آيات من القرآن الكريم

۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

أي تسرع، يقال: ولق فلان في السير فهو يلق فيه إذا استمر وأسرع فيه، فكان معنى قراءة عائشة: إذ تستمرّون في إفككم.
وقرأ محمد بن السميقع: إِذْ تُلْقُونَهُ من الإلقاء «١»، نظيره ودليله قوله سبحانه فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ «٢» الآية.
وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وتظنّونه سهلا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ يحتمل التنزيه والتعجب.
هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا أي ينهاكم ويخوّفكم أن تعودوا وقيل: يَعِظُكُمُ اللَّهُ كيلا تعودوا لِمِثْلِهِ إلى مثله أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
بأمر عائشة وصفوان حَكِيمٌ حكم ببراءتها.
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ تظهر وتفشو وتذيع الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ يعني عبد الله بن أبيّ بن سلول وأصحابه المنافقين.
وَاللَّهُ يَعْلَمُ كذبهم وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فيه إضمار لعاجلكم بالعقوبة.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٢١ الى ٢٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١) وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)
الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى صلح وطهر من هذا الذنب، وقرأ ابن محيص ويعقوب: زكّى بالتشديد أي طهّر، دليلها قوله سبحانه وتعالى وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يطهّر مَنْ يَشاءُ من الإثم والذنب بالرحمة والمغفرة وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

(١) بضمّ التاء وسكون اللام وضمّ القاف عن تفسير القرطبي: ١٢/ ٢٠٤.
(٢) سورة النحل: ٣٦.

صفحة رقم 80

أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال: حدّثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك قال: حدّثنا على بن زنجويه قال: حدّثنا سعيد بن سيف التميمي قال: حدّثنا غالب بن تميم السعدي قال: حدّثنا خالد بن جميل عن موسى بن عقبة المديني عن أبي روح الكلبي عن حر بن نصير الحضرمي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أيّما رجل شدّ عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في ظلّ سخط الله سبحانه حتى ينزع، وأيّما رجل حال في شفاعة دون حدّ من حدود الله تعالى أن يقام فقد كايد الله حقّا وحرص على سخطه وأن عليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة، وأيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يريد أن يشينه بها في الدنيا كان حقّا على الله أن يذيبه في النار، وأصله في كتاب الله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ الآية «١».
وَلا يَأْتَلِ ولا يحلف، هذه قراءة العامة وهو يفتعل من الأليّة وهي القسم، وقال الأخفش: وإن شئت جعلته من قول العرب: ما ألوت جهدي في شأن فلان أي ما تركته، وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو مخلد السدوسي وأبو جعفر وزيد بن أسلم (ولا يتأل) بتقديم التاء وتأخير الهمزة وهو يفتعل من الألية والألو.
أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ يعني أبا بكر الصدّيق أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يعني مسطحا، وكان مسكينا مهاجرا بدريا، وكان ابن خالة أبي بكر رضي الله عنه.
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا عنهم خوضهم في أمر عائشة.
وروت أسماء بنت يزيد أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قرأ ولتعفوا ولتصفحوا بالتاء «٢».
أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
فلمّا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أبي بكر قال: بلى أنا أحب أن يغفر الله لي، ورجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
وقال ابن عباس والضحّاك: أقسم ناس من الصحابة فيهم أبو بكر ألّا يتصدقوا على رجل تكلّم بشيء من الإفك ولا ينفعونهم فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ عن الفواحش وعما قذفن به كغفلة عائشة عمّا فيها الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا عذّبوا فِي الدُّنْيا بالجلد وفي الآخرة بالنار وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ

(١) تفسير القرطبي: ١٢/ ٢٠٦. بتفاوت.
(٢) تفسير مجمع البيان: ٧/ ٢٣٣. ولكن رواه عن علي (عليه السلام).

صفحة رقم 81

واختلف العلماء في حكم الآية، فقال قوم: هي لعائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلّم خاصة دون سائر المؤمنات.
أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال: حدّثنا هارون بن محمد بن هارون قال: حدّثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدّثنا هشام عن العوّام بن حوشب قال: حدّثنا شيخ من بني كاهل قال: فسّر ابن عباس سورة النور، فلمّا أتى على هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ إلى آخر الآية، قال: هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلّم خاصة، وهي مبهمة ليس فيها توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله سبحانه له توبة، ثمّ قرأ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ إلى قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة، قال: فهّم رجل أن يقوم فيقبّل رأسه من حسن ما فسّره.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية في أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فكان ذلك كذلك حتى نزلت الآية التي في أول السورة وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ إلى فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فأنزل الله له الجلد والتوبة، فالتوبة تقبل والشهادة ترد.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حيّان قال: حدّثنا إسحاق بن محمد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال: حدّثنا علي بن علي عن أبي حمزة الثمالي قال: بلغنا أنها نزلت في مشركي أهل مكة إذ كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلّم عهد، فكانت المرأة إذا خرجت الى رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا: إنما خرجت تفجر.
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ قرأه العامة بالتاء، وقرأ أهل الكوفة إلّا عاصما بالياء لتقدّم الفعل.
أَلْسِنَتُهُمْ وهذا قبل أن يختم على أفواههم، وقيل: معناه: يشهد ألسنة بعضهم على بعض وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ في الدنيا يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ جزاءهم وحسابهم الْحَقَّ قرأه العامة بنصب القاف، وقرأ مجاهد الْحَقُّ بالرفع على نعت الله وتصديقه، قراءة أبي يوفهم الله الحق دينهم.
وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ يبيّن لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا.
الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ الآية. قال أكثر المفسّرين: الْخَبِيثاتُ من القول لِلْخَبِيثِينَ من الناس وَالْخَبِيثُونَ من الناس لِلْخَبِيثاتِ من القول وَالطَّيِّباتُ من القول لِلطَّيِّبِينَ من الناس وَالطَّيِّبُونَ من الناس لِلطَّيِّباتِ من القول.
وقال ابن زيد: الْخَبِيثاتُ من النساء لِلْخَبِيثِينَ من الرجال، وَالْخَبِيثُونَ من الرجال لِلْخَبِيثاتِ من النساء، وَالطَّيِّباتُ من النساء لِلطَّيِّبِينَ من الرجال، وَالطَّيِّبُونَ من الرجال لِلطَّيِّباتِ من النساء.

صفحة رقم 82
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية