آيات من القرآن الكريم

نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌ

فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ نظيرها فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ «١» ؟
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٤٥ الى ٥٩]
ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩)
وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (٥٠) يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤)
أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩)
ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا تعظّموا عن الإيمان وَكانُوا قَوْماً عالِينَ متكبّرين، قاهرين غيرهم بالظلم، نظيرها إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ «٢».
فَقالُوا يعني فرعون وقومه أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا فنتّبعهما وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ مطيعون متذلّلون، والعرب تسمّي كلّ من دان لملك عابدا له، ومن ذلك قيل لأهل الحيرة:
العباد لأنّهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.
فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ بالغرق وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ لكي يهتدي بها قومه فيعملوا بما فيها وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً دلالة على قدرتنا، وكان حقّه أن يقول آيتين كما قال الله سبحانه وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ «٣» واختلف النحاة في وجهها، فقال بعضهم: معناه: وجعلنا كل واحد منهما آية كما قال سبحانه كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها «٤» أي آتت كلّ واحدة أكلها وقال إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ «٥» ولم يقل أرجاس، وقال بعضهم: معناه: جعلنا شأنهما واحدا لأنّ عيسى ولد من غير أب، وأمّه ولدت من غير مسيس ذكر. وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ.
أخبرنا أبو صالح منصور بن أحمد المشطي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن

(١) سورة سبأ: ١٩.
(٢) سورة القصص: ٤.
(٣) سورة الإسراء: ١٢.
(٤) سورة الكهف: ٣٣. [.....]
(٥) سورة المائدة: ٩٠.

صفحة رقم 48

عبد الله الرازي قال: أخبرنا سلمان بن علي قال: أخبرنا هشام بن عمار قال: حدّثنا عبد المجيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن سلام في قول الله سبحانه وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ قال: دمشق، وقال أبو هريرة: هي الرملة، قتادة وكعب: بيت المقدس، قال كعب: وهي أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلا. ابن زيد:
مصر، الضحّاك: غوطة دمشق، أبو العالية: إيليا وهي الأرض المقدسة، ويعني بالقرار الأرض المستوية والساحة الواسعة، والمعين: الماء الظاهر لعين الناظر، وهو مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر ورآه، ويجوز أن يكون فعيلا معن يمعن فهو معين من الماعون.
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ يعني من الحلالات، يعني: وقلنا لعيسى: كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ، وهذا كما يقال في الكلام للرجل الواحد: أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم، ونظائرها في القرآن كثيرة. قال عمرو بن شريل: كان يأكل من غزل أمّه، وقال الحسن ومجاهد: المراد به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هذِهِ قرأه أهل الكوفة بكسر الألف على الابتداء، وقرأ ابن عامر بفتح الألف وتخفيف النون جعل إنّ صلة مجازه: وهذه أمتّكم، وقرأ الباقون بفتح الألف وتشديد النون على معنى هذه، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار فعل، أي واعلموا أنّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً أي ملّتكم ملّة واحدة وهي دين الإسلام.
وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً قرأه العامة بضم الباء يعنى كتبا، جمع زبور بمعنى: دان كلّ فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخر، قاله مجاهد وقتادة، وقيل:
معناه فتفرقوا دينهم بينهم كتبا أحدثوها يحتجون فيها لمذاهبهم، قاله قتادة وابن زيد، وقرأ أهل الشام بفتح الباء أي قطعا وفرقا كقطع الحديد، قال الله سبحانه آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ «١».
كُلُّ حِزْبٍ جماعة بِما لَدَيْهِمْ عندهم من الدين فَرِحُونَ معجبون مسرورون فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ قال ابن عباس: كفرهم وضلالتهم «٢»، ابن زيد: عماهم، ربيع: غفلتهم حَتَّى حِينٍ إلى وقت مجيء آجالهم.
أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ نعطيهم ونزيدهم مِنْ مالٍ وَبَنِينَ في الدنيا نُسارِعُ نسابق لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ ومجاز الآية: أيحسبون ذلك مسارعة لهم في الخيرات، وقرأ عبد الرّحمن ابن أبي بكر: يُسارَعُ على ما لم يسم فاعله، والصواب قراءة العامة لقوله سبحانه نُمِدُّهُمْ.
بَلْ لا يَشْعُرُونَ أنّ ذلك استدراج لهم، ثمّ بيّن المسارعين الى الخيرات فقال عزّ من

(١) سورة الكهف: ٩٦.
(٢) في النسخة الثانية زيادة: الضحاك: حيرتهم.

صفحة رقم 49
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية