
ولما كانوا بهذا التأكيد في التبعيد كأنهم قالوا: إنا لا نبعث أصلاً، اتصل به: ﴿إن هي﴾ أي الحالة التي لا يمكن لنا سواها ﴿إلا حياتنا الدنيا﴾
صفحة رقم 139
أي التي هي أقرب الأشياء إلينا وهي ما نحن فيها، ثم فسروها بقولهم: ﴿نموت ونحيا﴾ أي يموت منا من هو موجود، وينشأ آخرون بعدهم ﴿وما نحن بمبعوثين*﴾ بعد الموت، فكأنه قيل: فما هذا الكلام الذي يقوله؟ فقيل: كذب؛ ثم حصروا أمره في الكذب فقالوا: ﴿إن﴾ أي ما ﴿هو إلا﴾ وألهبوه على ترك مثل ما خاطبهم به بقولهم: ﴿رجل افترى﴾ أي تعمد ﴿على الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿كذباً﴾ والرجل لا ينبغي له مثل ذلك، أو هو واحد وحده، أي لا يلتفت إليه ﴿وما نحن له بمؤمنين*﴾ أي بمصدقين فيما يخبرنا به من البعث والرسالة؛ ثم استأنف قوله: ﴿قال رب﴾ أي أيها المحسن إليّ بإرسالي إليهم وغيره من أنواع التربية ﴿انصرني﴾ عليهم أي أوقع لي النصر ﴿بما كذبون*﴾ فأجابه ربه بأن ﴿قال عما قليل﴾ أي من الزمن. وأكد قلته بزيادة «ما» ﴿ليصبحن نادمين*﴾ على تخلفهم عن اتباعك.
صفحة رقم 140