آيات من القرآن الكريم

وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ

رسول الله ﷺ يقول وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَقَدِ اخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ «اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ» فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُلْصَقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لِيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أَيْ افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْجَلِيلَةِ وَاتْرُكُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالصِّفَاتِ الرَّذِيلَةِ، فَإِنَّ الْفَلَاحَ كُلَّ الْفَلَاحِ فِي فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَتَرْكِ مَا نهيا عنه، والله تعالى هو المستعان.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٣٢ الى ٣٤]
وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤)
اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَاتُ الْمُبِينَةُ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُحْكَمَةِ وَالْأَوَامِرِ الْمُبْرَمَةِ، فَقَوْلُهُ تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ إلى آخره، هَذَا أَمْرٌ بِالتَّزْوِيجِ. وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عليه. واحتجوا بظاهر قوله عليه السلام «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» «١»، أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود.
وقد جاء فِي السُّنَنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «تَزَوَّجُوا تَوَالَدُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» «٢». وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى بِالسِّقْطِ»، الْأَيَامَى جَمْعُ أَيِّمٍ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لها وللرجل الذي لا زوجة له، سواء كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ ثُمَّ فَارَقَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَهْلِ اللغة، يقال رجل أيم وامرأة أيم.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الْآيَةَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَغَّبَهُمُ اللَّهُ فِي التَّزْوِيجِ وَأَمَرَ بِهِ الْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهِ الْغِنَى، فَقَالَ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ سَعِيدٍ- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ- قال: بلغني أن أبا بكر الصديق

(١) أخرجه البخاري في الصوم باب ١٠، ومسلم في النكاح حديث ١.
(٢) أخرجه أبو داود في النكاح باب ٣.

صفحة رقم 47

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وعدكم من الغنى قال تَعَالَى: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ.
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ عَنْ عُمَرَ بِنَحْوِهِ.
وَعَنِ اللَّيْثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: النَّاكِحُ يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَالْمُكَاتَبُ يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ» «١» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وقد زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي لم يجد عليه إِلَّا إِزَارَهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَمَعَ هَذَا فَزَوَّجَهُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَجَعَلَ صداقها عليه أن يعلمها ما معه مِنَ الْقُرْآنِ. وَالْمَعْهُودُ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، وأما مَا يُورِدُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثُ «تَزَوَّجُوا فُقَرَاءَ يُغْنِكُمُ اللَّهُ» فَلَا أَصْلَ لَهُ وَلَمْ أَرَهُ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ وَلَا ضَعِيفٍ إِلَى الْآنَ، وَفِي الْقُرْآنِ غَنِيَّةٌ عَنْهُ، وَكَذَا هذه الأحاديث التي أوردناها، ولله الحمد والمنة.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ لَا يَجِدُ تَزْوِيجًا بالتعفف عن الحرام كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» الحديث، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ، وَالَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أخص منها وهي قوله وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ- إلى قوله- وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النِّسَاءِ: ٢٥] أَيْ صَبْرُكُمْ عن تزوج الإماء خير لكم، لِأَنَّ الْوَلَدَ يَجِيءُ رَقِيقًا وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَرَى الْمَرْأَةَ فَكَأَنَّهُ يَشْتَهِي، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَلْيَذْهَبْ إِلَيْهَا وَلْيَقْضِ حَاجَتَهُ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ له امرأة فلينظر في ملكوت السموات والأرض حتى يغنيه الله.
وقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً هَذَا أَمْرٌ مِنَ الله تعالى للسادة إذا طلب عبيدهم منهم الكتابة أن يكاتبوهم بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ حِيلَةٌ وَكَسْبٌ يُؤَدِّي إِلَى سَيِّدِهِ الْمَالَ الَّذِي شَارَطَهُ عَلَى أَدَائِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمْرُ إِرْشَادٍ وَاسْتِحْبَابٍ، لَا أَمْرَ تَحَتُّمٍ وَإِيجَابٍ، بَلِ السَّيِّدُ مُخَيَّرٌ إِذَا طَلَبَ مِنْهُ عَبْدُهُ الْكِتَابَةَ، إِنْ شَاءَ كَاتَبَهُ وَإِنْ شاء لم يكاتبه قال الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنْ شَاءَ كاتبه وإن شاء لم يكاتبه. وكذا قال ابْنِ وَهْبٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: إِنْ يشأ يكاتبه وإن يَشَأْ لَمْ يُكَاتِبْهُ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حيان والحسن البصري، وذهب آخرون إلى

(١) أخرجه الترمذي في فضائل الجهاد باب ٢٠، والنسائي في الجهاد باب ١٢، والنكاح باب ٥، وابن ماجة في العتق باب ٣، وأحمد في المسند ٢/ ٢٥١، ٤٣٧.

صفحة رقم 48

أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إِذَا طَلَبَ مِنْهُ عَبْدُهُ ذَلِكَ أَنْ يُجِيبَهُ إِلَى مَا طَلَبَ أخذا بظاهر هذا الأمر.
وقال الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ رَوْحٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ، قَالَ: مَا أَرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَأْثِرُهُ عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ سِيرِينَ سَأَلَ أَنَسًا الْمُكَاتَبَةَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إلى عمر رضي الله عنه، فَقَالَ: كَاتِبْهُ، فَأَبَى فَضَرَبَهُ بِالدُّرَّةِ، وَيَتْلُو عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً فَكَاتَبَهُ «١» هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جِرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ؟ قَالَ: مَا أَرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ سِيرِينَ أَرَادَ أَنْ يُكَاتِبَهُ، فَتَلَكَّأَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لِتُكَاتِبَنَّهُ، إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قال: هي عزمة، وهذا القول القديم من قولي الشافعي، وَذَهَبَ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ لقوله عليه السلام «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ». وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: الأمر عندنا أنه لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يُكَاتِبَهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَكْرَهَ أَحَدًا عَلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ. قَالَ مالك: وإنما ذلك أمر من الله تعالى وَإِذَنٌ مِنْهُ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ قَوْلَ الوجوب لظاهر الآية.
وقوله تعالى: إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً قَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَانَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صِدْقًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَالًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حِيلَةً وَكَسْبًا. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً قَالَ «إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ حِرْفَةً، وَلَا تُرْسِلُوهُمْ كَلًّا عَلَى الناس»، وقوله تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ اخْتَلَفَ المفسرون فيه، فقال بعضهم: مَعْنَاهُ اطْرَحُوا لَهُمْ مِنَ الْكِتَابَةِ بَعْضَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: مِقْدَارَ الرُّبْعِ، وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَقِيلَ النِّصْفُ، وَقِيلَ جُزْءٌ مِنَ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ حد.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ هُوَ النَّصِيبُ الذي فرض الله لهم من أموال الزكاة، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَبِيهِ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي قَوْلِهِ وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ قَالَ: حث الناس عليه مولاه وغيره، وكذا قَالَ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيُّ وَقَتَادَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُعِينُوا فِي الرِّقَابِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(١) أخرجه البخاري في المكاتب باب ١.
(٢) تفسير الطبري ٩/ ٣١٢.

صفحة رقم 49

أَنَّهُ قَالَ «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ» فَذَكَرَ مِنْهُمُ الْمُكَاتَبَ يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ شَبِيبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ يُكَنَّى أَبَا أُمَيَّةَ، فَجَاءَ بِنَجْمِهِ حِينَ حُلَّ فَقَالَ: يَا أَبَا أمية اذهب فاستعن به في مكاتبتك، فقال: يا أمير المؤمنين، ولو تَرَكْتُهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ آخِرِ نَجْمٍ؟
قَالَ: أخاف أن لا أُدْرِكَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَرَأَ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ قال عكرمة: فكان أَوَّلَ نَجْمٍ أُدِّيَ فِي الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا كَاتَبَ مُكَاتَبَهُ لَمْ يَضَعْ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ أَوَّلِ نُجُومِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَعْجَزَ فَتَرْجِعَ إِلَيْهِ صَدَقَتُهُ، وَلَكِنَّهُ إِذَا كَانَ فِي آخِرِ مُكَاتَبَتِهِ وَضَعَ عَنْهُ مَا أَحَبَّ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الآية وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ قَالَ: يعني ضعوا عنهم في مكاتبتهم، وكذا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ وَالسُّدِّيُّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فِي قَوْلِهِ: وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يَدَعَ الرَّجُلُ لِمُكَاتَبِهِ طَائِفَةً مِنْ مُكَاتَبَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُنْدَبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «رُبْعُ الْكِتَابَةِ» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَرَفْعُهُ مُنْكَرٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ رحمه الله.
وقوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ الْآيَةَ، كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَمَةٌ أَرْسَلَهَا تَزْنِي، وَجَعَلَ عَلَيْهَا ضَرِيبَةً يَأْخُذُهَا مِنْهَا كُلَّ وَقْتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ نَهَى الله المؤمنين عَنْ ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الكريمة، فيما ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابن سلول، فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ إِمَاءٌ، فَكَانَ يُكْرِهْهُنَّ عَلَى الْبِغَاءِ طَلَبًا لِخَرَاجِهِنَّ، وَرَغْبَةً فِي أَوْلَادِهِنَّ وَرِئَاسَةً منه فيما يزعم.
ذِكْرُ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو اللَّخْمِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ جَارِيَةٌ لعبد الله بن أبيّ ابن سلول، يقال لها معاذة يكرهها على الزنا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ نَزَلَتْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ الآية، وقال الأعمش عن أبي

(١) تفسير الطبري ٩/ ٣١٦.

صفحة رقم 50

سفيان عن جابر في هذه الآية، قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَمَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبيّ ابن سَلُولٍ يُقَالُ لَهَا مُسَيْكَةُ، كَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْفُجُورِ، وَكَانَتْ لَا بَأْسَ بِهَا فَتَأْبَى، فَأَنْزَلَ الله هَذِهِ الْآيَةِ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ- إِلَى قَوْلِهِ- وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ نَحْوَهُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابن سَلُولٍ، جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مُسَيْكَةُ، وَكَانَ يُكْرِهُهَا عَلَى الْبِغَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ- إِلَى قَوْلِهِ- وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ صَرَّحَ الأعمش بالسماع من أبي سفيان بن طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ صحيفة حكاه البزار. وقال أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جَارِيَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ كَانَتْ تزني في الجاهلية فولدت أولادا من الزنا، فقال لها مالك: لا تزنين، قالت: وَاللَّهِ لَا أَزْنِي، فَضَرَبَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا مَنْ قُرَيْشٍ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَسِيرًا، وَكَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا مُعَاذَةُ وَكَانَ الْقُرَشِيُّ الْأَسِيرُ يُرِيدُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَتْ مُسْلِمَةً وَكَانَتْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لِإِسْلَامِهَا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يُكْرِهُهَا عَلَى ذلك ويضربها رجاء أن تحمل من القرشي فَيَطْلُبَ فِدَاءَ وَلَدِهِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: أُنْزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُدْعَى مُعَاذَةُ وَكَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ لِيُوَاقِعَهَا إِرَادَةَ الثَّوَابِ مِنْهُ وَالْكَرَامَةِ لَهُ.
فَأَقْبَلَتِ الْجَارِيَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه فشكت إليه فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِقَبْضِهَا فَصَاحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أبيّ من يعذرنا مِنْ مُحَمَّدٍ يَغْلِبُنَا عَلَى مَمْلُوكَتِنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ فهيم هذا، وقال مقاتل بن حيان: بلغني- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ كَانَا يُكْرِهَانِ أَمَتَيْنِ لَهُمَا إِحْدَاهُمَا اسْمُهَا مسيكة وكانت للأنصار، وَكَانَتْ أُمَيْمَةُ أُمُّ مُسَيْكَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَكَانَتْ مُعَاذَةُ وَأَرْوَى بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَأَتَتْ مُسَيْكَةُ وَأُمُّهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ يعني الزنا.
وقوله تعالى: إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وقوله تعالى:
لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا أَيْ مِنْ خَرَاجِهِنَّ وَمُهُورِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ «١»، وَفِي رِوَايَةٍ «مَهْرُ الْبَغِيِّ خبيث وكسب الحجام

(١) أخرجه البخاري في البيوع باب ١١٣، والإجارة، باب ٢٠، والطب باب ٤٦، ومسلم في المساقاة حديث ٣٩.

صفحة رقم 51
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية