آيات من القرآن الكريم

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ
ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄﰅﰆ

وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ سَيَقُولُونَ اللَّهُ بِدُونِ لَامِ الْجَرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مُصْحَفِ الْبَصْرَةِ وَبِذَلِكَ كَانَ اسْمُ الْجَلَالَةِ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
وَلَمْ يُؤْتَ مَعَ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ بِشَرْطِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٨٤] وَنَحْوِهِ كَمَا جَاءَ فِي سَابِقِهِ لِأَنَّ انْفِرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْعَرْشِ لَا يَشُكُّ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَزْعُمُوا إِلَهِيَّةَ أَصْنَامِهِمْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْعَوَالِمِ الْعُلْوِيَّةِ.
وَخُصَّ وَعْظُهُمْ عَقِبَ جَوَابِهِمْ بِالْحَثِّ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُمْ لَا يَسَعُهُمْ إِلَّا الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ اللَّهَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَمَنْ فِيهَا وَعُقِّبَتْ تِلْكَ الْآيَة بحظهم عَلَى التَّذَكُّرِ لِيَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّهُمْ عِبَادُ اللَّهِ لَا عِبَادُ الْأَصْنَامِ. وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَهِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْأَرْضِ وَأَنَّهُمْ لَا يَسَعُهُمْ إِلَّا الِاعْتِرَافُ بِذَلِكَ نَاسَبَ حَثَّهُمْ عَلَى تَقْوَاهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الطَّاعَةَ لَهُ وَحْدَهُ وَأَنْ يُطِيعُوا رَسُولَهُ فَإِنَّ التَّقْوَى تَتَضَمَّنُ طَاعَةَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحُذِفَ مَفْعُولُ تَتَّقُونَ لِتَنْزِيلِ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ الْقَاصِرِ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ وَهُوَ التَّقْوَى الشَّامِلَةُ لِامْتِثَالِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتنَاب المنهيات.
[٨٨، ٨٩]
[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ٨٨ إِلَى ٨٩]
قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩)
قَدْ عَرَفْتَ آنِفًا نُكْتَةَ تَكْرِيرِ الْقَوْلِ.
وَالْمَلَكُوتُ: مُبَالَغَةٌ فِي الْمُلْكِ بِضَمِّ الْمِيمِ. فَالْمَلَكُوتُ: الْمُلْكُ الْمُقْتَرِنُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مُخْتَلَفِ الْأَنْوَاعِ وَالْعَوَالِمِ لِذَلِكَ جَاءَ بَعْدَهُ كُلِّ شَيْءٍ.
وَالْيَدُ: الْقُدْرَةُ. وَمَعْنَى يُجِيرُ يُغِيثُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْأَذَى. وَمَصْدَرُهُ الْإِجَارَةُ فَيُفِيدُ مَعْنَى الْغَلَبَةِ، وَإِذَا عُدِّيَ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ أَفَادَ أَنَّ الْمَجْرُورَ

صفحة رقم 111
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية