آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
ﭦﭧﭨﭩ

٥ - قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ قال الليث: الفرج اسم يجمع سوءات الرجال والنساء. فالقبلان (١) وما حواليهما كله فرج، وكذلك من الدواب (٢).
ومعنى الفرج في اللغة: الفرجة بين الشيئين (٣). ولهذا سُمي ما بين قوائم الدابة الفروج. ومنه قول الشاعر (٤):

لها ذَنَبٌ مثلُ ذيل العروس تَسُدُّ به فرجها من دُبُر
والمراد بالفروج هاهنا: فروج الرجال خاصة، لدلالة ما بعدهما عليهما. قال الكلبي: يعني يعفون عما لا يحل لهم.
وقال الزجاج: يحفظون فروجهم عن المعاصي (٥).
٦ - قوله: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾ قال الفراء: معناه إلا من أزواجهم (٦). وعلى هذا القول ﴿عَلَى﴾ بمعنى: من. وحروف الصفات متعاقبة (٧).
(١) في (أ) زيادة: (هما) بعد قوله: (فالقبلان)، وليست في (ع) ولا في "تهذيب اللغة".
(٢) قول الليث في "تهذيب اللغة" للأزهري ١١/ ٤٤ - ٤٥ (فرج)، وهو في "العين" ٦/ ١٠٩ (فرج).
(٣) انظر (فرج) في: "تهذيب اللغة" للأزهري ١١/ ٤٤، "لسان العرب" ٢/ ٣٤١.
(٤) في (ع): (ومنه قوله:
وقائل هذا البيت هو: امرؤ القيس. وقد تقدم تخريج هذا البيت.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٣١.
(٧) حروف الصفات: هي حروف الجر، أو حروف الإضافة كما يسميها البصريون. قال ابن يعيش في "المفصل" ٨/ ٧: (وقد يسميها الكوفيون حروف الصفات، لأنها تقع صفات لما قبلها من المنكرات) أهـ.
وفي تعاقب حروف الصفات أو الجر مذهبان للنحويين:
١ - مذهب الكوفيين: أنها تتعاقب وينوب بعضها عن بعض. وهو الذي ذكره =

صفحة رقم 524

وقال الزجاج: دخلت ﴿عَلَى﴾ هاهنا لأن المعنى (١): أنهم يلامون (٢) في إطلاق ما حُظر عليهم، إلا على أزواجهم فإنهم لا يلامون، والمعنى: أنهم يلامون على سوى أزواجهم وملك أيمانهم (٣).
وعلى هذا القول ﴿عَلَى﴾ من صلة اللوم المضمر، ودل عليه ذكر اللوم في آخر الآية (٤).

= الواحدي هنا.
٢ - مذهب البصريين: أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس، وما أوهم ذلك فهو عندهم إما مؤول تأويلا يقبله اللفظ، وإما على تضمين فعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف، وإما على شذوذ إنابة كلمة عن أخرى.
انظر: "مغني اللبيب" لابن هشام ١/ ١٢٩ - ١٣٠، "همع الهوامع" للسيوطي ٢/ ٣٥. وانظر ما كتبه ابن جني في "الخصائص" ٢/ ٣٠٦ - ٣١٥، وابن القيم في "بدائع الفوائد" ٢/ ٢٠ - ٢٢ حول هذا الموضوع فهو مفيد.
(١) في (أ): (معنى).
(٢) في (ع): (لا يلامون).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦.
(٤) وهذا الوجه الذي ذكره الزجاج وبينه الواحدي، ذكره الزمخشري في "الكشاف" ٣/ ٢٦ ضمن وجوه منها:
أن (على) متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير (حافظون) والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي حافظون لفرجهم في جميع الأحوال إلا حال كونهم والين وقوامين على أزواجهم. من قولك: كان فلان على فلانة فمات عنها فخلف عليها فلانة. ونظيره كان زياد على البصرة، أي: واليًا عليها.
وقد اعترض أبو حيان ٦/ ٣٩٦ على هذه الوجوه وذكر أنها متكلفة، وقال: والأولى أن يكون من باب التضمين، ضمن (حافظون) معنى: ممسكون أو قاصرون، وكلاهما يتعدى بـ (على) كقوله ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ [الأحزاب: ٣٧]. وانظر أيضًا: "الإملاء" للعكبري ٢/ ١٤٦، "الدر المصون" ٨/ ٣١٧ - ٣١٨، "روح المعاني" للألوسي ١٨/ ٦.

صفحة رقم 525
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية