكور على أحواله فقد يكره أيضا إطلاع الإناث عليها. عن ابن عباس: آية لا يؤمن بها أكثر الناس آية الإذن وإني لآمر جارتي أن تستأذن عليّ أراد امرأته، وكان ابن عباس ينام بين جاريتين. ومن العلماء من قال: هذا الأمر للاستحباب. ومنهم من قال للوجوب. ومن هؤلاء من قال: إنه ناسخ لقوله لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا لأن ذلك يدل على أن الاستئذان واجب في كل حال، وهذا يدل على وجوبه في الأوقات الثلاثة فقط، ومنع لزوم النسخ بأن الأولى في المكلفين وهذه في غير المكلفين قالوا: الذين ملكت أيمانكم يشمل البالغين. قلنا: لو سلم فلا نسخ أيضا لأن قوله غَيْرَ بُيُوتِكُمْ لا يشمل العبيد لأن الإضافة توجب الاختصاص والملكية، والعبد لا يملك شيئا فلا يملك البيت أمر المماليك والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار وهذا معنى قوله مِنْكُمْ أن يستأذنوا ثلاث مرات في اليوم والليلة. إحداها قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع ووقت استبدال ثياب اليقظة بثياب النوم، وثانيتها عند الظهيرة وهو نصف النهار عند اشتداد

صفحة رقم 210

الحر وظهوره فحينئذ يضع الناس ثيابهم غالبا، وثالثها بعد صلاة العشاء يعني الآخرة لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم. ثم بين حكمة الاستئذان في هذه الأوقات فقال ثَلاثُ عَوْراتٍ فمن قرأ ثَلاثَ بالرفع فظاهر كما مر في الوقوف، ومن قرأ بالنصب فقد قال في الكشاف: إنه بدل من ثَلاثَ مَرَّاتٍ أي أوقات ثلاث عورات قلت: هذا بناء على أن قوله ثَلاثَ مَرَّاتٍ ظرف ويجوز أن يكون ثَلاثَ مَرَّاتٍ مصدرا بمعنى ثلاثة استئذانات، ويكون ثَلاثُ عَوْراتٍ تفسيرا وبيانا للأوقات الثلاثة لأنها منصوبة تقديرا. وأصل العورة الخلل ومنه الأعور المختل العين، وأعور الفارس إذا بدا منه موضع خلل للضرب، وأعور المكان إذا خيف فيه القطع. قال جار الله: إذا رفعت ثَلاثُ عَوْراتٍ فمحل هذه الجملة الرفع على الوصف أي هن ثلاث عورات مخصوصة بالاستئذان، وإذا نصبت لم يكن له محل وكان كلاما مقررا للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة.
ثم بين وجع العذر بقوله طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ وهم الذين يكثرون الدخول والخروج والتردد يعني أن بكم وبهم حاجة إلى المداخلة والمخالطة للاستخدام ونحوه. وارتفع بَعْضُكُمْ بالإبتداء وخبره عَلى بَعْضٍ أو بالفاعلية أي بعضكم طائف، أو يطوف بعضكم على بعض يدل على المحذوف طوّافون. وفي الآية دلالة على وجوب اعتبار العلل في الأحكام ما أمكن.
يروى أن مدلج بن عمرو وكان غلاما أنصاريا أرسله رسول الله ﷺ وقت الظهيرة إلى عمر ليدعوه، فدخل عليه وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه فقال عمر:
لوددت أن الله عز وجل نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا هذه الساعات إلا بإذن. ثم انطلق معه إلى النبي ﷺ فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية.
ثم بين حكم الأطفال والأحرار بعد البلوغ وهو أن لا يكون لهم الدخول إلا بإذن في جميع الأوقات. ومعنى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الذين بلغوا الحلم من قبلهم وهم الرجال الذين ذكروا من قبلهم في قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً الآية. ومتى يحكم ببلوغ الطفل؟ اتفقوا على أنه إذا احتلم كان بالغا وأما إذا لم يحتلم فعند عامة العلماء وعليه الشافعي أنه إذا بلغ خمس عشرة سنة فهو بالغ حكما لما
روي أن ابن عمر عرض على النبي ﷺ يوم أحد فلم يجزه وكان له أقل من خمس عشرة سنة، وعرض عليه يوم الخندق وكان ابن خمس عشرة سنة فأجازه.
وعن بعض السلف ويروى عن علي عليه السلام أيضا أنه كان يعتبر القامة ويقدر بخمسة الأشبار
وعليه يحمل قول الفرزدق:

صفحة رقم 211

وإنبات العانة غير معتبر إلا في حق الأطفال الكفار وقد مر في أول سورة النساء.
وإنما ختم هذه الآية بقوله كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وقبلها وبعدها لَكُمْ آياتِهِ لأنهما يشتملان على علامات يمكن الوقوف عليها وهي في الأولى الأوقات الثلاثة، وفي الآخرة مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ إلى آخرها ومثلهما في قوله يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ [النور: ١٧] يعني حد الزانيين وحد القاذف. وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر لها علامات يمكن الوقوف عليها بل تفرد سبحانه بعلم ذلك فخصها بالإضافة إلى نفسه. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بمصالح العباد حَكِيمٌ في أوامره ونواهيه. ثم بين حكم النساء اللواتي خرجن عن محل الفتنة والتهمة فقال والْقَواعِدُ وهي جمع «قاعد» بغير هاء كالحائض والطالق، وقد زعم صاحب الكشاف أنها جمع قاعدة بالهاء وفيه نظر لأنه من أوصاف النساء الخاصة بهن، سميت بذلك لقعودها عن الحيض والولد لكبرها ولذلك أكد بقوله اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً أي لا يطمعن فيه لعدم من يرغب فيهن وليست من القعود بمعنى الجلوس حتى يحتاج إلى الفرق بين المذكر والمؤنث، ولا شبهة أنه لا يحل لهن وضع كل ثيابهن لما فيه من كشف كل عورة فلذلك قال المفسرون: المراد بالثياب هاهنا الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار. وعن ابن عباس أنه قرأ أن يضعن جلابيبهن وعن السدي عن شيوخه يضعن خمرهن عن رؤوسهن، خصهن الله تعالى بذلك لأن التهمة مرتفعة عنهن وقد بلغن هذا المبلغ، فلو غلب على ظنهن خلاف ذلك لم يحل لهن وضع شيء من الثياب الظاهرة. وإنما أبيح وضع الثياب حال كونهن غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ أي غير مظهرات شيئا من الزين الخفية المذكورة في قوله وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أو غير قاصدات بالوضع التبرج ولكن التخفف إذا احتجن إليه. وحقيقة التبرج تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه من قولهم «سفينة بارج لا غطاء عليها». والبرج سعة العين يرى بياضها محيطا بسوادها لا يغيب منه شيء. واختص التبرج في الاستعمال بتكشف المرأة للرجال.
وحين ذكر الجائز عقبه بالمستحب تنبيها على اختيار الأفضل في كل باب فقال وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وذلك أنهن في الجملة مظنة شهوة وفتنة وإن عرض عارض الكبر والنحول فلكل ساقطة لاقطة. وسئل بعض الظرفاء المذكورين عن حكمة تستر النساء فقال:
لأنهن محل فتنة وشهوة فقيل: فعلى هذا كان ينبغي أن لا يحسن تكليف العجائز بالتستر فأجاب بأنه كان يلزم إذ ذاك مصيبتان: أحداهما عدم رؤية الحسان، والثانية لزوم رؤية القباح. ثم ختم السورة بسائر الصور التي يعتبر فيها الإذن فقال لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ نفى الحرج عن الأصناف الثلاثة ذوي العاهات ثم قال وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا فذهب

صفحة رقم 212

ابن زيد إلى أن المراد نفي الحرج عنهم في القعود عن الجهاد، ثم عطف على ذلك أنه لا حرج عليكم أن تأكلوا من البيوت المذكورة. ووجه صحة العطف التقاء الطائفتين في أن كل واحدة منهما منفي عنها الحرج. قال جار الله: مثال هذا أن يستفتيك مسافر عن الإفطار في رمضان وحاج مفرد عن تقديم الحلق على النحر فقلت: ليس على المسافر حرج أن يفطر ولا عليك يا حاج أن تقدم الحلق على النحر. وقال آخرون: كان المؤمنون يذهبون بالضعفاء وذوي الآفات إلى بيوت أزواجهم وأولادهم وإلى بيوت قراباتهم وأصدقائهم فيطعمونهم منها، فخالج قلوب الكل ريبة خوفا من أن يكون أكلا بغير حق لقوله تعالى لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ [البقرة: ١٨٨] فقيل: لهم ليس على هؤلاء الضعفاء ولا على أنفسكم يعني عليكم وعلى من في مثل حالكم من المؤمنين حرج في ذلك. قال قتادة:
كانت الأنصار في أنفسها قزازة وكانت لا تأكل من هذه البيوت إذا استغنوا. والقزازة احتراز مع القزة وهي مدح، والكزازة ذم. وروى الزهري عن سعيد بن المسيب وغيره أن المسلمين كانوا يخرجون إلى الغزو ويخلفون الضعفاء في بيوتهم ويدفعون إليهم المفاتيح ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم، فكانوا يتحرجون كما يحكى عن الحرث بن عمرو أنه خرج غازيا وخلف مالك بن زيد في ماله وبيته، فلما رجع رآه مجهودا فقال: ما أصابك؟ قال: لم يكن عندي شيء ولم يحل لي أن آكل من مالك. فقيل: ليس على هؤلاء الضعفاء حرج فيما تحرجوا عنه، ولا عليكم أن تأكلوا من هذه البيوت. قال الأكثرون: كان هؤلاء الضعفاء يتوقون مجالسة الناس ومواكلتهم فيقول الأعمى: إني لا أرى شيئا فربما آخذ الأجود وأترك الرديء، والأعرج يفسح في مجلسه ويأخذ أكثر من موضعه فيضيق على جليسه، والمريض لا يخلو من رائحة أو غيرها من أسباب الكراهة. وأيضا كان المؤمنون يقولون الأعمى لا يبصر الطعام الجيد ولا يأكله، والأعرج لا يتمكن من الجلوس فلا يقدر على الأكل مما ينبغي، والمريض لا يتأتى له أن يأكل كما يأكل الأصحاء فقيل: ليس على هؤلاء ولا عليكم في المؤاكلة حرج.
ثم إنه تعالى عدد من مواضع الأكل أحد عشر موضعا: الأول قوله مِنْ بُيُوتِكُمْ وفيه سؤال: وهو أنه أيّ فائدة في إباحة أكل الإنسان طعامه من بيته؟ والجواب أراد من بيوت أزواجكم وعيالكم لأن بيت المرأة بيت الزوج قاله الفراء. وقال ابن قتيبة: أراد بيوت أولادهم ولهذا لم يذكر الأولاد في جملة الأقارب وإن الولد أقرب الأقربين لأنه بعض الرجل وحكمه حكم نفسه،
وفي الحديث «إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه وإن ولده من كسبه» «١»

(١) رواه أبو داود في كتاب البيوع باب ٧٧.

صفحة رقم 213

وباقي البيوت لا إشكال فيها إلى البيت العاشر وهو قوله أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ وفيه وجوه: أحدها قال ابن عباس وكيل الرجل وقيمه في ضيعته وماشيته لا بأس عليه أن يأكل من ثمر ضيعته ويشرب من لبن ماشيته وملك المفاتيح كونها في يده وحفظه. وثانيها قال الضحاك: يريد الزمنى الذين يخلفون الغزاة. وثالثها قيل: أراد بيوت المماليك لأن مال العبد لمولاه. الحادي عشر قوله أَوْ صَدِيقِكُمْ ومعناه أو بيوت أصدقائكم والصديق يكون واحدا وجمعا كالعدو. وعن الحسن أنه دخل داره وإذا حلقة من أصدقائه وقد استلوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم مكبون عليها يأكلون، فتهللت أسارير وجهه سرورا وضحك وقال: هكذا وجدناهم يريد أكابر الصحابة.
وعن جعفر الصادق بن محمد عليه السلام: من عظم حرمة الصديق أن جعله الله من الإنس والثقة والانبساط بمنزلة النفس والأب والأخ والابن.
قال العلماء: إذا دل ظاهر الحال على رضا المالك قام ذلك مقام الإذن الصريح، وربما سمج الاستئذان وثقل كمن قدم إليه طعام فاستأذن صاحبه في الأكل منه. احتج أبو يوسف بالآية على أنه لا قطع على من سرق من ذي رحم محرم وذلك أنه تعالى أباح الأكل من بيوتهم ودخولها بغير إذن فلا يكون ماله محرزا منهم، وأورد عليه أن لا يقطع إذا سرق من صديقه. فأجاب بأن السارق لا يكون صديقا للمسروق منه. واعلم أن ظاهر الآية دل على أن إباحة الأكل من هذه المواضع لا تتوقف على الاستئذان. فعن قتادة أن الأكل مباح ولكن لا يجمل. وجمهور العلماء أنكروا ذلك فقيل: كان ذلك مباحا في صدر الإسلام ثم نسخ ذلك
بقوله ﷺ «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه»
ومما يدل على هذا النسخ قوله لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [الأحزاب: ٥٣] وقال أبو مسلم: هذا في الأقارب الكفرة. وفي هذه الآية إباحة ما حظر وفي قوله لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة: ٢٢] وقيل: إن هؤلاء القوم كانت تطيب أنفسهم بأكل من يدخل عليهم والعادة كالإذن في ذلك فلا جرم خصهم الله بالذكر لأن هذه العادة في الأغلب توجد فيهم ولذلك ضم إليهم الصديق. وإذا علمنا أن الإباحة إنما حصلت في هذه الصورة لأجل حصول الرضا، فلا حاجة إلى القول بالنسخ.
وحين نفى الحرج عنهم في نفس الأكل أراد أن ينفي الحرج عنهم في كيفية الأكل فقال لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا وانتصب قوله جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً على الحال أي مجتمعين أو متفرقين. والأشتات جمع شت وهو نعت وقيل مصدر وصف به. ثم أجمع أكثر المفسرين ومنهم ابن عباس على أنها نزلت في بني ليث بن عمرو من كنانة كانوا يتحرّجون

صفحة رقم 214

عن الانفراد في الطعام، فربما قعد الرجل منتظرا نهاره إلى الليل فإن لم يجد من يؤاكله أكل. وقال عكرمة وأبو صالح: نزلت في قوم من الأنصار لا يأكلون إلا مع ضيفهم. وقال الكلبي: كانوا إذا اجتمعوا ليأكلوا طعاما عزلوا للأعمى طعاما على حدة، وكذلك الزمن والمريض فبين الله لهم أن ذلك غير واجب. وقال آخرون: كانوا يأكلون فرادى خوفا من أن يحصل عند الجمعية ما ينفر أو يؤذى فرفع الله الحرج. ثم علمهم أدبا جميلا قائلا فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً أي من البيوت المذكورة لتأكلوا فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ أي ابدءوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم دينا وقرابة وانتصب تَحِيَّةً ب فَسَلِّمُوا نحو «قعدت جلوسا». ومعنى مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أنها ثابتة من عنده مشروعة من لدنه، أو أراد أن التحية طلب حياة للمخاطب من عند الله وكذا التسليم طلب السلامة له من عنده. ووصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق وتضعيف الثواب.
عن أنس قال: كنت واقفا على رأس النبي ﷺ أصب الماء على يديه فرفع رأسه فقال: ألا أعلمك ثلاث خصال تنتفع بها؟ قلت: بلى بأبي وأمي يا رسول الله. قال: متى لقيت من أمتي أحدا فسلم عليه يطل عمرك، وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكثر خير بيتك، وصلّ صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار الأوّابين.
قال العلماء: إن لم يكن في البيت أحد فليقل «السلام علينا من ربنا، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ومن صور الإذن قوله سبحانه إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الآية. والمقصود أن يبين عظم الجناية في ذهاب الذاهب عن مجلس رسول الله ﷺ بغير إذنه إِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ وهو الذي يجمع له الناس.
فلما كان الأمر سبب الجمع وصف به مجازا. قال مجاهد: هو أمر الحرب ونحوه من الأمور التي يعم ضررها ونفعها. وقال الضحاك: هو الجمعة والأعياد وكل شيء تكون فيه الخطبة.
وذلك أنه لا بد في الخطوب الجليلة من ذوي رأي وقوة يستعان بهم وبآرائهم وتجاربهم في كفايتها، فمفارقة أحدهم في مثل تلك الحال مما يشق على قلب الرسول ﷺ ويشعب عليه رأيه. قال الجبائي: في الآية دلالة على أن استئذانهم الرسول من إيمانهم ولولا ذلك لحاز أن يكونوا كاملي الإيمان وإن تركوا الاستئذان. وأجيب بأن ترك الاستئذان من أهل النفاق لا نزاع أنه كفر لأنهم تركوه استخفافا. قال جار الله: ومما يدل على عظم هذه الجناية أنه جعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه فيأذن لهم ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله، ومع ذلك صدر الجملة بإنما وأوقع المؤمنين مبتدأ مخبرا عنه بموصول أحاطت صلته بذكر الإيمانين. ثم عقبه بمزيد توكيد وتشديد حيث أعاده على أسلوب آخر وهو قوله إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فجعل الاستئذان كالمصدق الصحة الإيمان بالله والرسول وفيه تعريض بحال المنافقين وتسللهم لواذا. وفي قوله لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ دليل على

صفحة رقم 215

أن أمر الاستئذان مضيق لا يجوز ارتكابه في كل شأن. وفي قوله فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ دلالة على أنه تعالى فوّض بعض أمر الدين إلى اجتهاد الرسول ورأيه. وزعم قتادة أنها منسوخة بقوله لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التوبة: ٤٣] وفي قوله وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ وجهان:
أحدهما أن هذا الاستغفار لأجل أنهم تركوا الأولى والأفضل وهو أن لا يحدثوا أنفسهم بالذهاب ولا يستأذنوا فيه، والآخر أنه جبرا لهم على تمسكهم بإذن الله تعالى في الاستئذان.
ثم حثهم على طاعة رسوله بقوله لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ أي لا تقيسوا دعاءه إياكم لخطب جليل على دعاء بعضكم بعضا ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي، وذلك أن أمره فرض لازم وأمر غيره ليس بفرض، وإنما هو أدب مستحن رعايته مع الأئمة والمتقدمين. هذا ما عليه الأكثرون منهم المبرد والقفال، وعن سعيد بن جبير: لا تنادوه باسمه ولا تقولوا «يا محمد» ولكن «يا نبي الله ويا رسول الله» مع التوقير والتعظيم والصوت المنخفض. وقيل: أراد احذروا دعاء الرسول ربه عليكم إذا أسخطتموه فإن دعاءه موجب ليس كدعاء غيره. والتسلل الانسلال والذهاب على سبيل التدرج، واللواذ الملاوذة وهو أن يكون هذا بذاك وذاك بهذا. وانتصابه على الحال والحاصل أنهم يتسللون عن الجماعة في الخفية على سبيل الملاوذة وهو استتار بعضهم ببعض. وقيل: كان يلوذ من لم يؤذن له بالذي أذن له فينطلق معه. قال مقاتل: هذا في الخطبة. وقال مجاهد: في صف القتال.
وقال ابن قتيبة: نزلت في حفر الخندق وكان قوم يتسللون بغير إذن. ومعنى قَدْ يَعْلَمُ يكثر العلم والمبالغة فيه كما مر في «البقرة» في قوله قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ [البقرة:
١٤٤] يقال: خالفته عن القتال أي جبنت عنه وأقدم هو وخالفته إلى القتال أي أقدمت، وجبن هو الفتنة المحنة في الدنيا كالقتل أو الزلازل، وسائر الأهوال والعذاب الأليم هو عذاب النار. وعن جعفر بن محمد عليه السلام: الفتنة أن يسلط عليهم سلطان جائر. وقال الأصوليون: في الآية دلالة على أن ظاهر الأمر للوجوب لأن تارك المأمور به مخالف لذلك الأمر فإن موافقة الأمر عبارة عن الإتيان بمقتضاه والموافقة ضد المخالفة، فإذا أخل بمقتضاه كان مخالفا والمخالف مستحق للعقاب بالآية، ولا نعني بالوجوب إلا هذا. واعترض عليه بأن موافقة الأمر عبارة عن الإتيان بمقتضاه على الوجه الذي يقتضيه الأمر، فإن الأمر لو اقتضاه على سبيل الندب وأنت تأتي على سبيل الوجوب كان ذلك مخالفة الأمر. ومنع من أن المندوب مأمور به فإن هذا أول المسألة، والظاهر أن الضمير في أمره للرسول ولو كان لله لم يضر لأنه لا فرق بين أمر الله وأمر رسوله، وأمر الرسول متناول عند بعضهم للقول والفعل والطريقة كما يقال «أمر فلان مستقيم» وعلى هذا فكل ما فعله الرسول فإنه يكون

صفحة رقم 216

واجبا علينا. ثم بين كمال قدرته وعمله بقوله أَلا إِنَّ لِلَّهِ إلخ. تأكيد الوجوب الحذر. قال جار الله: الخطاب والغيبة في قوله ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ كلاهما للمنافقين على طريقة الالتفات إذ الأول عام والثاني لأهل النفاق. وأقول: يحتمل أن يكون كلاهما عاما للمنافقين. والفاء في قوله فَيُنَبِّئُهُمْ لتلازم ما قبلها وما بعدها كقولك وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [المدثر: ٣].
التأويل:
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فيما يدعوانه إلى الحضرة بترك ما سوى الله ويخشى الانقطاع عن الله ويثق به عما سواه فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ بالوصول والوصال وصالا بلا انفصال وزوال لئن أمرتهم بالخروج عن غير الله طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ
بالفعل دون القول لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ليخرجن ما في استعدادهم من خلافة الله في أرض البشرية من القوة إلى الفعل. وَلَيُمَكِّنَنَّ كل صنف حمل الأمانة المودعة فيه على اختلاف مراتبهم وطبقاتهم، فمنهم حفاظ لأخبار النبي ﷺ وللقرآن، ومنهم علماء الأصول، ومنهم علماء الفروع، ومنهم أهل المعرفة وأصحاب الحقائق وأرباب السلوك الكاملون المكملون، وإنهم خلفاء الله على الحقيقة وأقطاب العالم وأوتاد الأرض وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ من الشرك الخفي أَمْناً يَعْبُدُونَنِي بالإخلاص لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً من مطالب الدنيا والآخرة لِيَسْتَأْذِنْكُمُ المريدون الذين هم تحت تصرفكم وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا أوان الشيخوخة ثَلاثَ مَرَّاتٍ في المبادي وفي أوساط السلوك وفي نهاية أمرهم، فإذا صلحت أحوالهم في هذه الأوقات صلح سائرها في الأغلب والله المستعان. وَالْقَواعِدُ فيه إشارة إلى أن المريد إذا صار بحيث أمن منه إفشاء الأسرار وما استودع فيه من متولدات الأحوال، فلا ضير عليه أن لا يبالغ في التستر والإخفاء من الأغيار والكتمان خير له لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ قال الشيخ المحقق نجم الدين المعروف بداية رضى الله عنه: فيه إشارة إلى أن من لا يبصر إلا بالله ولا يمشي إلا بالله ولا يعلم إلا بالله فإنهم مخصوصون بالتكون بكينونة الله كما قال «كنت له سمعا» الحديث. فإنهم مستعدون لقبول الفيض الإلهي وهم السابقون المقربون فلا حرج في الشرع على من يكون مستعدا لهذا الكمال، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها. وفي قوله وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ إلخ إشارة إلى أنه لا حرج على أرباب النفوس على أن يكون مأكلهم من بيوتهم أو بيوت أبناء جنسهم وهي الجنات ومراتبها كما قال فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ [الزخرف: ٧١] وفي قوله أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ إشارة إلى أن درجات الجنة مساكن أهل المكاسب كما أن مقامات أهل القرب عند مليك مقتدر منازل أهل المواهب.
قوله أَوْ صَدِيقِكُمْ فيه أن درج الجنان ينالها المرء ببركة جليسه الصالح، وقد ينعكس نور

صفحة رقم 217

ولاية الشيخ على مرآة قلب المريد الصادق فينال به مرتبة لم يكن يصل إليها بمجرد أعماله:
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فيه أنه لا حرج على أهل الجنة أن تكون مآكلهم من درجة واحدة أو من درجات شتى. فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً أي بلغتم منزلا من المنازل فَسَلِّمُوا أي استسلموا لأحكام الربوبية بمزيد العبودية حتى ترتقوا منها إلى منازل أعلى وأطيب إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ فيه أن المريد الصادق ينبغي أن لا يتنفس إلا بإذن شيخه فإن الشيخ في قومه كالنبي في أمته أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ من المال أو الجاه أو قبول الخلق أو التزويج أو السفر بإذن الشيخ أو التردد على أبواب الملوك ونحو ذلك، وما العصمة إلا من واهبها وهو المستعان.

صفحة رقم 218
غرائب القرآن ورغائب الفرقان
عرض الكتاب
المؤلف
نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري
تحقيق
زكريا عميرات
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
ما زال مذ عقدت يداه إزاره فسما وأدرك خمسة الأشبار