آيات من القرآن الكريم

وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ

عن الطاعات أو يخلو ديوانه. وما بين الموت والقيامة: فإمّا راحات متّصلة، أو آلام وآفات غير منفصلة.
قوله جل ذكره:
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١٧]
وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧)
الحقّ- سبحانه- لا يستتر عن رؤيته مدرك، ولا تخفى عليه- من مخلوقاته- خافية. وإنما الحجب على أبصار الخلق وبصائرهم فالعادة جارية بأنه لا يخلق لنا الإدراك لما وراء الحجب. وكذلك إذا حلّت الغفلة القلوب استولى عليها الذهول، وانسدّت بصائرها، وانتفت فهومها وفوقنا حجب ظاهرة وباطنة ففى الظاهر السماوات حجب تحول بيننا وبين المنازل العالية، وعلى القلوب أغشية وأغطية كالمنية والشهوة، والإرادات الشاغلة، والغفلات المتراكمة.
أمّا المريدون فإذا أظلّتهم سحائب الفترة، وسكن هيجان إرادتهم فذلك من الطرائق التي عليهم.
وأما الزاهدون فإذا تحرّك بهم عرق الرغبة انفلّت «١» قوة زهدهم، وضعفت دعائم صبرهم، فيترخّصون بالجنوح إلى بعض التأويلات، فتعود رغباتهم قليلا قليلا، وتختلّ رتبة عزوفهم، وتنهدّ دعائم زهدهم، وبداية ذلك من الطرائق التي خلق فوقهم.
وأما العارفون فربما تظلّهم فى بعض أحايينهم وقفة فى تصاعد سرّهم إلى ساحات الحقائق.
فيصيرون موقفين ريثما يتفضّل الحقّ- سبحانه- عليهم بكفاية ذلك فيجدون نفاذا، ويرفع عنهم ما عاقهم من الطرائق.
وفى جميع هذا فإنّ الحقّ سبحانه غير غافل عن الخلق، ولا تارك للعباد.
قوله جل ذكره:
[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ١٨]
وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨).

(١) انفلّ السيف- انثلم حدّه، وانفلّ القوم- انهزموا.

صفحة رقم 572
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية