آيات من القرآن الكريم

وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌ

الإيجاد والإحياء والرزق، وهم الذين يبادرون إلى أداء التكاليف التي كلف الله بها عباده بعد أن أصبحوا قادرين على تحمل التكليف، ثم لا بد من مجيء يوم القيامة والبعث بعد الموت لتسلم الجائزة الكبرى على العمل الصالح، ومجازاة المؤمنين بالجنة، وعقوبة الكافرين بالنار.
روى ابن أبي شيبة في مسنده أن ابن عباس استنبط شيئا من هذه الآية، فقال لعمر حين سأل مشيخة الصحابة عن ليلة القدر، فقالوا: الله أعلم فقال عمر: ما تقول يا ابن عباس؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى خلق السموات سبعا، والأرضين سبعا، وخلق ابن آدم من سبع، وجعل رزقه في سبع، فأراها في ليلة سبع وعشرين، فقال عمر رضي الله عنه: أعجزكم أن تأتوا بمثل ما آتى هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه.
أراد ابن عباس بقوله: «خلق ابن آدم من سبع» مراحل خلق الإنسان المفهومة من هذه الآية، وبقوله: «وجعل رزقه في سبع» قوله: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا، وَعِنَباً وَقَضْباً، وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا، وَحَدائِقَ غُلْباً، وَفاكِهَةً وَأَبًّا السبع منها لابن آدم، والأب: العشب للأنعام، والقضب: البقول، وقيل هو للأنعام.
- ٢- خلق السموات وإنزال الأمطار وتسخير الأنعام
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٧ الى ٢٢]
وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١)
وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢)

صفحة رقم 22

الإعراب:
وَشَجَرَةً معطوف بالنصب على جَنَّاتٍ أي فأنشأنا لكم به جنات وشجرة تخرج من طور سيناء.
وسَيْناءَ ممنوع من الصرف للتأنيث ولزومه، أي للعلمية والتأنيث، أي تأنيث البقعة.
وتَنْبُتُ بِالدُّهْنِ من قرأ بفتح التاء جعل الباء للتعدية، ومن قرأ بالضم جعله من أنبت وفي الباء ثلاثة أوجه: التعدية، وتكون أنبت بمعنى نبت، أو تكون زائدة لأن الفعل متعد بالهمزة، أو تكون للحال، ومفعوله محذوف، أي تنبت ما تنبت ومعه الدهن.
البلاغة:
سَبْعَ طَرائِقَ استعارة، شبهت السموات بطبقات النعل لأنه طورق بعضها فوق بعض، كمطارقة النعل، وكل شيء فوقه مثله، فهو طريقة.
وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ في تنكير ذَهابٍ إيماء إلى كثرة طرقه، ومبالغة في الإبعاد به.
المفردات اللغوية:
سَبْعَ طَرائِقَ أي سبع سموات، والطرائق: جمع طريقة سميت بذلك لأنه طورق بعضها فوق بعض، مطارقة النعل، وكل ما فوقه مثله فهو طريقة، أو لأنها طرق الملائكة. وقيل:
المراد بالطرائق: الأفلاك لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها. والأول أصح، قال الخليل والزجاج: وهذا كقوله: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً [نوح ٧١/ ١٥] وقوله:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ، وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ.. [الطلاق ٦٥/ ١٢] الآية، أي فالطرائق والطباق بمعنى واحد.

صفحة رقم 23

وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ أي المخلوقات التي منها السموات السبع غافِلِينَ مهملين أمرها، بل نحفظها من الزوال والاختلال، وندبر أمرها حتى تبلغ منتهى ما قدّر لها من الكمال، بحسب الحكمة والمشيئة الإلهية، وهذا كقوله تعالى: وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الحج ٢٢/ ٦٥].
وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً السماء هنا: السحاب بِقَدَرٍ أي بمقدار معلوم، وهو مقدار كفايتهم فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ أي جعلناه ثابتا مستقرا فيها ذَهابٍ بِهِ أي على إزالته، إما بتغويره في الأرض بحيث يتعذر إخراجه، أو بتغيير صفة المائية إلى عنصر آخر لَقادِرُونَ أي كما كنا قادرين على إنزاله، وحينئذ يموتون مع دوابهم عطشا مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ هما أكثر فواكه العرب لَكُمْ فِيها في الجنات وَمِنْها تَأْكُلُونَ أي ومن الجنات تأكلون ثمارها وزروعها، صيفا وشتاء.
وَشَجَرَةً أي وأنشأنا شجرة هي شجرة الزيتون طُورِ سَيْناءَ جبل موسى بين مصر وأيلة، وقيل: إنه بفلسطين، فهو جبل الطور الذي ناجى فيه موسى ربه، ويسمى طور سينين أيضا وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ معطوف على الدهن، أي إدام يصبغ فيه الخبز أي يغمس فيه للائتدام، وهو زيت الزيتون.
الْأَنْعامِ الإبل والبقر والغنم لَعِبْرَةً عظة تعتبرون بها مِمَّا فِي بُطُونِها أي اللبن مَنافِعُ كَثِيرَةٌ من الأصواف والأوبار والأشعار وغير ذلك وَمِنْها تَأْكُلُونَ أي من الأنعام تأكلون، فتنتفعون بأعيانها عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
أي في البر والبحر.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى النوع الأول من دلائل قدرته وهو خلق الإنسان، أتبعه بذكر أنواع ثلاثة أخرى من تلك الدلائل وهي خلق السموات السبع، وإنزال الماء من السماء وتأثيره في إنبات النبات، ومنافع الحيوانات وهي هنا أربعة أنواع: الانتفاع بالألبان، وبالصوف، وباللحوم، وبالركوب، وذلك كله مما يحتاج إليه الإنسان في بقائه.

صفحة رقم 24

التفسير والبيان:
خلق السموات:
وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ أي تالله لقد خلقنا فوقكم يا بني آدم سبع سموات طباقا، بعضها فوق بعض، وهي أيضا مسارات الكواكب.
وكثيرا ما يقرن الله تعالى خلق السموات والأرض، مع خلق الإنسان، كما قال تعالى: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر ٤٠/ ٥٧] وهكذا في أول سورة السجدة الم التي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ بها في صبيحة يوم الجمعة، في أولها خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، ثم بيان خلق الإنسان، وفيها أمر المعاد والجزاء.
ونظير الآية كما تقدم: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً [نوح ٧١/ ١٥] وقوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ، يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً [الطلاق ٦٥/ ١٢].
وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ أي وما كنا مهملين أمر جميع المخلوقات التي منها السموات، بل نحفظها لكفالة بقائها واستمرارها، ونحن نعلم كل ما يحدث فيها من صغير أو كبير، كما قال تعالى: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد ٥٧/ ٤] وقال سبحانه: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ، وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام ٦/ ٥٩].
المطر والنبات:
وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ أي وأنزلنا من

صفحة رقم 25

السحاب مطرا بقدر الحاجة والكفاية للشرب والسقي، لا كثيرا يفسد الأرض والعمران، ولا قليلا لا يكفي الزرع والثمار، حتى إن الأراضي التي تحتاج ماء كثيرا لزرعها، ولا تحتمل تربتها إنزال المطر عليها، يساق الماء إليها من بلاد أخرى، كأرض مصر التي يقال لها: الأرض الجرز، يأتي حاملا معه الطين الأحمر «الغرين» من بلاد الحبشة، فيستقر الطين فيها للزراعة فيه، فتغطي الرمال به، وهي ما يغلب في تلك الأرض.
وجعلنا الماء إذا نزل من السحاب يستقر في الأرض، وجعلنا في الأرض قابلية له، فيتغذى به ما فيها من الحب والنوى، ومنه تنبع الأنهار والآبار.
وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ أي ولو شئنا إزالته وتصريفه عنكم وتغويره لفعلنا، كما أنا قادرون على إنزاله. وكذلك لو شئنا لجعلناه ملحا أجاجا لا ينتفع به في الشرب والسقي، ولو شئنا ألا يمطر السحاب لفعلنا، ولو شئنا أن يبقى على سطح الأرض لفعلنا، ولكن لرحمتنا ولطفنا بكم أسكناه في الأرض بمثابة خزانات، لتأخذوا منه عند الحاجة، وتسقوا به زرعكم وثماركم وأنفسكم ودوابكم، وتنتفعوا به بسائر وجوه الانتفاع من غسل وتطهر وتنظيف وتبرد ونحو ذلك.
فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ أي فأخرجنا لكم بما أنزلنا من السماء جنات أي بساتين وحدائق ذات بهجة أي ذات منظر حسن، وفيها النخيل والأعناب، وهذا أغلب فواكه العرب.
لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ أي لكم في الجنات فواكه متنوعة كثيرة، من جميع الثمار، عدا النخيل والأعناب، وتأكلون من ثمار الجنات وتنتفعون بها، وترزقون وتتعيشون.
وقوله: وَمِنْها تَأْكُلُونَ كأنه معطوف على شيء مقدر، تقديره:

صفحة رقم 26

تنظرون إلى حسنه ونضجه، ومنه تأكلون.
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ.. أي وأنشأنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت في جبل الطور، وتأتي بالدهن وهو الزيت، وتتخذ إداما ينتفع به الآكلون بالدهن والاصطباغ.
روى الإمام أحمد عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كلوا الزيت وادّهنوا به، فإنه من شجرة مباركة» ورواه الترمذي عن عمر رضي الله عنه.
أحوال الأنعام:
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً أي وإن لكم أيها الناس في خلق الإبل والبقرة والغنم وما فيها من المنافع لعظة تعتبرون بها ونعمة تستحق الشكر والتقدير والاستدلال على قدرة الله تعالى، بتحويل الدم المتولد من الغداء في الغدد إلى لبن طيب سائغ شرابه، كامل التغذية. وتلك المنافع كثيرة ذكر منها هنا أربعة أنواع هي:
١- نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها أي تشربون من ألبانها الخارجة من بين فرث ودم، وتتخذون منها السمن والجبن وغير ذلك، وتنتج لكم الحملان.
٢- وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ أي وتستفيدون من أصوافها وأوبارها وأشعارها، وتتخذون منها الملابس والفرش.
٣- وَمِنْها تَأْكُلُونَ أي وتأكلون من لحومها بعد ذبحها، فتنتفعون بها حية وبعد الذبح.
٤- عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
أي وتركبون ظهورها وتحملون عليها الأحمال الثقال إلى البلاد والبقاع النائية، كما تنتفعون بالسفن، كما قال تعالى:

صفحة رقم 27

وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [النحل ١٦/ ٧] وقال سبحانه: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً، فَهُمْ لَها مالِكُونَ، وَذَلَّلْناها لَهُمْ، فَمِنْها رَكُوبُهُمْ، وَمِنْها يَأْكُلُونَ، وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ، أَفَلا يَشْكُرُونَ [يس ٣٦/ ٧١- ٧٣].
والامتنان بهذه النعم الجليلة بقصد الإرشاد إلى الخالق، والتعرف على قدرة الله تعالى.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- استنبط الإمام الرازي من الآية الأولى في خلق السموات ستة أحكام هي:
أ- أنها دالة على وجود الإله الصانع، فإن تحول الأجسام من صفة إلى صفة أخرى مغايرة للأولى يدل على أنه لا بد من محول ومغير.
ب- أنها تدل على فساد القول بالطبيعة لأن الطبيعة تقضي ببقاء الأشياء على حالها وعدم تغيرها، فإذا تغيرت تلك الصفات، دل على احتياج الطبيعة إلى خالق وموجد.
ج- تدل على أن المدبر قادر عالم لأن الجاهل لا يصدر عنه هذه الأفعال العجيبة.
د- تدل على أنه تعالى عالم بكل المعلومات، قادر على كل الممكنات.
هـ- تدل على جواز الحشر والنشر لأنه لما كان تعالى قادرا عالما، وجب أن يكون قادرا على إعادة تركيب الأجزاء كما كانت.

صفحة رقم 28

وأن معرفة الله تعالى يجب أن تكون استدلالية لا تقليدية، وإلا لكان ذكر هذه الدلائل عبثا «١».
٢- دلت الآية الثانية في إنزال المطر على نعمة عظمي تستحق التقدير هي الماء الذي هو حياة الأبدان ونماء الحيوان، فالماء في نفسه نعمة، وهو أيضا سبب لحصول النعم من إنبات النبات، وسقي الإنسان والحيوان.
والمراد بماء السماء المنزل المختزن وغير المختزن: هو الماء العذب غير الأجاج المالح.
وإنزال الماء بقدر، أي على قدر مصلح موافق للحكمة والحاجة لأنه لو كثر أهلك، كقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ، وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر ١٥/ ٢١].
وقوله: وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ أي الماء المختزن في الأرض:
تهديد ووعيد، أي في قدرة الله إذهابه وتغويره، ويهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم، كقوله تعالى: قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ [الملك ٦٧/ ٣٠] وغورا: أي غائرا.
وكل ما نزل من ماء السماء مختزنا أو غير مختزن هو طاهر مطهر، يغتسل به ويتوضأ منه.
٣- من آثار الماء جعله سبب النبات، فهو ينبت أشرف الثمار، وهي الرطب والأعناب، وينبت غير ذلك من الفواكه، ولا فرق في الفاكهة بين الطري واليابس.
وبالماء تنبت الأشجار، ومن أبرك الأشجار ما ذكر في الآية وهو شجرة

(١) تفسير الرازي: ٢٣/ ٨٨

صفحة رقم 29
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية